دأبا على التقاليد الإحتفائية التي ميزت عبر حقب زمنية متعاقبة حلول الربيع، وامتد ينبوع طقوس إحياؤها التي تنوقلت أجيالا في إطار ما يعرِّفه مجتمع المدينة مراكش “النزاهة” التي تنشط خلال نفس فصل كل ربيع سنة بأفنية البيوتات وعند أحواض العراصي، أقام “نادي رياض الأندلس لموسيقى الآلة” بمساهمة ” الجوق الجهوي لجهة مراكش آسفي”، السبت 6 أبريل هذه السنة 2019، سهرة “الولاعة الثالثة” و التي أطلق عليها اسم “ولاعة الربيع”.
خلال هاته السهرة التي شارك في تطبيعها أزيد من 200 ولوعا ومولعة بفن المديح والسماع اشتمالا، وفن الموسيقى الأندلسية خصوصا، والذين حثوا السير نحو المحافظة على هذا التقليد الفني، من أهل المدينة مراكش، أو من خارجها، حيث سجلت سهرة الولاعة الثالثة “ولاعة الربيع”، حضور أصوات كبيرة ألمعت إنشاد السماع وطرب الآلة، محليا ووطنيا وعربيا، ضمنها من فاس الأستاذ نور الدين الطاهري، ومن طنجة الأستاذ سعد التمسماني، ومن مراكش قيدوم فن السماع والمديح الأستاذ مولاي أحمد الإدريسي، أبدع الجمع بين الرواد والتابعين أداءا منضبطا متناغما ومتناسقا ومنسجما بين جيلين من أجيال فن المديح والسماع وطرب الآلة، حيث أتحف الجمع بينهما وأطرب بجميل النص النظمي والشعري، وبهاء التوقيع للنص الموسيقي أسماع الحضور بلبابة فن رفيع، أصيل، من شذرات ونوبات مجالس سماع الموسيقى التي تعد بابا واسعا من أدب كبير، ووجه مشرق في مرآة الوجود الثقافي و الإجتماعي للمغاربة.
اتحاد الأداء الفني من تعبيراته التي أدخلت السهرة إلى وحدة الإنشاد، أظهره الأداء لشذرات من ميزان الدرج الذي يشكل واحدا من الميازين الأربعة (4) في “نوبة الماية” التي تعد الأصعب والأطول من بين النوبات الإحدى عشرة (11)، وأحد أغراضها “الغزل”، وفي أداء شذرات من “نوبة العشاق” التي تشتمل على طبوع، طبع العشاق وطبع الذيل وطبع رمل الذيل، وهما النوبتان اللتين ألّف على منوالها شعراء طرب الآلة والنظام القصائد والمنظومات المتعلقة بالإنطلاق التعبيري في الوصف والتشبيب، وهما الأسلوبين اللذين يجعلانها الأقرب إلى موضوع “الربيعيات” الذي استدعته “ولاعة الربيع” في إطار الولاعة الثالثة التي ينظمها نادي رياض الأندلس لموسيقى الآلة، وأَبْيَنَ نادي رياض الأندلس لموسيقى الآلة بقيادة الأستاذ “بدر إيصرغين”، إلى جانب الجوق الجهوي لجهة مراكش-آسفي، عن فنية أدائية موصوفة بالقدرة على تناول نوبات فن المديح والسماع وموسيقى طرب الآلة، وأيضا، أُبِين عن هذا الإتصاف من خلال المشاركة النوعية للمجموعة الصوتية لنادي رمل الآلة بجهة مراكش-آسفي، من خلال حصة “أبطايحي رصد الذيل”، وبما يذكر، بأن نفس السهرة “ولاعة الربيع”، قدأبانت على أن المغاربة في حاجة لمن يجلي أمامهم المرآة ليرون هذا الوجه الثقافي والروحي المضييء في تراث الأمة الأدبي والموسيقي.
يشار إلى ذلك، أن أنشطة نادي رياض الأندلس لموسيقى الآلة، الثقافية والتربوية و التراثية موجهة إلى كافة فئات المجتمع دون استثناء، وذلك، ضمن مبادرة تشجيع روح التكافل و التعاون و خدمة الصالح العام، استهدافا لخدمة الثقافة التي لا تتنافى مع قيم المغاربة الوطنية والحضارية.