تمخض عن تراجع قوات الجيش الوطني الليبية الموالية للواء المتقاعد “خليفة حفتر” في السيطرة على العاصمة الليبية “طرابلس”، بعد دخول مدينة “الزاوية” الساحلية دون إطلاق نار، هيأ له الإتفاق الذي توصلت إليه قوات حفتر مع قادة الميليشيات المحلية، الخميس 4 أبريل هذه السنة 2019، ومكنها من التمترس نفس اليوم غرب العاصمة، اعتماد حكومة الوفاق الوطني بالعاصمة طرابلس، الإعلان عن ترتيبين في استراتيجية الدفاع عن الغرب الليبي اشتمالا، والعاصمة طرابلس تحديدا، بعد تراجع قوات حفتر التي واجهت بمدينة الزاوية التي من خلالها تمركزت بغرب العاصمة بمقتضى الإتفاق مع الميليشيات المحلية بالمدينة، منعة ميدانية بعد أن وقع مقاتلون من القوات الموالية لحفتر أسرى لدى إحدى الفصائل، ومصادرة أسلحتهم، أمس الجمعة 5 نفس شهر السنة.
واتخذ الترتيبان اللذين أعلن عنهما ليبيا صيغة دعوتين، إحداها عبر عنها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، المهندس، فائز السراج، في الخطاب الذي وجهه أمس السبت 6 نفس شهر السنة، ورفض عبره “عسكرة” ليبيا، والإنقلاب على الإتفاق السياسي للعام 2015، والذي عول عليه ليبيا للخروج من الأزمة السياسية من خلال الملتقى الوطني المقرر إجراؤه منتصف أبريل 2019، حيث أورد القول (في أثناء استضافتنا للأمين العام للأمم المتحدة، تم نقض العهد، ومحاولة الطعن في الظهر، ونتفاجأ بتحركات عسكرية مصحوبة بخطاب تعبوي من حفتر، تعيدنا مفرداته إلى زمن الديكتاتوريات والحكم الشمولي، يتحدث فيها عن الفتوحات وتحرير مدننا وعاصمتنا من الإرهاب والمجرمين)، مرتئيا، بأن اللواء حفتر من خلال تحركه العسكري (محطمًا بذلك مساعي الليبيين والمجتمع الدولي للحل السلمي والجلوس للحوار، لا يمكن له أن يحقق من ذلك شيئًا إلا تقويض كل المساعي والجهود الرامية لحل الأزمة، وإشعال شرارة الحرب مؤذنًا بمزيد من سفكٍ للدماء.)، وفي ما جسد الخطاب الدعوة في استبصار المجتمع الدولي للفاعل في تأزيم السلم ووضعية الإستقرار اللذين بدآ يوفران بحسب تعبيره فرصة حقيقية لتحقيق الأمن بالبلاد، ومهدت لها تفاهمات وإجماع استبعاد الحل العسكري للأزمة الليبية، بالقول (وأقول للمجتمع الدولي يجب أن لا يساوي بين المعتدي ومَن يدافع عن نفسه، أو بين مَن يسعى لعسكرة الدولة والملتزم بالدولة المدنية الديمقراطية)، استنادا إلى نص الخطاب المتناقل إعلاميا.
الدعوة الثانية في إطار الترتيبين المعلن عنهما في أعقاب تراجع القوات الموالية للواء المتقاعد حفتر، جاءت من قبل وزارة الداخلية لحكومة الوفاق الوطني الليبية، تطلب من خلالها رؤساء الأجهزة والمصالح الأمنية، ووكلاء وزارة الداخلية، وآمر قوات العمليات الخاصة، بتزويدها بأسماء أفراد أمن وموظفين متعاونين مع ما وصفتهم بالجماعات المسلحة غير الشرعية، فيما تواجه قوات الوفاق هجوما من الجيش الوطني الليبي القادم من الشرق على العاصمة طرابلس، وذلك، لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد هؤلاء المتعاونين مع من تعتبرهم مجموعات خارجة عن القانون، وذلك، في غضون 72 ساعة، بحسب المصدر الإعلامي الذي أورد الخبر، وهو الترتيب الذي يتطابق مع تحذير الوعيد الذي أورده رئيس حكومة الوفاق الوطني، فائز السراج في نفس خطابه،(المتورطين والمشاركين في الأعمال التي تسببت في إزهاق الأرواح وتدمير الممتلكات العامة والخاصة بتقديمهم إلى القضاء المحلي والدولي).
إلى هذا، سبق للواء المتقاعد خليفة حفتر، أن رفض مقترح لقاء قدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يجمعه برئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج في جنيف، ضمن محاولة لاحتواء الأزمة التي عرفت تصعيدا ميدانيا مع التطورات الأخيرة التي أعرب عنها تقدم قوات حفتر تجاه طرابلس، مفضلا، الإستمرار في عملياته العسكرية التي تستهدف العاصمة، في الحين الذي قيد فيه رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج الدعوة، قبول مقترح الأمين العام للأمم المتحدة، بوقف حفتر عملياته العسكرية.