بقلم: عماد بنحيون
طفت على السطح مجددا، تداعيات معارضة العهدة الرابعة بالجزائر فأرخت بظلالها على الحياة السياسية والاقتصادية والإعلامية بهذا البلد، فربطت صحيفة الخبر الجزائرية الصراع مابين رجل الأعمال يسعد ربراب والحكومة، بمجموعة من التأويلات، لما وصل إليه الصراع من تبادل اتهامات تصب في أن كل طرف خرق القانون أو تعسف في استعماله ، نتيجة عزم الاتحاد الأوربي تنفيذ برنامج يستطيع بموجبه المصدرون من الدول الأوربية بيع 150 ألف طن من السكر الأوربي المكرر دون رسوم جمركية إلى الجزائر، وهو ما اعتبر اغراقا للسوق الجزائرية بهذه المادة الحيوية وكسرا لاحتكار تسويق السكر من قبل مجمع”سيفيتال” لمالكه يسعد ربراب، فذهبت أخطر التأويلات إلى وصف الصراع بأنه وجه من وجوه تصفية الحسابات الشخصية، لاسيما أن ربراب، “يعتبر أحد أهم رجال الأعمال القلائل الذين لم يدعموا العهدة الرابعة” وفق نفس الجريدة.
ومن جهة أخرى، راج بقوة خبر مداهمة قوات الأمن الجزائرية يوم أمس لمقر قناة الوطن الخاصة، وقامت بغلقها ومصادرة أجهزتها وممتلكاتها، بأمر من الوالي المنتدب للدائرة الإدارية لدرارية (غرب الجزائر العاصمة)، كما قام رجال الأمن بطرد الصحفيين العاملين بها، والقيام بإجراءات تفتيشية مشددة قبل مغادرتهم لمبنى القناة، بتهمة ممارسة نشاط غير شرعي وبث أفكار هدامة، وهي القناة المتهمة أيضا بمعاداة نظام بوتفليقة ودعم الإسلاميين.
وقد سبق أن أوضحت “ساسة بوست” أن في اتصال لها مع البرلماني ناصر حمدادوش أشار ” أن للقناة سجلًّا تجاريًّا تحت اسم “الوطن ميديا” وتقدمت في وقت سابق بطلب اعتماد مكتب القناة لدى وزارة الاتصال ولم يرخص لها على غرار عدد كبير من القنوات الجزائرية الخاصة التي تبث باستمرار ولم تتعرض لأي اعتراضات أو إجراءات كالتي تعرضت لها قناة الوطن اليوم. كما اتهم حمدادوش السلّطة كونها العدو الأول للحريات وحقوق الإنسان، مضيفًا: “نحن نعيش في بيئة موبوءة لا تسمح بصناعة أي قصة نجاح في كل المجالات”، متسائلا: “أين هو التضامن الإعلامي من مختلف وسائل الإعلام؟”.
كل ما سبق ذكره في كفة والإطاحة بالرجل القوي في المخابرات الجزائرية، في كفة أخرى، وهو الرجل “المتهم” من قبل أنصار العهدة الرابعة بمعارضته لها، بالرغم من أنه يعتبر صانع العهدة الثانية للرئيس بوتفليقة بعدما تخلى عن رفاقه في المؤسسة العسكرية الذين “ساندوا “علي بن فليس، وما تبعه من فقدان هذا الجهاز ، لسلطة الضبطية القضائية التي كانت تسمح له بالتحقيق في قضايا الفساد ثم فقدانه ايضا مديرية أمن الجيش وكذلك مديرية الاعلام، والإطاحة كذلك بمديري مكافحة التجسس و الأمن الرئاسي، وإلحاق هذه الأخيرة بقيادة الاركان .
ما يهم الآن ، هو هل هذا الغليان الذي تعرفه الساحة السياسية بالجزائر، هو فعلا نتيجة تصفية حسابات وضريبة التموقع السياسي، أم مرده لما يروج عن عدم قدرة الرئيس الحالي في الوصول إلىى نهاية العهدة الرابعة بسبب حالته الصحية، ويشكل تدابير ،لا محيد عنها، لصناع القرار “الحقيقين” بالجزائر لإحكام القبضة على السراديب المؤدية إلى قصر المرادية، وعزل كل ما من شأنه أن يشكل خطرا على استمرار نظام بوتفليقة بعد العهدة الرابعة.