بقلم البراق شادي عبد السلام .
ديبلوماسة الإنفعال و الإستفزاز و الكيد التي تنتهجها الجزائر في القمة العربية و محاولاتها الفاشلة لتهميش الدور المغربي سيضيع على الدول العربية فرصة تاريخية أخرى لتحصين الموقف العربي المشترك في ظل تحديات جيوستراتيجية عالمية عالية المخاطر ممثلة في التداعيات المدمرة لجائحة كورونا و الحرب الأوكرانية و إزدياد حدة الإستقطاب الدولي بين كل القوى الفاعلة الدولية .
هدم العمل العربي المشترك بمعاول إيرانية تتحمل مسؤوليته الجزائر التي عاكست الإجماع العربي على إدانة التوجهات الصفوية لنظام الملالي و التدخلات المتكررة لعمائم قم في الشأن الداخلي للعديد من الدول العربية .
كل الأخبار الواردة من إلإجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب و إمعان الجزائر في كسر الأعراف البروتوكولية من طرف البلد المضيف بإعتبار المملكة المغربية دولة فاعلة في العديد من الملفات العربية المشتركة كالقضية الفلسطينية و الأمن العربي المشترك و تحرشات إيران بالأمن القومي لعدد من الدول و التدخلات التركية في الدول العربية تؤكد أن الجزائر مصرة على إتباع طريق خاطئ في تعاطيها مع القضايا العربية و تريد إدخال التوازنات العربية في مسار لا تتحمله طبيعة العلاقات البينية العربية – العربية .
مالم يتسطع تجاوزه الفاعل الديبلوماسي الجزائري هو أن الحضور القوي للديبلوماسية المغربية في القضايا العربية هو جزء أساسي من الإستراتيجية المغربية لتحصين أمنها القومي و الحفاظ على المصالح العليا للشعب المغربي .
ما لم يفهمه العقل الميكانيكي التقني الجزائري أن المعادلة الأمنية و السياسية في الخليج و معها العالم العربي لا تستقيم إلا بضمانات من الرباط حيث يعتبر الأمن الخليجي المملكة المغربية ضرورة إستراتيجية لمواجهة الخطر الإيراني المتصاعد و الدليل هو الموقف المغربي الحاسم و الصارم أمام التحرشات الإيرانية في مملكة البحرين الشقيقية بعد التصريحات اللامسؤولة التي تمس سيادتها و أمنها ثم الكشف بالأدلة الملموسة على المخطط الإيراني الخبيث لتسليح ميليشيا البوليساريو الإرهابية بأسلحة نوعية مضادة للطائرات ثم طائرات مسيرة إيرانية بدعم لوجيستيكي من الحرس الثوري الإيراني و ميليشيا حزب الله الإرهابية و بتمويل جزائري .
كذلك لا يجب تناسي الدور المغربي في حرب الخليج الثانية و الإصطفاف الواضح ضد النزعات التوسعية لنظام البعث في العراق الحليف الموضوعي للنظام البومديني في الجزائر و نظام القذافي البائد في ليبيا و نظام علي عبد الله صالح البائد في اليمن .
محاولة النظام الجزائري تهميش الدور المغربي المحوري في القضايا العربية المشتركة هو خدمة للمخططات التخربيية الإيرانية التي تستهدف العالم العربي من الخليج إلى المحيط عن طريق غض الطرف على التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية للعديد من الدول العربية و مساندة الإرهاب وتدريب الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة النعرات الطائفية، ومواصلة التصريحات على مختلف المستويات لزعزعة الأمن والنظام والاستقرار، بتمويل من الحرس الثوري الإيراني وذراعه حزب الله الإرهابي .
البيان الختامي بشكل تلقائي سيعتمد على مخرجات قرارات مجلس الجامعة العربية في الدورة 158 حيث عقدت على هامشه إجتماعات لأهم ثلاث لجان وزارية تناقش الامن القومي العربي المشترك و هي :
▪️الاجتماع الثامن عشر للجنة الوزارية العربية الرباعية المعنية بمتابعة تطورات الأزمة مع إيران وسبل التصدي لتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية بعضوية السعودية و مصر و الإمارات و مملكة البحرين و الأمين العام للجامعة العربية .
▪️ الاجتماع الخامس للجنة العربية الوزارية المعنية بمتابعة التدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربيةالمكونة من الأمين العام و جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والمملكة العربية السعودية .
▪️الاجتماع الخامس للجنة الوزارية العربية المعنية بالتحرك لوقف الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة بعضوية السعودية – الجزائر – فلسطين – قطر – مصر – المغرب – تونس – الإمارات – والأمين العام لجامعة الدول العربية .
