الدار البيضاء / فاطمة القبابي
في إطار الاستراتيجية القطاعية لوزارة الصحة 2012-2016، عملت مندوبية الصحة بعمالة مقاطعات ابن امسيك على تبني مخططات واستراتيجيات محلية تهم النهوض بالخدمات الصحية للمواطنين، خاصة التوعية والتحسيس، وتبني أنماط الحياة الصحية، كمحاربة العادات الغذائية السيئة طيلة ايام السنة بما في ذلك شهر الصيام، التشجيع على مزاولة الرياضة بانتظام، الإقلاع عن التدخين كعادة سيئة مست المجتمع بكل شرائحه. فما هو برنامج وزارة الصحة في هذا الصدد؟ وما هي الإجراءات التي تم اتخاذها لإيقاف تزايد أعداد المدخنين؟ الدكتور بداهي خالد مندوب الصحة بعمالة مقاطعة ابن امسيك يكشف في هذا الحوار الإستراتيجية التي تتبناها مندوبية وزارة الصحة للنهوض بالخدمات الصحية للمواطنين بعمالة مقاطعة ابن امسيك، ويدعو كافة المؤسسات الاجتماعية للتكتل من أجل النهوض بالخدمات الصحية للمواطن.
* دكتور بداهي خالد ما هو الإطار الذي تندرج فيه الحملة الوطنية لمكافحة التدخين والبرامج التي تعتمدها؟
الحملة الوطنية لمكافحة التدخين تدخل في إطار المخطط الوطني لمحاربة داء السرطان و تنظم هذه الحملة تحت شعار ” التدخين و الشباب ” بشراكة مع مؤسسة للا سلمى للوقاية و علاج السرطان و أيضا تخليدا لليوم العالمي محاربة التدخين الذي يصادف 30 مايو من كل سنة.
وقد تم وضع برنامج يستهدف فئات معينة، منها الفئات المتمدرسة في كل من الابتدائيات، الاعداديات، الثانويات ، معاهد التكوين المهني…و كذلك الفئات الغير المتمدرسة، رواد دور الشباب، رواد ملاعب الرياضة، جمعيات الآباء و أولياء التلاميذ،… و في هذا الإطار تمت تعبئة مهني الصحة وباقي الشركاء ، وحثهم على الانخراط والمشاركة الفعلية في عمليات التحسيس والاستقطاب من أجل شرح أهداف وأهمية الحملة حول مخاطر التدخين.
وتهدف هذه الحملة الى التحسيس بعواقب و مخاطر التدخين، التقليص من نسبة التعاطي للتدخين و تخفيض من نسبة الأمراض النفسية و العضوية الناتجة عن التعاطي للتدخين.
*ما الجديد الذي تتبناه الحملة الوطنية لمكافحة التدخين على صعيد عمالة مقاطعة بن مسيك؟
هناك فريق عمل ديناميكي يتكون من مجموعة من مهني الصحة المتمرسين على الخروج للميدان، والتواصل المستمر مع المواطنين داخل الفضاءات والمؤسسات العمومية وتعمل على تبني انماط الحياة الصحية و الحفاظ على الصحة العامة. هذه التجربة ساعدتنا في الانفتاح على الساكنة بشكل مكننا من التواصل مع معظم شرائح المجتمعمن خلال الحضور المكثف خلال الحملات الطبية و الندوات واللقاءات والمحاضرات التي تمت بنفوذ تراب عمالة مقاطعات ابن مسيك، والتي نظمت بشراكة مع ثلة من المتدخلين في المجال الصحي.
* جاء على لسانكم أن حملة محاربة التدخين جاءت بشراكة بين وزارة الصحة و مؤسسة للاسلمى للوقاية و علاج السرطان.كيف يتم العمل والتنسيق بينهما؟
يعد البرنامج الوطني للوقاية و مراقبة داء السرطان ثمرة لشراكة استراتيجية بين وزارة الصحة و مؤسسة للا سلمى للوقاية و علاج السرطان. وفي هذا الإطار سطر برنامج عمل مشترك في ما يخص التوعية و التحسيس، و صياغة و تنفيد برامج التشخيص و تحديد طرق التكفل الجيد لدى المرضى المعرضين للخطر و توفير الادوية و تكوين مهني الصحة وتطوير بنيات التكفل بالسرطان.
كما تم تنفيذ مجموعة من الأنشطة من أجل محاربة التدخين، كتنظيم حملات توعوية و تحسيسية حول مخاطر التدخين، وتكوين عدد من مهني الصحة لتقديم استشارات طبية بالمراكز الصحية و المستشفيات لمن يريد الاقلاع عن التدخين و اطلاق مبادرة مؤسسات صحية بدون تدخين.
نعلم أن أكبر نسب المصابين بالسرطان هم المدخنون لذلك كتفنا الجهود بشراكة مع مؤسسة للاسلمى للوقاية وعلاج السرطان وفق برنامج أساسه التوعية والتحسيس بأهمية الابتعاد عن التدخين والأضرار التي يلحقها بكافة أعضاء الجسم بالإضافة إلى الأضرار الاجتماعية والاقتصادية التي يلحقها بالمدخنين والمحيطين بهم.
