اتخذ المغرب خطوة فريدة باستدعائه سفير اسبانيا على إثر تعنيف الشرطة الاسبانية لقاصرين مغاربة. لكن، هذا الاستدعاء الأول من نوعه لا يعني أن هذه الحادثة هي أيضا الأولى من نوعها، بل إنها لا تمثل شيئا أمام الحادثة الذي تتهم فيه الشرطة الإسبانية بقتل القاصر المغربي إلياس الطاهيري، ومع ذلك لم يحرك المغرب ساكنا حيال ما حصل لمن وصفته وسائل إعلام عالمية بـ”فلويد المغرب” في إشارة إلى الأمريكي الذي خنقه شرطي على حد الموت.
الحكومة عبرت أمس الأربعاء عن “قلقها” للسلطات الإسبانية بشأن الوقائع ونقلت وكالة إيفي عن مصادر دبلوماسية مغربية أنه تم استدعاء السفير الإسباني في الرباط إلى مقر وزارة الخارجية. كما أوردت مصادر دبلوماسية إسبانية أن لقاء السفير الإسباني في وزارة الخارجية المغربية كان لقاء عاديا يدخل في صلب اهتماماته المعتادة.
لكن هذا الاستدعاء غير طبيعي، ويوجد ضمن سياق خاص، إذ يأتي في خضم التوتر غير المعلن بين الرباط ومدريد، وتوالي الاصطدامات بين البلدين منذ إعلان ترامب الاعتراف بالصحراء المغربية.
كما أن الاستدعاء جاء بعد أسابيع فقط من استدعاء السفيرة المغربية كريمة بنيعيش على خلفية تصريحات رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
ويربط عدد من المحللين هذ الاستدعاء بالموقف المغربي في علاقته بجارته الشمالية، والذي ترى الأخيرة أنه يميل إلى التصعيد والابتزاز كما تصفه وسائل إعلام اسبانية.
إن حادثة التعنيف تعيد إلى الأذهان ما حصل للشاب التطواني الطاهيري سنة 2019، والذي كشفت قصته المحزنة “إلباييس” الواسعة الانتشار، والتي لم تتوقف عن مواكبة تطورات القصة منذ نشرها الفيديو الصدمة الذي يظهر كيف عومل إلى أن توفي في “غرفة الموت”.
ورغم ذلك، لم تستدع الحكومة حينها سفير اسبانيا كما فعلت الآن مع فيديو تعنيف أولئك القاصرين في لاس بالماس.
وهو ما يطرح السؤال عن سر هذا “لْجيست” السريع في حالة التعنيف هذه، مقابل صمت القبور الذي كان مع الطاهيري؟ أم إن واقعة الراحل هي التي جعلت المغرب يتحرك هذه المرة ليؤكد للجانب الاسباني أن المُعنفين هناك مغاربة ليسوا من الدرجة الثانية ووجب الدفاع عن كرامتهم.