المغرب يتبنى “الهيب هوب” و”البريكينغ” في التربية البدنية … خطوة نحو التحديث أم مجرد مواكبة للموضة؟

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في خطوة جريئة وغير مسبوقة، أعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن تنظيم دورة تكوينية لفائدة أساتذة مادة التربية البدنية والرياضية في مجالي “الهيب هوب” و”البريكينغ”. هذه المبادرة، التي تأتي بشراكة مع الجامعة الملكية المغربية للرياضات الوثيرية والرشاقة البدنية والهيب هوب، وبتعاون مع الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية، تهدف إلى تأهيل مكونين جهويين متخصصين في هذا النوع الجديد من الأنشطة الرياضية المدرسية.

وفقًا لرسالة مدير الرياضة المدرسية بالوزارة، تفتح هذه الدورة آفاقًا واسعة أمام تحديث منظومة التربية البدنية وتعزيز جاذبيتها لدى التلاميذ.

ويُشرف على تأطير هذه الدورة الخبير الدولي في رياضات الهيب هوب والبريكينغ، طوماس راميرس، مما يمنح التكوين بعدًا احترافيًا ومعرفيًا رفيعًا، ويعكس حرص الوزارة على الاستفادة من الخبرات العالمية في مجال الرياضة المدرسية. وقد دعت الوزارة مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين إلى اقتراح إطارين (مفتش أو أستاذ) نشيطين في مجال الرياضة المدرسية ومهتمين بثقافة الهيب هوب، لتلقي التكوين والمساهمة في نشره على المستويين الجهوي والإقليمي.

تأتي هذه الخطوة في سياق استراتيجية شاملة للوزارة ترمي إلى تنويع العروض الرياضية داخل المؤسسات التعليمية، وربط الناشئة بتعابير فنية ورياضية تعكس نبض العصر. ويرى متابعون أن إدماج رياضات حضرية مثل الهيب هوب والبريكينغ في منظومة التربية المدرسية يمثل نقلة نوعية تعكس تحولًا في الرؤية التربوية الجديدة للإصلاح التربوي وفق خارطة الطريق 2022/2026، من منظور يجعل المدرسة فضاءً لإبراز المواهب وتثمين الطاقات الإبداعية، وليس فقط مكانًا لتلقين المعارف التقليدية. كما أن تزامن هذه الخطوة مع استعداد اللجنة الأولمبية الدولية لإدراج البريكينغ رسميًا ضمن الألعاب الأولمبية، يُظهر رهان المغرب المبكر على مواكبة هذا التوجه العالمي وتكوين أطر قادرة على اكتشاف وتأطير المواهب الصاعدة في هذا المجال.

على الرغم من التبريرات الوزارية والأهداف المعلنة التي تروم تحديث المنظومة التعليمية ومواكبة التطورات العالمية، إلا أن هذا القرار لم يمر دون إثارة جدل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.

فقد تباينت ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض، حيث تساءل العديد من النشطاء عن أولويات الوزارة في ظل تحديات تعليمية قائمة.
وهكذا ، عبر بعض المغردين عن استغرابهم من التركيز على رياضات “الهيب هوب” و”البريكينغ” بينما لا تزال البنية التحتية الرياضية في العديد من المدارس متدهورة، مع نقص في التجهيزات الأساسية. وكتب أحد المعلقين على فيسبوك: “هل أصبح الرقص أولوية قبل توفير الملاعب اللائقة والمعدات الرياضية الضرورية؟ ما مصير الرياضات الأساسية الأخرى؟”.

كما انتقد آخرون ما اعتبروه “استيرادًا لثقافات أجنبية” لا تتماشى بالضرورة مع خصوصية المجتمع المغربي، وتساءلوا عن القيمة المضافة لهذه الأنشطة في بناء شخصية التلميذ المغربي مقارنة بالأنشطة الرياضية التقليدية. وكتبت إحدى المستخدمات: “هل هذه هي الأولويات التي يجب أن نركز عليها لتعليم أطفالنا؟ أين القيم الرياضية التي اعتدنا عليها؟”.

في المقابل، دافع البعض عن القرار، مشيرين إلى أهمية انفتاح المدرسة على ثقافات جديدة وتنوع الأنشطة الرياضية لجذب التلاميذ. وأوضح أحد المدافعين: “الهيب هوب والبريكينغ رياضات عالمية يمارسها ملايين الشباب. دمجها في المناهج يساهم في إخراج مواهب جديدة ويجعل المدرسة أكثر جاذبية.” وأضاف آخر: “هذه فرصة لمواكبة التطور العالمي وإعداد أجيال متفتحة على مختلف التعبيرات الفنية والجسدية.”

بين مؤيد يرى فيها نقلة نوعية نحو تحديث المنظومة التعليمية ومواكبة العصر، ومعارض يراها تشتيتًا للأولويات وتقليدًا أعمى، تظل وزارة التربية الوطنية أمام تحدي إثبات جدوى هذه الخطوة على المدى الطويل، وإقناع الرأي العام بأن هذه الرياضات الحديثة ستسهم فعلًا في بناء جيل متوازن، مبدع، ومنفتح، دون المساس بأسس التعليم وأولوياته الجوهرية.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.