كشف الرئيس الفرنسي في خطاب له بقصر الإليزيه، عن الخطوط العريضة لما سماه “استراتيجية بلاده الدبلوماسية والعسكرية الجديدة في القارة الأفريقية”، مشيرا إلى الشروع في صياغة “قانون إطار” من أجل “تنفيذ عمليات إعادة جديدة” لأعمال فنية “للدول الأفريقية التي تطلب ذلك”.
خطاب الرئيس إيمانويل ماكرون الذي أعلن عبره الشروع في بناء علاقة “جديدة” و”متوازنة” مع الدول الإفريقية، تأتي في سياق تشهد فيه القارة الإفريقية منافسة بين عدد من الدول الكبرى، منها روسيا، الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يطرح السؤال حول خلفيات خطاب ماكرون، هل هو فعلا اعتراف بالجرائم الفرنسية بإفريقيا واستغلال ثرواتها لعقود من الزمن؟ أم مجرد خطاب يمكنه من الإستمرار في استغلال ثروات الدول الإفريقية لصالح بلده؟
في هذا الإطار، يرى الباحث التونسي في العلاقات الدولية، البشير الجويني، أن فرنسا ليست في أفضل حالاتها في الفترة الراهنة، والوضع الفرنسي في إفريقيا عموماً صعب، حيث تحمل فرنسا وصما متعلقا بسمعتها السيئة التي تيقنت الشعوب الإفريقية منها عبر عقود من الزمن، كما أن تواجدها وتأثيرها في صناعة القرارات التي تؤثر في حياة الشعوب ودعم بعض الأنظمة غير الديمقراطية أسهم في ذلك.
وقال الجويني في حديثه لوسائل الإعلام الرقمية، إن علاقة فرنسا بإفريقيا مسألة قديمة وليست مرتبطة بالمتغيرات الحاصلة بعد سنة 2011 فقط، مضيفا أنه على إثر هذه المتغيرات برزت رغبة فرنسية للتعاطي مع الطريقة القديمة (الاستعمارية) نفسها مع عدم الاتعاظ من التجارب السابقة، مشددا في السياق ذاته على أن هذا الأمر هو ما أثّر سلباً على رؤية الشعوب الإفريقية في عديد من الدول بخاصة في منطقة الساحل لفرنسا.
ويؤكد الباحث التونسي في العلاقات الدولية، أن رؤية الأفارقة أصبحت تصب في تجاه اتخاذ موقف حاد ومناهض لفرنسا، التي أصبحت مطالبة بضرورة ترك شعوب المنطقة وشأنها، لافتا إلى أن هذا الأمر يتجلى في أكثر من مناسبة ومحطة ما يجعل مكانتها مهددة، وقد بدأت تفقدها.
الجويني خلص من حديثه إلى الإشارة لعملية برخان العسكرية التي فشلت فشلاً كبيراً مقارنة بالاعتمادات المرصودة لها وتسببت في جدال داخلي في فرنسا بين ماكرون ومعارضيه، وتسببت كذلك في تدمير جزء مهم من المكاسب التي حققتها فرنسا بمنطقة الساحل قبل هذه العملية، خاصة تلك المتعلقة برؤية شعوب هذه الدول للوجود الفرنسي.