كشف تقرير صحفي نشرته، كريستين كنش، مراسلة الشرق الأوسط لمجلة ”دي فيلت” الألمانية، أن إيران تسعى لفرض تواجدها في شمال افريقيا عبر دعم جبهة ”البوليساريو الانفصالية عسكريا.
وأفاد التقرير الذي يحمل عنوان “كيف تعمل إيران على إنشاء شبكة إرهابية عالمية ضد إسرائيل”، أن استراتيجية طهران تتمثل في بسط نفوذها في عدة مناطق في الشرق الأوسط وفي شمال افريقيا، عبر زعزعة الإستقرار فيها، سواء في فلسطين وفي لبنان وفي اليمن وسوريا والمنطقة المغاربية، عبر تدريب ميليشيات وتسليحها.
وأشار التقرير إلى أن الهجمات الأخيرة التي استهدفت مدينة السمارة، قبل حوالي أزيد من أسبوع في الصحراء المغربية، والتي أعلنت الجبهة الانفصالية، ضمنيا، عن مسؤولية الوقوف وراءها، عززت المخاوف حول استراتيجية إرهاب عالمي بقيادة إيران.
وذكرت كاتبة المقال، استنادا إلى تقارير استخباراتية غربية، أن النظام الشيعي في إيران أقدم على نسج شبكة عالمية من الميليشيات، وقامت بدعمها بالسلاح والمال والتدريب، من بينها جبهة ”البوليساريو” التي تنشط في تندوف جنوب الجزائر
وأكدت أن الجبهة الانفصالية، قامت بشكل استفزازي، في نونبر من سنة 2020، بخرق وقف إطلاق النار الموقع مع المغرب سنة 1991، بقطع الطريق الذي يربط الصحراء بموريتانيا عند الكركرات، قبل أن يتدخل الجيش المغربي ليعيد الأمور على نصابها.
وأشار التقرير إلى أن الجبهة الإنفصالية تسعى نحو مواجهة النجاحات الدبلوماسية الملحوظة للمغرب، والتي اجتذبت العديد من الدول المهمة مثل الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا والإمارات العربية المتحدة والعديد من الدول الأخرى في إفريقيا. وقد رافق اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء إقامة علاقات دبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، مما أضفى الطابع الرسمي عليها.
قبل ذلك بعامين، قطع المغرب علاقاته مع إيران، بعد أن أدان وزير الخارجية ناصر بوريطة دعم ”حزب الله” لجبهة البوليساريو من خلال توريد الأسلحة والتدريب على حرب العصابات في المدن.
ويشير المقال المنشور في مجلة “دي فيلت” إلى أن “طهران قدمت صواريخ أرض جو وطائرات مسيرة لشرذمة البوليساريو . وأنشأ حزب الله، حليف إيران، معسكرات في الجزائر حيث قام بتدريب مقاتلي الجبهة”.
وتؤكد التقارير الجديدة الصادرة عن أجهزة المخابرات الغربية، التي قالت الصحيفة إنها اطلعت عليها، الإتهامات التي وجهها المغرب لإيران ولحزب الله. وأفادت ذات الوسيلة الإعلامية أنها ”حصلت على تسجيلات ومحادثات هاتفية بين ممثلي البوليساريو وعميل يتضح أنه جهة اتصال لحزب الله في ساحل العاج، يدعى مصطفى محمد الأمين الكتاب وهو ضابط اتصال البوليساريو في سوريا والمسؤول عن الشرق الأوسط”.
وأوردت الصحيفة الألمانية مثالا على ذلك بـ ”محادثة مسجلة في 23 أكتوبر، بعد حوالي أسبوعين من الهجوم على إسرائيل، أن العميل المذكور اتصل بأحد افراد البوليساريو يسأله عن الوضع فأجاب: ”الحمد لله.. الرجال يتشجعون بانتصار المقاومة وما يحدث ضد اليهود والانتصار عليهم في كل مكان”. وتابع أيضا: “أرى أن المقاومة تشتعل في كل مكان. لقد اشتعلت في غزة، ويمكن أن تنفجر في الجولان (…) وفي الجنوب (لبنان) وفي مزارع شبعا، وستنفجر أيضاً في الصحراء الغربية وستكون هناك مقاومة موحدة”.
وفي جزء من المحادثة، تورد الصحيفة، ”ناقش ممثل حزب الله المفترض ومبعوث البوليساريو الهجمات المشتركة المحتملة على إسرائيل مع حماس وحزب الله والجزائر وإيران”.
وكشفت أن ”حزب الله يريد دعم الجبهة لاستهداف السفارة الإسرائيلية بالمغرب، لكن الموارد ليست كافية الآن ”، وفق المعطيات التي تقول الجريدة إنها حصلت عليها. كما أفادت بوجود شبكة حوالات (تحويل الأموال دون المرور عبر الأبناك)، تعمل من إسبانيا ومخيمات تندوف في الجزائر وتحافظ على اتصالات وثيقة مع جبهة البوليساريو وإيران ولبنان وحزب الله.
وأضافت أن إيران تخفي مساعداتها المالية لحزب الله وحماس، وربما أيضا لجبهة البوليساريو بمساعدة شبكات الحوالة التي يكاد يكون من المستحيل تتبع تدفقاتها النقدية.
وأوردت كريستين كنش أن إيران ساعدت أيضا على تنظيم لقاءات بين جبهة البوليساريو وحزب الله عبر سفارتها في الجزائر. فيما ذكر ممثل جبهة البوليساريو العام الماضي أن إيران تزودهم، من خلال الوساطة الجزائرية، بطائرات دون طيار “كاميكازي” ليستخدموها ضد المغرب.
وأصبحت البوليساريو، وفق الصحيفة الألمانية، هدفا سهلا لطهران، منذ توقيع اتفاقيات ابراهام للسلام مع إسرائيل والتي شملت المغرب، وصارت محور محاولات إيران لزعزعة استقرار المنطقة عبر شرذمة البوليساريو.