إنتهت إجتماعات هذه االجان بقرارات تزعج التحالف الإيراني / الجزائري و مخططات إيران التخريبية و كذا الجهود الحثيثة للجزائر من أجل التشويش على الدور المغربي في القضية الفلسطينية في ما يلي ثلاث قرارات مهمة تصيب الخارجية الجزائرية بحالة من الإحباط :
– القرار رقم 8802 للدورة 158 حول التدخلات التركية في الشأن العربي يدين التدخلات في الأمن القومي الليبي و كل المحاولات التي تستهدف الوحدة الترابية ل ليبيا حيث تتقاطع في الملف الليبي الأطماع التركية مع محاولات التدخلات الجزائرية و قصة الخط الوهمي الجزائري في طرابلس و تهديد الرئيس الجزائري بالتدخل عسكريا بليبيا في إنتهاك صارخ لسيادتها حيث أن التوافق الجزائري التركي في الملف الليبي يعاكس إتقاقات الصخيرات التي تعتبر الإطار المرجعي للحل السياسي في ليبيا و الذي ترعاه المملكة المغربية و تديره بإقتدار كبير و هذا ما يزعج بشده الجزائر .
– القرار 8787 و 8788 حول متابعة التطورات السياسية للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وتفعيل مبادرة السلام العربية. و التطورات والانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة فإن هذا القرارين و البيان الختامي ينص صراحة على إشادة وزراء الخارجية العرب بما فيهم وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة بالجهود المتواصلة التي يبذلها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، من أجل الدفاع عن القدس الشريف، والتنويه بالمشاريع التي تنجزها وكالة بيت مال القدس الشريف، الذراع التنفيذية للجنة تحت إشراف جلالته، لتثبيت المقدسيين فوق أرضهم ودعم صمودهم.
– القرار رقم 8808 بشأن التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية و الذي يتقاطع مع السياسات العلنية و السرية للنظام الجزائري الذي يتواطئ بشكل مكشوف مع نظام الملالي في طهران للإضرار بالأمن القومي العربي المشترك عن طريق التنسيق مع الحرس الثوري الإيراني لتسليح و تدريب ميليشيا البوليساريو الإرهابية و التهديد بإستهداف الأراضي المغربية إنطلاقا من تندوف السليبة في الجزائر بأسلحة إيرانية .
كل هذه القرارات التي ستعتمد بشكل تلقائي في البيان الختامي للقمة تحت هي بالضرورة لا تتماشى مع التوجه العام لديبلوماسية البنادق العالية التي تنتهجها الجزائر من أجل بسط خطابها الوهمي و عنترياتها البومدينية التوسعية على المنطقة .
العديد من القضايا العربية المشتركة يجب الإنكباب عليها بشكل جدي و مناقشتها بدل التوقف في مهاترات ديبلوماسية و مواقف طفولية سياسية كتحصين الامن القومي و تعزيز فرص السلام والأمن الغذائي و التغير المناخي و الأمن المائي تطوير سبل التعاون البيني بين الدول و الشعوب العربية .
الإعلام الجزائري المأجور أراد إستغلال الفرصة ليروج للأكاذيب و التضليل و الفذلكات حول قضية الوحدة الترتبية للمملكة و آخر سقطاته المفضوحة هو إدعاء قناة جزائرية لشراكتها بالجامعة العربية و ترويجيها عمدا لخريطة مشوهة للعالم العربي تمس السيادة المغربية مما إستدعى تدخل صارم مغربي للسيد وزير الخارجية ناصر بوريطة ليكون الرد العربي المشترك صياغة بيان يؤكد على الوحدة الترابية للملكة المغربية إنطلاقا من الجزائر العاصمة في صفعة سياسية عربية كبرى للنظام الجزائري .
فالمواقف العربية إزاء قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية هي ثابتة تكرسها قرارات واضحة و تمثيليات ديبلوماسية في الأقاليم الجنوبية لاكثر من دولة عربية فاعلة و وازنة .
المغرب ينتهج ديبلوماسية الرد الإستراتيجي يرافقه ثبات إنفعالي و هدوء في تصريف المواقف و هو ما تُرجِم في كمِّ اللقاءات الثنائية اللقاءات الثنائية للسيد ناصر بوريطة مع أغلب رؤساء الوفود العربية المشاركة كدليل على نجاح الإستراتيجية الديبلوماسية المغربية إزاء الدول العربية الشقيقية و تكريس للعلاقات المتميزة التي يحرص جلالة الملك محمد السادس على الحفاظ على أواصر المحبة و الإخاء معها في تجاوز لمواقف ظرفية أو صراعات سياسية عابرة .