ميثاق جامعة الدول العربية يطرد الجزائر

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عسلي حميد

إبان الحرب العالمية الثانية ظهرت الحاجة الملحة لوحدة الدول العربية، فكان نتاج ذلك نشأة جامعة الدول العربية يوم 22 من شهر مارس لسنة 1945 من خلال التوقيع على ميثاقها. وحيث أن الفكرة قد جاءت لتوحيد الدول العربية والدفاع عنها، فقد شكلت قضية احترام سيادة البلدان العربية وعدم المس باستقرارها أحد المبادئ الأساسية لبرتوكول الإسكندرية الذي يعد الوثيقة الأولى للجامعة تعده آنذاك اللجنة التحضيرية.

وقد جاء ميثاق الجامعة “تثبيتا للعلاقات الوثيقة والروابط العديدة التي تربط الدول العربية، وحرصا على دعم هذه الروابط وتوطيدها على أساس احترام استقلال تلك الدول وسيادتها، وتوجيها لجهودها إلى ما فيه خير البلاد العربية قاطبة وصلاح أحوالها وتأمين مستقبلها وتحقيق أمانيها وأمالها”. كما نصت المادة الثانية من الميثاق كون الغرض من الجامعة توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقا للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها.

كما نصت المادة الثامنة من ميثاق جامعة الدول العربية على ضرورة احترام كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقا من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها.

ولم يقتصر دور الجامعة فقط على الحفاظ على استقلال الدول المكونة لها آنذاك بل ساهمت كذلك في تحرير مجموعة من الدول كاليمن والسودان والجزائر التي التحقت بعد استقلالها بالجامعة العربية لاحقا.

وإذا كان الهدف صيانة استقلال وسيادة الدول الأعضاء، فإن جامعة الدول العربية قد وطنت لتلك الغاية مجموعة من المبادئ والضوابط الملزمة لكافة الدول الأعضاء، فقد نصت المادة الخامسة من الميثاق أنه لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دول الجامعة، كما أقرت في المادة 18 أن لمجلس الجامعة أن يعتبر أي دولة لا تقوم بواجبات هذا الميثاق منفصلة عن الجامعة، وذلك بقرار يصدره بإجماع الدول عدا الدولة المشار إليها.

وحيث أن ما أقدمت عليه الجزائر بتاريخ 23 نونبر باحتضانها لما سمته “يوم الريف” يعد اعتداء صارخا على سيادة المملكة المغربية ودعوة صريحة لتقسيم المملكة وسلامة أراضيها وعدوانا جليا للمس بالوحدة الترابية لأحد أعضاء جامعة الدول العربية من طرف الجزائر، فإن ميثاق الجامعة يخول للملكة المغربية الحق في اللجوء إلى الجامعة، فقد نصت المادة السادسة من ميثاق الجامعة على ما يلي: ” إذا وقع اعتداء من دولة على دولة من أعضاء الجامعة، أو خشي وقوعه فللدولة المعتدي عليها، او المهددة بالاعتداء، ان تطلب دعوة المجلس للانعقاد فورا.”

إن المغرب له كامل الحقوق في اللجوء إلى مجلس جامعة الدول العربية للنظر في الاعتداءات المتزايدة للنظام الجزائري ضد سيادة أراضيه ووحدته الترابية وآخر تلك المحاولات اليائسة، إقدام النظام الجزائري على خطوة خطيرة باحتضانه ليوم الريف ودعمه المالي والسياسي لثلة من الانفصاليين ضدا في سيادة المغرب ضاربا بذلك مبادئ حسن الجوار والتزاماته امام المنتظم الدولي وميثاق جامعة الدول العربية.

إن لجوء المغرب لمجلس جامعة الدول العربية، قد يؤدي إلى طرد الجزائرأو تعليق عضويتها بالمنظمة مما يزيد في عزلتها المضطردة وفضح عقيدتها الانفصالية، ولن يكون هكذا قرار الأول من نوعه، ففي سنة 2011، وعلى إثر الاحداث الدامية بسورية عقب الربيع العربي، قرر وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ بمصر تعليق عضوية سورية في الجامعة لحين التزام الحكومة السورية بتنفيذ بنود المبادرة العربية. كما سبق وتم طرد مصر من الجامعة عقب توقيعها لمعاهدة السلام مع إسرائيل سنة 1979.

ويعد لجوء المغرب إلى المنتظم العربي خطوة حضارية تكرس احترام المملكة لقوانين الجامعة وللقانون الدولي بصفة عامة كما تشكل هذه الخطوة إن أقدم عليها المغرب تفعيلا لأدوار الجامعة التي يراد لها أن تكون جامعة فارغة من خلال تبخيس عملها وتفريغ قراراتها في مختلف المجالات والملفات من طرف دول من قبيل الجارة الشرقية. غير ذلك، إن المغرب قد يتغافل على الأفعال الصبيانية للنظام الجزائري كما يفعل دائما، لكنه قادر على صفع هذا النظام بكل الوسائل المتاحة حتى يستعيد رشده إن سبق له الرشد أو يصبح راشدا، عاقلا ومدركا لما يقدم عليه من تهور غير محسوب العواقب.

*دكتور في القانون العام والعلوم السياسية

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي الملاحظ جورنال وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.