اقترحت المفوضية الأوروبية تشديد القيود على تصدير اللقاحات ضد فيروس كورونا، بعدما اتهمت الشركة البريطانية السويدية “أسترازينيكا ” بإخلالها بعقد تزويد دول الاتحاد الأوروبي باللقاح. ولا ينص المقترح، الذي سيعرض الخميس على قادة الاتحاد، على حظر كامل للتصدير، ولكن من شأنه أن يثير التوتر مع بريطانيا. ويدعو نص المقترح إلى تقييم تصدير أي شحنة على أساس الدولة التي تتجه نحوها ونسبة التلقيح فيها وكذا صادراتها من اللقاحات. وقد فتشت الشرطة العسكرية في إيطاليا مصنعا كان يجري فيها تجهيز 29 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا. وقالت الحكومة إن المصنع يقع قرب العاصمة روما وجرى تفتيشه الأسبوع الماضي بطلب من المفوضية الأوروبية. ويرتبط المصنع بعقد مع أسترازينيكا يملأ بموجبه قنينات اللقاح ويضع عليها الملصقات، ويفعل ذلك أيضا مع لقاح جونسون أند جونسون المعتمد بدروه في دول الاتحاد الأوروبي.
وأفادت صحيفة لاستامبا الإيطالية بأن الشحنة ربما كانت موجهة إلى بريطانيا، ولكن الحكومة البريطانية قالت إنها لم تكن في انتظار وصولها. وقالت الحكومة الإيطالية إن “الشحنات كانت كلها موجهة إلى بلجيكا”.
وأوضحت شركة أسترازينيكا “أن 16 مليون جرعة منها كانت في انتظار مراقبة النوعية قبل شحنها إلى أوروبا”، بينما “كانت 13 مليون جرعة أخرى موجهة إلى برنامج كوفاكس الدولي التضامني”. وتأتي عملية التفتيش بعد أسابيع من وقف تصدير 250 ألف جرعة من لقاح أوكسفورد أسترازينيكا إلى أستراليا في إطار إجراءات الاتحاد الأوروبي الجديدة التي تسمح بتوقيف التصدير إذا لم تف الشركة بالتزاماتها تجاه الدول الأعضاء في الاتحاد.
وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، غابريال أتال، عقب اجتماع وزاري الأربعاء إن عدم وفاء أسترازينيكا بالتزاماتها باللقاحات “غير مقبول تاما”. وتهدف إجراءات الاتحاد الأوروبي الأخيرة إلى ضمان توفير اللقاحات. وعندما سئلت مفوضة الصحة في الاتحاد الأوروبي، ستيلا كيرياكيديس، ما إذا كانت الإجراءات عقابا لبريطانيا تحديدا، ردت: “نحن بصدد التعامل مع جائحة، ولا نسعى إلى معاقبة أي دولة”.
وتحاول دول الاتحاد الأوروبي تسريع حملة التلقيح وسط تصاعد عدد الإصابات، بعد عراقيل واجهتها، لأسباب من بينها تأخر وصول لقاحات أسترازينيكا، وإجراءت اعتماد اللقاحات.
وأعلنت ألمانيا إغلاقا شاملا خلال عطلة عيد الفصح ولكن المستشارة أنغيلا ميركل أخرته بعد نقاشات مع مسؤولي الأقاليم، قائلة: “هذا الخطأ مني، ولكن فعلته بحسن نية”.
وقال رئيس الحكومة الإيطالي، ماريو دراغي، الأربعاء إن بلاده أجرت 170 ألف عملية تلقيح هذا الشهر، وإنها تعتزم رفع معدل التلقيحات إلى نصف مليون. وأشاد بعدد مواقع التلقيح ونسبة الإقبال عليه في بريطانيا. وقال “علينا أن نطلب من شركات صناعة الأدوية أن تلتزم بتعهداتها على المستوى الأوروبي”، داعيا إلى نظام لتوصيل اللقاح لا يتأثر بالصدمات ولا بالقرارات الخارجية. وإيطاليا واحدة من دول الاتحاد الأوروبي التي تشهد تصاعدا في الإصابات بفيروس كورونا، حسب الاتحاد. فقد سجلت بولندا 29978 إصابة في 24 ساعة الأخيرة. وتفكر فرنسا في تمديد الإغلاق الشامل إلى الأقاليم الثلاثة المتبقية من بينها الرون.
ماذا ستفعل المفوضية الأوروبية؟
تمس إجراءات تشديد القيود الدول التي تفوقت على الاتحاد الأوروبي في نسبة التلقيح مثل بريطانيا والولايات المتحدة. أهم خصاص القيود هي: “التعامل بالمثل” و”التناسب”.
يقول الاتحاد الأوروبي إن التعامل بالمثل ينعدم إذا كانت دولة تستورد اللقاحات من الاتحاد الأوروبي وتضع قيودا على التصدير بالقانون أو بأي طريقة أخرى. وعليه فمن اللائق النظر فيما إذا كان التصدير إلى هذه الدولة مبررا.
وتأخذ الدول الأعضاء بين الاعتبار تفشي الفيروس في الدولة خارج الاتحاد ونسبة التلقيح فيها وتوفر اللقاحات ضد فيروس كورونا.
ولكن لن يصدر عن الاتحاد الأوروبي حظر تام على تصدير اللقاحات، لأن دولا مثل هولندا وبلجيكا تعترض عليه. وتنظر الدول الأعضاء في مدى التزام شركات صناعة الأدوية بشروط عقودها مع الاتحاد. وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية: “نكافح جميعا الجائحة نفسها. واللقاحات عملية دولية صنعت بالتعاون مع علماء من مختلف دول العالم. سنواصل العمل مع أصدقائنا في الاتحاد الأوروبي لإنجاز عملية التلقيح”. واشتكت رئيسة المفوضية الأوروبي الأسبوع الماضي، قائلة إن الاتحاد الأوروبي صدر 10 ملايين جرعة إلى بريطانيا ولكنها لم ترسل شيئا في المقابل. وأشار زملاء لها إلى أن الاتحاد الأوروبي بؤرة للإصابات بفيروس كورونا وفي الوقت ذاته أكبر مصدر للقاحات. وقالوا إن الاتحاد صدر منذ نهاية يناير/ كانون الثاني 43 مليون جرعة لقاح إلى 33 دولة دون رخصة تصدير. ويذكر مراسل بي بي سي نك بيك أن مصادر بريطانية تلح على أن مكونات حيوية أرسلت إلى الاتحاد الأوروبي خاصة لصناعة لقاح فايزر، وتؤكد أيضا على أن بريطانيا كانت سباقة إلى الاستثمار في تطوير اللقاح. وستنظر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في المقترحات في القمة الأوروبية الخميس التي يتوقع أن يشارك فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن عبر الانترنت.