* هل المقاربة التشاركية التي تبنتها وزارة الصحة والتي تعملون تحت لواءها وحدها كفيلة بالنهوض بقطاع الصحة وصحة المواطن؟
إن مشاكل قطاع الصحة لا يمكن حلها إلا بتظافر جهود جميع المتدخلين، لأن هذا القطاع هو قطاع «اجتماعي بامتياز»، و لابد من تجميع كل الوسائل من أجل توفير الحق في الصحة للمواطنين كحق دستوري والعمل على أجرأته على أرض الواقع. لذلك ارتأينا العمل في إطار مقاربة تشاركيه تهم إشراك جميع المتدخلين بصفة عامة لتحقيق نتائج مرضية، تصل بنا إلى الأهداف المنشودة، والنهوض بالخدمات الصحية.
* في نظركم ما هي أنجع الحلول لمحاربة التدخين وإقناع الأشخاص أن السيجارة ليست هي الحل لتخطي المصاعب أو تحسين المزاج؟
الإقلاع عن التدخين ليس مستحيلا، وكلما كان المدخن مطلع على الخيارات المختلفة التي أفادت غيره كلما كانت عملية التخلي عنه أسهل، فالإشارة إلى أضرار التدخين ضروري، بالإضافة إلى أهمية وجود ارادة و حوافز شخصية قوية، فالتدخين له عدة عواقب كالإدمان النفسي أو الجسماني، كما أنه يسبب الإصابة بأمراض تعفنية وعضوية كالسرطان و أمراض الشرايين والقلب. نعلم 90 %من حالات سرطان الرئة ناجمة عن التدخين ، كما أنه يعد مسؤولا عن 25%من حالات القصور التاجي من ضمنها الجلطات القلبية، سرطان الفم والبلعوم والحنجرة، وأمراض أخرى عديدة. كما أن الإدمان عليه يؤدي إلى وفاة 6 ملايين شخصا سنويا في العالم، بالإضافة إلى أن التدخين يعد مسؤولا عن مشاكل اجتماعية لدى المستهلك و محيطه و المجتمع ككل، كتدني قدرة الإنسان على العمل، تزايد عجز الشباب عن مواجهة الواقع و تزايد عدد الحوادث.
لذلك تعمل الوزارة داخل و خارج المؤسسات الصحية على تشجيع الأشخاص الذين لهم رغبة في الإقلاع عن التدخين، وتخصص لهم فرصة الاستشارة الطبية بالمراكز الصحية و المستشفيات، كما تعمل على جعل المؤسسات الصحية فضاءات بدون تدخين برفع شعار منع التدخين داخل هذه المؤسسات.
* أين تكمن خطورة التدخين السلبي؟ وهل يساهم في رفع نسبة المصابين بداء السرطان؟
التدخين السلبي هو استنشاق دخان التبغ الذي يتناوله أشخاص آخرون و له تأثيرات سلبية على صحة غير المدخنين وخصوصا الرضع والأطفال الصغار الذين هم أكثر عرضة لالتهابات الجهاز التنفسي والأنف والحنجرة (التهاب البلعوم الأنفي، التهاب الأذن …) والربو والأمراض التنفسية المزمنة. وبالنسبة للراشدين يعد التدخين السلبي من أهم عوامل التي تؤدي الى أمراض القلب وسرطان الرئة.
فقد تبثث الإحصائيات المنجزة على صعيد المغرب، أنه يقدر انتشار التدخين بنسبة 18%لدى المغاربة البالغين 15 سنة فما فوق وبنسبة 41 %تقريبا لدى الساكنة التي تتعرض للتدخين السلبي، و نظرا للمخاطر الصحية المقترنة بالتدخين السلبي، فلابد من حظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة، كأماكن العمل، وسائل النقل العام، قاعات إلقاء العروض الفنية كالمسارح أو إلقاء الدروس والمحاضرات والندوات …
*نشرت بعض الجرائد الالكترونية مؤخرا أن 95 في المائة من المغاربة يطالبون بتفعيل منع التدخين في الأماكن العمومية، وفق القانون رقم 15.91 القاضي بمنع التدخين في الأماكن العمومية، في حين نلاحظ أن نسبة المدخنين في تزايد، كيف تفسرون هذا التناقض؟
فعلا يتوفر المغرب على قانون مناهض للتدخين (رقم15.91) و الذي يمنع التدخين في بعض الأماكن العمومية، ويمنع الدعاية والإشهار لفائدة الدخان .فتفعيل هذا القانون سيساهم بشكل كبير في الحد من ظاهرة التدخين، خاصة التدخين السلبي الذي أصبح يشكل خطرا كبيرا داخل المنظومة الاجتماعية وسيشجع على خلق مناخ سليم و احترام حق غير المدخنين في استنشاق هواء خال من دخان التبغ.