احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.
يتجه المغرب نحو إحداث تحول نوعي في ضبط سوق السيارات المستعملة، عبر مشروع قانون جديد تقدم به الفريق البرلماني لحزب التقدم والاشتراكية، يهدف إلى التصدي لظاهرة طالما أرّقت المستهلكين: التلاعب بعدادات الكيلومترات، وتزييف الحالة الميكانيكية للمركبات.
الاقتراح الذي يُنتظر أن يُحرّك النقاش داخل المؤسسة التشريعية، يُركز على تعديل مواد جوهرية من مدونة السير (66، 67 و88)، في أفق إطلاق نظام رقمي وطني موحّد، يتيح تتبع تاريخ كل مركبة مستعملة تُعرض للبيع، بما في ذلك عدد الكيلومترات، الفحوصات التقنية، وسجل الحوادث والإصلاحات.
بين الغش وسوء التنسيق.. المواطن الضحية
واحدة من أبرز الإشكالات التي سلط عليها المقترح الضوء، هي غياب التنسيق العملي بين شركات التأمين ومراكز الفحص التقني، ما يسمح بمرور مركبات سبق أن تعرضت لحوادث خطيرة، دون أي إشارات تحذيرية في ملفاتها، لتُباع لاحقًا على أنها “صالحة وبحالة ممتازة”، في مشهد لا يخلو من الاحتيال الممنهج.
المشكلة لا تتوقف عند الغش الفردي فحسب، بل تتجاوزها إلى فراغ تشريعي وتنظيمي يسمح بانتشار هذه الظواهر، حيث باتت بعض المعارض الإلكترونية وأسواق السيارات تعجّ بمركبات “مُزينة رقميًا” ومسح عنها ماضيها التقني.
1 من كل 3 مغاربة وقع ضحية نصب!
في دراسة ميدانية أجريت مؤخرًا، كشف 35% من المشترين أنهم تعرضوا للنصب عند شراء سيارات مستعملة، في ظل غياب آليات تحقق واضحة ومعايير موحدة لمطابقة المعلومات المعروضة بحالة السيارة الحقيقية.
المقترح الجديد يُراهن على إعادة الثقة المفقودة في هذا السوق، عبر فرض الشفافية كشرط قانوني، من خلال قاعدة بيانات مركزية يتم الرجوع إليها خلال عمليات البيع والشراء.
أكثر من قانون.. إنها حماية لسلامة الأرواح
أهمية هذا المقترح لا تتجلى فقط في الحفاظ على حقوق المستهلك، بل تمتد إلى ضمان السلامة الطرقية، إذ إن مركبات تعرضت لحوادث جسيمة ثم خضعت لإصلاحات تجميلية سطحية، قد تشكل خطرًا حقيقيًا عند استخدامها، مما يجعل من تشديد الرقابة قضية حياة أو موت، لا مجرد تنظيم سوق.
وفي انتظار مناقشة المقترح داخل البرلمان، يبقى الرهان الأكبر على إرادة سياسية حقيقية لتنظيف هذا القطاع، وعلى وعي جماعي بضرورة محاربة الغش، ليس فقط عبر القوانين، بل أيضًا من خلال ثقافة استهلاكية ناضجة.