مصطفى المتوكل الساحلي
بعد كل انتخابات تطرح اسئلة على مكونات المشهد السياسي كما تطرح على الدولة في علاقة بالترشيحات المقدمة بشكل فردي أو اللائحة تهم الأهلية المعرفية والتجربة والخبرة ،، والقدرة على التأقلم المطلوب للقيام بالمهام الانتدابية باحترام للديموقراطية و التشريعات الجاري بها العمل والاجتهاد الذي ييسر التغلب الممكن على الاكراهات والمشاكل المتعلقة بمعالجة الاختلالات الناجمة النقص والعجز في الموارد المالية والموارد البشرية المتخصصة ، والتجاوز المرن للمعيقات والتعقيدات الادارية والقانونية التي تعطل أحيانا مسار الملفات والبرامج …
وما يسري على المنتخبين يسري على السلطات المحلية بمختلف رتبهم والذين يطلب وينتظر منهم توفير كل ظروف وآليات إنجاح مهام المنتخبين دون تداخل في السلط بشكل يتسبب في تحجيم وإضعاف مكانة ودور المنتخب …
وهنا نتساءل مادور الأحزاب بعد تشكل مكاتب وهياكل المؤسسات المنتخبة تجاه مرشحيها ومرشحاتها الذين أصبحوا منتخبين ومنتخبات ، والذين يتركون تائهين دون مواكبة و تأطير سياسي وفكري ييسر تنزيل تصورات وبرامج انتخابية التزمت بها الأحزاب للعمل على تحقيق تنمية وتطور محلي ؟
كما نتساءل عن كيفية تدبير وزارة الداخلية والجهات لبرامج التكوين والتأطير الخاص بالمنتخبين والمنتخبات التي لايجب أن تحصر في لقاءات ودورات تلقينية نظرية ، بل يفترض أن تكون مستمرة يوميا ومكانيا بمواكبة لفعاليتهم على الأقل طوال أشهر السنة الاولى من تسييرهم وبعد ذلك تصبح دورية بما يحصن وينجح الجماعات في أدوارها الدستورية ومهامها القانونية ترابيا ، ولتجنب الوقوع في تضييع الزمن الانتدابي وتعطيل البرامج والمخططات لاعتبارات نابعة عن الجهل بالمهام أو الكيدية السياسوية …
لهذا يجب أن تخضع وتحترم الجماعات الترابية والسلطات المحلية اختصاصاتهما ، وعليهم التحصن بواجب التحفظ في أعمالهم وتصريحاتهم وتدخلاتهم وتدبيرهم وعلاقاتهم بما يحقق المصداقية والنزاهة والحيادية ، وعليهم الامتناع الكلي عن تضارب المصالح بين الشخصي والعائلي والسياسي والمصلحة العامة ،
ينص الفصل 1 من الدستور المغربي على أن : (نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية. – يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط ، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة. – تستند الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي.- التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لا مركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة.)..
إن السلطات الادارية الحكومية والأمنية مهامها تأطيرية وتنظيمية وتنموية ترابيا ببعد وطني كل في مجالات تخصصه ، بحيادية إيجابية في علاقاتها مع الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني والمواطنين والمواطنات ، ليكسبها ذلك مصداقية وموضوعية وشفافية في ميادين التخصص والعمل ، و لتكون قراراتها وعلاقاتها العامة والخاصة منسجمة مع عدالة ونزاهة أعمالها المحققة لاطمئنان الجميع وقاطعة أفقيا وعموديا مع كل ما يمس ويخل بدورها الكبير المحدد دستوريا وقانونيا ، ..
وهنا بطبيعة الحال يطرح موضوع السلطة المحلية التي تصبح أحيانا هي واجهة الإدارة الترابية باعتبارها تابعة لوزارة الداخلية بمهامها الموثقة تشريعيا و التي تضع ضوابط بينها وبين المؤسسات المنتخبة التي تتكون في غالبيتها العظمى من ممثلين لأحزاب سياسية تقدمت للانتخابات ببرامج والتزامات وتتحمل تبعا لذلك كل نتائج تسييرها وتدبيرها إيجابا أو سلبا ، وتخضع لرقابة وافتحاص من المؤسسات المختصة التي لا تقبل البثة أي دفع من المنتخبين الذين يقولون هذا بأمر من السلطة أو باتفاق وتشاور شفهي معها … ، وهنا لابد من انتباههم كي لايقحموا أنفسهم في ممارسة اختصاصات مؤسسات أخرى .. وأن لا يحلوا محل المنتخبين بسبب عدم إلمامهم بالتشريعات الجاري بها العمل و صعوبة اتخاذ القرارات وتعليلها وتنزيلها التي يؤطرها القانون التنظيمي للجماعات الترابية والتشريعات المتكاملة معه ..، مع تجنب الحلول محلها بإعطاء وإملاء الأوامر والقرارات الشفهية مما يقزم دور المنتخبين سواء كانوا بمكتب المجلس أو مستشارين ومستشارات بما يعطي صورة وانطباعا عند الناس بأن السلطة المحلية فوق سلطة المنتخب و”وصية” على قراراته وأعماله وتدبيره ،
لهذا فتكريس ثقافة أن السلطة منفردة هي صاحبة القرار في تقديم أجوبة على أسئلة أو طلبات أو شكايات الساكنة أو جمعياتها .. فيه إضرار بمصداقية القانون و المؤسسات المنتخبة ، وفيه إساءة للآليات الادارية للدولة في علاقة بإدارة مرافق القرب الترابية التي تقوم مقام الدولة وفق الاختصاص والمهام بالأدوار المنوطة بها في إطار من التكامل والتعاون والتشارك ..
نص الفصل 6 من الدستور على أن : (القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له…)
إن تدبير زمن المؤسسات ترابيا هو تدبير للزمن العمومي للحكومات والدولة ، فبقدر ما يحترم رجال السلطة وممثلي القطاعات الحكومية والمنتخبين اختصاصاتهم ويحرصون على تنزيلها بعدالة قانونية وحكامة إدارية بقدر ما يتقوى البناء الديموقراطي وترتفع درجات مصداقية دولة المؤسسات التي عرفها الدستور المغربي بانسجام مع حقوق الانسان كماهي متعارف عليها عالميا ..
ينص الفصل 145. (يمثل ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات، السلطة المركزية في الجماعات الترابية. – يعمل الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية . – يساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس الجهوية ، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية. – يقوم الولاة والعمال، تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، ويسهرون على حسن سيرها).
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي “الملاحظ جورنال” وإنما عن رأي صاحبها