حملة حازمة بجهة الدار البيضاء سطات: هدم المستودعات العشوائية يكشف سنوات من الفوضى والاختلالات

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

تشهد جهة الدار البيضاء سطات خلال الأيام الأخيرة حملة غير مسبوقة تهدف إلى استعادة هيبة القانون ووضع حدٍّ للفوضى العمرانية والاقتصادية التي ترسخت على مدى سنوات طويلة، وذلك عبر عملية واسعة لهدم المستودعات غير القانونية المنتشرة في عدد من مناطق الجهة.

الحملة التي أُطلقت بتعليمات مباشرة من والي الجهة، محمد امهيدية، تعكس تحولًا نوعيًا في أسلوب تدبير الشأن الترابي، وتجسد إرادة سياسية واضحة لإعادة النظام والانضباط إلى واحدة من أكثر الجهات حيوية وحساسية في المملكة.

وتتركز عمليات الهدم بشكل خاص في إقليم النواصر، ولاسيما بمنطقتي بوسكورة والمكانسة، حيث انتشرت مستودعات تم تشييدها خارج الإطار القانوني واستُغلت لسنوات في أنشطة تخزين وتوزيع غير منظمة، بعيدًا عن أعين السلطات ومراقبة أجهزة التعمير.

ووفقًا لمصادر ميدانية، فقد سخّرت السلطات آليات وجرافات وشاحنات ضخمة لتنفيذ قرارات الهدم تحت إشراف أمني مشدد، ضمانًا لسير العملية في ظروف آمنة ومنضبطة، وتفاديًا لأي مواجهات محتملة. وقد شملت العملية عشرات المستودعات التي ظلت تُستخدم لتخزين مواد غذائية وكيماوية وقطع غيار السيارات دون تراخيص أو احترام لشروط السلامة.

المعطيات التي حصلت عليها الجريدة24 تكشف أن العديد من هذه المستودعات يعود تاريخ بنائها إلى أكثر من عشر سنوات، حيث استفادت من فترات تراخٍ إداري وضعف في المراقبة الحضرية، ما جعلها تتحول إلى بؤر للمخاطر الاقتصادية والاجتماعية.

ولم تقتصر التجاوزات على خرق قوانين التعمير، بل امتدت إلى مجالات أخرى، إذ تبين أن بعض هذه الوحدات استُغلت في أنشطة مخالفة للقانون، منها التهرب الضريبي وتشغيل اليد العاملة في ظروف قاسية وغير إنسانية، في غياب تام لمقتضيات مدونة الشغل ومعايير السلامة المهنية.

كما أظهرت الحملة تورط عدد من المقاولات الصغيرة والمتوسطة في استغلال هذه المستودعات لتخزين بضائعها دون ترخيص، لتفادي الرسوم والضرائب القانونية، ما تسبب في إخلال بمبدأ المنافسة الشريفة وألحق أضرارًا مالية بالخزينة العامة.

وشهدت جماعة أولاد عزوز صباح اليوم حادثًا مثيرًا، حين أقدم الرئيس السابق للجماعة على التهديد بالانتحار حرقًا احتجاجًا على شروع السلطات في هدم مستودعات يملكها، بدعوى أن ملفه لا يزال قيد التسوية أمام المحكمة الإدارية. وقد تدخلت عناصر الأمن والدرك الملكي والوقاية المدنية بسرعة لاحتواء الوضع ومنع وقوع مأساة.

من جهتها، تؤكد السلطات المحلية أن جميع المستودعات المعنية بقرارات الهدم أُنشئت دون تراخيص قانونية، وأن العملية تدخل في إطار تطبيق القانون بشكل صارم وشفاف دون تمييز أو استثناء.

ويرى المتتبعون أن هذه الحملة تندرج ضمن رؤية وطنية شاملة لترسيخ دولة القانون ومحاربة العشوائية العمرانية، خصوصًا في ظل استعداد المغرب لاحتضان كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، مما يتطلب مدنًا منظمة تواكب طموح المملكة التنموي.

وتُعد هذه العملية منعطفًا مهمًا في مسار إصلاح المنظومة العمرانية والاقتصادية بجهة الدار البيضاء سطات، ورسالة واضحة مفادها أن زمن التساهل مع المخالفات قد انتهى، وأن الدولة عازمة على بناء فضاء حضري منظم وآمن يليق بصورة المغرب الحديثة والمستقبلية.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.