من أجل إقلاع اقتصادي حقيقي …دعوة لاسترجاع الأموال المغربية من الخارج وفرض ضريبة وطنية عادلة
في زمن تتزايد فيه التحديات الاقتصادية وتُثقل المديونية كاهل المالية العمومية، يبرز ملف الأموال المغربية المودعة في البنوك الأجنبية كأحد المفاتيح الإستراتيجية التي يمكن أن تعيد رسم معالم السيادة الاقتصادية، وتُخرج المغرب من تبعية التمويلات الخارجية نحو تمويل ذاتي ووطني، يُعيد الاعتبار للاقتصاد الحقيقي والتنمية الشاملة.
فمن أجل تقدم المغرب وازدهاره، صار من الضروري اتخاذ قرارات سيادية شجاعة بإصدار أوامر وتشريعات جديدة تلزم أصحاب الأموال بالخارج بتحويلها إلى الوطن، مع اعتماد صيغة محفزة تشمل اقتطاع ضريبي بنسبة 15% لفائدة خزينة الدولة، ما يشكّل موردًا ماليًا استثنائيًا، ويوجه رسالة وطنية مفادها: “كل درهم في الخارج يمكن أن يصبح رافعة للتنمية في الداخل”.
مليارات مجمّدة… وأولويات ملحّة
تشير تقديرات غير رسمية وتقارير دولية إلى أن المليارات من الدراهم المملوكة لمغاربة —أشخاص ذاتيين أو مؤسسات— ما تزال مودعة في بنوك أوروبية وخليجية وآسيوية، بعضها في إطار قانوني والبعض الآخر بطرق التفافية أو غير شفافة.
هذا الرصيد المالي الضخم، لو استُثمر داخل البلاد في القطاعات الحيوية مثل التعليم، الصحة، الأمن الغذائي، الطاقات المتجددة، البنية التحتية، أو الصناعات التحويلية، لأمكن للمغرب أن يُحقق قفزة نوعية في مؤشرات النمو والتشغيل والعدالة المجالية.
الضريبة العادلة بدل العفو المالي
في السابق، لجأت الدولة إلى “العفو المالي” لتشجيع أصحاب الأموال المهربة على إعادتها، لكن النتائج كانت دون التطلعات. اليوم، يُطرح نموذج جديد أكثر عدالة وفعالية:
إلزامية التصريح بالأموال المودعة خارج البلاد،
تحفيز أصحابها على تحويلها إلى المغرب في آجال محددة،
مع اقتطاع ضريبة وطنية نسبتها 15% توجّه مباشرة إلى صندوق سيادي للتنمية.
هذه المقاربة لا تندرج في منطق العقوبة، بل في روح المسؤولية الوطنية والمساهمة التضامنية لبناء مغرب جديد، يقوم على التمويل الذاتي وتقوية الثقة بين المواطن والدولة.
اللحظة الوطنية تتطلب قرارات جريئة
أمام هشاشة الأوضاع الاقتصادية العالمية وارتفاع كلفة القروض الدولية، حان الوقت لكي يُعيد المال المغربي توطين نفسه داخل أرضه. فالوطن ليس فقط مجالًا للانتماء، بل أيضًا فضاء للالتزام والمساهمة في البناء الجماعي.
إن هذه الخطوة، إن تبنتها الدولة بوضوح وشفافية، ستكون علامة فارقة في مسار التنمية الوطنية، وتعيد الاعتبار لسيادة القرار المالي، بعيدًا عن شروط المؤسسات المالية الدولية.
لتكن سنة 2025 سنة استرجاع الأموال المغربية المودعة بالخارج، وضخها في شرايين الاقتصاد الوطني، عبر ضريبة عادلة ومسؤولة. فلن يبني الوطن إلا من يؤمن به ويستثمر فيه.