دخلت العلاقات المغربية الإسبانية، منعطفا جديدا، منذ أن عبرت حكومة بيدرو سانشيز، عن موقفٍ وصف بالتاريخي، بشأن قضية الصحراء، مما فتح صفحة جديدة من العلاقات المتينة بين البلدين، بعدما يربو من سنتين من الأزمة.
ولتوطيد هذه العلاقة و ترسيخها، وصل أمس الأربعاء فاتح يناير الجاري، رئيس الحكومة الإسبانية إلى الرباط، مرفوقا بـ 12 وزيرا من مختلف القطاعات، استعدادا لعقد القمة الرفيعة المستوى بين البلدين، يومه الخميس.
في مقابل ذلك، تشهد العلاقات بين المغرب و مؤسسات أوروبية، و بشكل أخص البرلمان الأوروبي، ”تشنجا”، بسبب الموقف الصادر عن الأخير ضد المغرب، في قضايا تهم حقوق الإنسان وحرية الصحافة.
كما أن التقارب الإسباني يأتي في وقت تعيش فيه العلاقات الفرنسية المغربية، على وقع حالة ”جمود”، بلغت حد اتهام الرباط لباريس بالوقوف وراء الحملة الأخيرة التي استهدفته من قبل البرلمان الأوروبي.
ومن المقرر أن تترأس إسبانيا؛ خلال النصف الثاني من العام الجاري، مجلس الاتحاد الأوروبي، مما قد يفتح المجال أمام ”تضميد الجراح”، التي خلفها قرار البرلمان الأوروبي تجاه المغرب، و تبديد ”سوء الفهم”، حول قضايا موضوع الخلاف.
للوقوف حول أبعاد القمة الرفيعة المستوى بين المغرب وإسبانيا، وأيضا بخصوص الدور الذي ستلعبه الحكومة الإسبانية خلال ترأسها للإتحاد الأوروبي، استقت وسائل الإعلام ، رأي الخبير في العلاقات المغربية- الإسبانية، عبد الواحد أكمير، الذي أكد أن الإجتماع الرفيع المستوى الـ 12 بين البلدين، يأتي بعد 8 سنوات عن آخر اجتماع بين البلدين.
وشدد أكمير، مدير مركز الأندلس للدراسات وحوار الحضارات، على أن القمة رفيعة المستوى، غرضها تنزيل بعض مضامين النقط الـ 16 الواردة في البيان المشترك، عقب استقبال الملك محمد السادس لبيدرو سانشيز، شهر أبريل الماضي، بعد تغيير مدريد موقفها من قضية الصحراء.
في سياق متصل، يسود تفاؤل بشأن الدور الذي ستلعبه العلاقات المتميزة الذي تجمع المغرب مع جارته الأوروبية، خلال رئاستها لمجلس الاتحاد الأوروبي، في حلحلة الأزمة التي أحدثها قرار البرلمان الأوروبي ضد المغرب، وسيخفف من تأثير فرنسا- التي لا تنظر إليها الرباط في الوقت الراهن بعين الرضا- داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن الرئاسة تخول الحق لإسبانيا في تمثيل مجلس الشؤون الخارجية أو رئاسته داخل البرلمان الأوروبي، خصوصا إذا تعلق الأمر بالقضايا مع البلدان التي تجمعها مع أوروبا شراكات.
وحول هذا الدور الذي يُمكن أن تلعبه إسبانيا؛ أوضح أكمير ضمن حديثه لوسائل الإعلام، أن تلك الفترة ستعرف عقد مؤتمرا أوروبيا حول الأمن وقضايا الهجرة، في وقت تُثمن فيه مدريد ”جهود المغرب في محاربة الهجرة وفي تعزيز الأمن بالمنطقة.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن تعزيز التعاون بين المغرب وإسبانيا، نتج عنه تراجع الهجرة غير النظامية بأزيد من 30 في المائة، بفضل جهود المملكة، باعتراف إسباني رسمي.
وقال إن من المؤشرات الإيجابية على الدور الذي قد تلعبه إسبانيا خلال رئاستها للبرلمان الأوروبي، ابتداء من يونيو 2023، تصويت الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (حزب الرئيس سانشيز)، ضد قرار إدانة المغرب، وامتناع الحزب الشعبي عن التصويت.
وأبرز أن من مصلحة إسبانيا، المُتفهمة للمغرب، أن تدفع في اتجاه توطيد العلاقات بين الجانب المغربي والأوروبي.