السياسة الحدودية لموريتانيا: تشديد الإجراءات الأمنية شرق البلاد وإغلاق المنطقة المحاذية للجزائر
أعلنت السلطات الموريتانية عن إغلاق منطقة لبريكة الواقعة في الشمال الشرقي للبلاد على الحدود مع الجزائر، معتبرةً إياها منطقةً عسكرية مغلقة يُمنع على المدنيين دخولها، في خطوة تعكس تشددًا أمنيًا متصاعدًا في التعامل مع التهديدات العابرة للحدود.
ونقلت صحيفة “أنفو موريتانيا” عن مصادر مطلعة أن هذا القرار يأتي في إطار جهود الجيش الموريتاني لاحتواء الانفلات الأمني ومكافحة الأنشطة غير القانونية، وعلى رأسها التهريب المنظم. ويستفيد المهربون منذ سنوات من التضاريس الصحراوية الوعرة والمساحات المفتوحة في تلك المنطقة الحدودية لتنفيذ عمليات تهريب تشمل الوقود، السلع، وأحيانًا البشر.
وتُعد لبريكة، المحاذية لمخيمات تندوف الجزائرية، معبرًا غير رسميًا لنشاطات غير مشروعة تتداخل فيها شبكات التهريب “المعاشي” مع عناصر الجريمة المنظمة، بل وتمتد أحيانًا لتشمل تحركات مسلحة لها ارتباطات بصراعات إقليمية قائمة أو كامنة.
وإلى جانب البُعد الأمني، يكتسي هذا الإجراء طابعًا سياسيًا ذا دلالات واضحة، إذ يرى مراقبون أن التوقيت والسياق الإقليمي للقرار لا يخلو من رسائل غير مباشرة موجهة إلى جبهة البوليساريو التي تتخذ من تندوف قاعدة لها، وربما إلى السلطات الجزائرية أيضًا، خاصة في ظل إعادة تشكيل المواقف والتحالفات الإقليمية على ضوء المستجدات الجيوسياسية المتسارعة.
وتسعى نواكشوط، التي عُرفت بانتهاج سياسة الحياد الحذر في النزاعات الإقليمية، إلى تأكيد سيادتها ومراقبتها الفعلية لحدودها، في وقت تُظهر فيه يقظة متزايدة تجاه المخاطر التي قد تنبع من خاصرتها الشرقية. ويُعد إغلاق لبريكة رسالة صريحة مفادها أن المناطق الحدودية لم تعد هامشًا رماديًا أو مستباحًا، بل باتت جزءًا من الفضاء الوطني الخاضع للرقابة الصارمة والسيادة الكاملة.