فاطمة القبابي
اضحى الإعلام الثقافي في المغرب يطرح أسئلة مقلقة تقض مضجع الباحثين والأكاديمين والمهتمين بشأن الإعلام الثقافي المغربي، إذ كانت المحاضرة العلمية التي القاها الأستاذ رضوان الطاهري مدير مركز تكوين الصحفيين والاتصاليين CELSA ، الموسومة ب” واقع الإعلام الثقافي في المغرب “، والمنظمة برحاب كلية علوم التربية بالرباط يوم السبت 2 دجنبر الجاري، من طرف نادي ماستر التربية الجمالية، كانت فرصة لمناقشة وتشريح وضع الإعلام الثقافي بين الماضي والحاضر.
وهدفت الورقة البحثية التي قدمها الأستاذ المحاضر إلى التعريف بالإعلام الثقافي وخصوصياته، كما عرج على كرونولوجية الإعلام الثقافي في المغرب منذ ظهوره إلى اليوم، موضحا سيرورة الإعلام الثقافي عبر وسائل الاتصال الجماهيري من صحافة مكتوبة وإعلام سمعي بصري، والرقمي، حيث أوضح أن الإعلام الثقافي كان في الماضي تنويريا وطلائعيا، حمل مشعله ثلة من المثقفين والأكاديمين والمفكرين المغاربة الذين ابلوا البلاء الحسن في نكران الذات من خلال نضال مستمر جوهره الهم الثقافي في حد ذاته.
غير أن مسار هذا الإعلام الثقافي سيشهد بعد مرور الوقت تدبدبا إلى أن أصبح شبه غائب خاصة في الوسائل المطبوعة والرقمية باستثناء الإعلام الرسمي السمعي البصري الذي لازال يبث أخبارا روبورتاجات دون الخوض في عمق الفعل الثقافي، كما كانت تخوض فيه الصحافة المكتوبة، خاصة الصحف والمجلات في الماضي.
وذكر الأستاذ رضوان الطاهري، بالتحولات التي طرأت على المشهد الإعلامي الثقافي الداخلي والخارجي وارجع هذا التدبدب والفتور إلى التيار الجارف لعولمة الإعلام الثقافي وتسليعه، وجعله تحت رحمة اقتصاد السوق بعد ظهور القطبية الواحدة والرأسمالية المتوحشة التي تحتكر وسائل الاتصال الجماهيري العالمي، والتي فرضت سيطرتها على باقي دول العالم الثالث مما جعل الفروق شاسعة بينهما في هذا الباب، وكانت من نتائجه التحكم في الإعلام والثقافة والسيطرة عليهما من أجل الهيمنة.
وأشار الأستاذ المحاضر إلى أنساق الثقافة الثلاث: ثقافة الصفوة، والثقافة الشعبية، والثقافة الجماهيرية كونها غير أصيلة وجارفة في آن.
كما أوضح الأستاذ المحاضر تاثير مضمون الإعلام الثقافي وعلاقته بالتنشئة الاجتماعية، وبالنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والثقافي، الأمر الذي ينبغي أن ننظر للإعلام الثقافي في شموليته من خلال هذه العلاقات السالفة الذكر، واعتبر الأستاذ المحاضر أن ما يعيشه الإعلام الثقافي في المغرب من ضحالة وتسطيح راجع إلى عوامل عدة مرتبطة بالتعليم، وبعولمة الإعلام الثقافي، وبضيق سوق القراء والجمهور المتعطش للترفيه كأخبار الفنانين، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي إضافة إلى تراجع دور المثقف داخل المشهد الثقافي في المغرب وهجرته إلى الخارج خاصة دول الشرق الأوسط التي وجد فيها ضالته بحكم ما يقدم له من تحفيزات وتعويضات مالية تغنيه عن الحاجة.
و أقر الاستاذ في محاضرته أن المغرب يزخر بطاقات ثقافية وعلمية من جميع التخصصات الأمر الذي يجعل من وضع إستراتيجية ثقافية ناجعة أمر لا مندوحة عنه من طرف الدولة والقطاع الخاص من أجل الإقلاع والنهوض بالقطاع الثقافي والإعلامي.
كما وجه رسالة قوية للقطاع الخاص من أجل الاستثمار في الإعلام الثقافي وتغيير عقلية المستثمر حيال الثقافة والإعلام وجعلها من أولى الاولويات إسوة بالاستثمار في المشاريع السريعة الربح.
يذكر أن هذا اللقاء العلمي حضره كل من السيد عميد كلية علوم التربية عبد اللطيف كداي، ومنسق ماستر التربية الجمالية عبد الكريم الشباكي، والسادة أساتذة الماستر، الأستاذ نوح خليفة من البحرين الذي تم تكريمه بالمناسبة، وحسن اليعقوبي، ومصطفى اوسرار.