أربع سنوات من حكومة أخنوش… من وعود الازدهار إلى انفجار غضب الشارع بقيادة جيل Z
لم يعد الغضب الشعبي في المغرب مجرد حالات معزولة أو مطالب قطاعية محدودة، بل تحول إلى موجة متصاعدة يقودها جيل Z الذي قرر أن يترجم إحباطاته إلى احتجاجات عارمة في مختلف المدن. هذا الجيل الذي وُصف لسنوات بأنه منشغل بعوالمه الافتراضية وموسيقى التيك توك، بات اليوم في صدارة المشهد الاحتجاجي، مطالباً بما كان يفترض أن يكون بديهياً: تعليم جيد، صحة تحفظ الكرامة، وفرص عمل توقف نزيف الهجرة واليأس.
حكومة الوعود المؤجلة
منذ تشكيل حكومة عزيز أخنوش سنة 2021، بُشِّر المغاربة بمرحلة ازدهار، غير أن الواقع سرعان ما كشف عكس ذلك. أربع سنوات فقط كانت كافية ليتضح أن الوعود الانتخابية لم تكن سوى شعارات، فيما تراكمت الأزمات الاجتماعية بشكل غير مسبوق. فقد تراجعت الثقة في قدرة الحكومة على الإصلاح، وتحولت وعود “الدخل الكريم” و”الصحة للجميع” إلى عناوين فارغة في أعين المواطنين.
انهيار الخدمات العمومية
أكبر إخفاقات الحكومة برزت في قطاعي الصحة والتعليم. فالمستشفيات لم تعد قادرة على تلبية أبسط الحاجيات، والمدرسة العمومية غارقة في أزمة عميقة أنتجت المزيد من الفوارق والتهميش. تعيين وزراء بعيدين عن هذه القطاعات الحساسة لم يزد الوضع إلا سوءاً، ليجد المغاربة أنفسهم أمام واقع يفرض عليهم إما تحمل المعاناة أو الهروب نحو البدائل الخاصة المكلفة.
مشاهد صادمة زادت الاحتقان
صورة الحكومة بدت منفصلة تماماً عن واقع المواطنين. فبينما كان شباب مغاربة يخاطرون بحياتهم لعبور البحر أو أسوار سبتة المحتلة، ظهر وزراء الحزب الحاكم في حفلات غناء ورقص. ومع زلزال الحوز الذي خلف مآسي إنسانية، تحدث رئيس الحكومة عن “وفرة الرمان”، في مشهد اعتُبر رمزاً للانفصال بين الخطاب الرسمي والواقع المأساوي. أما ظهوره الإعلامي الأخير، فقد جاء فارغاً من أي أجوبة مقنعة، مما أجج الغضب الشعبي بدل تهدئته.
الشارع كمرآة للفشل
من احتجاجات رجال التعليم وطلبة الطب، إلى مسيرات القرى المهمشة، وصولاً إلى غضب جيل Z، أصبح الشارع المغربي مرآة واضحة لفشل الحكومة في تقديم حلول. البطالة الخانقة، انسداد الأفق أمام الشباب، وانهيار الخدمات العمومية كلها أسباب جعلت الاحتجاجات تتواصل دون توقف منذ 2021.
المؤسسة الملكية كملاذ أخير
في ظل هذا الانسداد، يبقى أمل المغاربة معقوداً على تدخل المؤسسة الملكية لوقف النزيف الاجتماعي وفتح أفق جديد. فالتجارب السابقة أظهرت أن القرارات الجريئة للملك محمد السادس حفظه الله كانت دوماً قادرة على إعادة التوازن حين تعجز الحكومات عن مواجهة التحديات.
المغرب تحت أعين العالم
احتجاجات جيل Z وضعت المغرب تحت مجهر الإعلام العربي والدولي، الذي سلط الضوء على الشارع الغاضب، مقدماً صورة بلد خرج من “الاستثناء العربي” إلى واقع يشبه ما تعرفه عدة دول في المنطقة.
اليوم، وبعد أربع سنوات من ولاية أخنوش، أصبح واضحاً أن الحكومة لم تنجح في احتواء الأزمات، وأن جيل Z بانتفاضته بعث رسالة قوية: الحقوق الأساسية لم تعد مجالاً للتسويف السياسي، بل قضية حياة بكرامة.