حث الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، رؤساء المحاكم على التقيد بالضوابط القانونية عند الأمر بالخبرة القضائية، حيث أكد أن التقارير التي يتوصل بها المجلس في إطار المادة 110 من القانون التنظيمي المتعلق به، تشير إلى أن بعض المحاكم لا تتقيد بالقواعد الإجرائية والموضوعية المنظمة للخبرة، مما يؤثر سلبا على حسن الأداء القضائي.
وأضاف عبد النباوي في دورية موجهة إلى رؤساء المحاكم تتوفر “العمق” على نسخة منها، أن القواعد الإجرائية والموضوعية المنظمة للخبرة، إنما هي قواعد تهدف بالأساس إلى تحقيق النجاعة القضائية، من خلال تفادي هدر الزمن القضائي، وتجويد العمل القضائي، وضمان احترام مبدأ تكافؤ الفرص بين الخبراء.
وشدد المسؤول القضائي على أن اللجوء إلى الخبرة يقتضي التأكد من نظامية الدعوى واستيفائها لشروط قبولها قبل الحكم تمهيديا بإجراء خبرة، ومن جدوى الخبرة في تحقيق الدعوى قبل الأمر بإجرائها، وأيضا النطق بالمقررات القضائية التمهيدية بإجراء خبرة وهي محررة ومعللة.
علاوة على التقيد بالمقتضيات القانونية المحددة لمشتملات المقرر القضائي بإجراء خبرة مع تحديد المهمة التقنية والفنية للخبير بشكل دقيق ومفصل، والحرص على الاطلاع القبلي على جدول الخبراء في صيغته المحينة قبل الأمر بتعيين الخبير لتفادي بعض الأخطاء، كتعيين الخبراء المتوقفين عن الممارسة، أو الذين أصبحت عناوينهم مجهولة، أو الذين وافتهم المنية.
وشدد عبد النباوي على ضرورة التقيد بمقتضيات المادة 17 من القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين عند تعيينهم، وعدم الاستعانة بالخبراء من خارج الجدول إلا عند تحقق شرط الاستثناء، مع إلزامهم بأداء اليمين طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية، واحترام مبدأ التخصص عند تعيين الخبراء.
ودعا الرئيس المنتدب إلى تطبيق مبدأ التناوب بين الخبراء القضائيين احتراما لمبدأ تكافؤ الفرص فيما بينهم، وتحديد أتعاب الخبراء وفق ضوابط تراعي حجم المجهود المبذول من طرفهم ومتطلبات الخبرة المسندة إليهم.
وأكد على ضرورة تتبع تنفيذ المقررات التمهيدية القاضية بالخبرة بالفعالية اللازمة من خلال مراقبة إيداع أتعاب الخبير، وتبليغ الأمر بالخبرة إليه وإلى الأطراف أو إلى وكلائهم، وكذا قيام الخبير بالمهمة المسندة إليه خلال الأجل المحدد له، مع الحرص على إبقاء الملف موضوع الخبرة مدرجا بالجلسة.
إلى ذلك، اعتبر عبد النباوي، أن اللجوء إلى الخبرة يقتضي البت في الطلبات ذات الصلة بالخبرة خلال الأجل القانوني بالنسبة لطلب التجريح، وداخل الأجل المعقول بالنسبة لباقي الطلبات (طلب التخفيض وطلب الزيادة في الأتعاب، وطلب الاستبدال …)، مع ترتيب الجزاءات القانونية المناسبة بشأنها.
وشددت الدورية على ضرورة بسط المحكمة رقابتها على خلاصات تقارير الخبرة للتحقق من سلامة الأسس التي بنيت عليها عن طريق المراقبة القبلية لهذه التقارير فور إيداعها وقبل الأمر بتبليغها للأطراف أو لوكلائهم، وصرف الأتعاب للخبير، وذلك من خلال التأكد من:
• حضور الأطراف ووكلائهم للخبرة أو توصلهم بالاستدعاء بصفة قانونية، ما لم تأمر المحكمة بخلاف ذلك إذا تبين لها توفر حالة استعجال؛
• جواب الخبير عن جميع النقط الفنية والتقنية المحددة في الأمر القضائي جوابا واضحا ومحددا؛
• إرفاق تقرير الخبرة بالوثائق المدعمة لرأي الخبير.
وحث عبد النبوي على ضرورة النظر في جميع الصعوبات التي تعترض الخبير أثناء إنجاز مهمته، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتذليلها، مع الحرص على تفعيل مقتضيات الفصل 64 من قانون المسطرة المدنية كلما اقتضت الضرورة ذلك، وإنجاز تقارير بالخبراء القضائيين الذين يتماطلون دون مبرر مقبول في القيام بمهامهم، وإحالتها إلى الجهة المختصة، مع إشعار المجلس بذلك.
ونظرا للأهمية التي تكتسيها الخبرة القضائية في تجويد العمل القضائي بما يضمن تعزيز الثقة في القضاء، ويحقق النجاعة القضائية، دعا الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى التقيد بجميع المقتضيات القانونية المؤطرة للخبرة القضائية، وكذا إلى عقد اجتماعات دورية مع الخبراء التابعين لدائرة نفوذ المحكمة، تخصص لمناقشة الملاحظات المسجلة بشأن التقارير التي ينجزونها في إطار المهام المسندة إليهم، والإكراهات التي تحول دون إنجاز مهامهم، واقتراح الحلول المناسبة لها، ورفع تقارير بذلك إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية.