مراكش على مفترق الطرق … تساؤلات حول القيادة ومستقبل المدينة الحمراء
تصاعدت في الآونة الأخيرة تساؤلات عديدة وشكوك قوية حول الأداء الإداري والسياسي في حاضرة الجنوب المغربي، مراكش، خاصة بعد الأنباء المتداولة بخصوص إعفاء والي جهة مراكش-آسفي من مهامه وإلحاقه بوزارة الداخلية.
هذه الأنباء، وإن لم يتم تأكيدها بشكل رسمي بعد، إلا أنها تثير سجالاً واسعاً حول واقع المدينة ومستقبلها، وهو ما يعكسه بوضوح تدوينة جديدة للحقوقي المعروف الأستاذ “محمد الغلوسي” على صفحته بالفيسبوك.
بصمة غائبة وأزمات متراكمة:
ينتقد الغلوسي بشدة الأداء الباهت لوالي الجهة الذي، على حد تعبيره، “لم تظهر بصمته على المدينة وظل ضعيفاً ولم يقدم الشيء الكثير”. ويرسم صورة قاتمة للمدينة التي “ترثي حالها ولا تسر خصماً”، مشيراً إلى أنها بدت “وكأنها بدون تاريخ ولا حضارة ولا مجد، بدت وكأنها خرجت إلى الوجود بالأمس فقط”.
هذا التقييم القاسي يأتي في ظل ظروف مواتية كان من المفترض أن تدفع بمراكش نحو تحول نوعي. فالمدينة تحتضن وزيرة على رأس قطاع حيوي هي عمدة للمدينة، وتقود حزباً سياسياً يشكل عصب التحالف الحكومي. كما أنها من المدن المؤهلة لاحتضان منافسات كأس افريقيا و كأس العالم وتُعد قبلة سياحية عالمية، وتتوفر على مداخيل مالية مهمة كفيلة بإنعاش تنميتها على كافة المستويات.
ورغم كل هذه المقومات، يبدو أن المدينة تعيش “نفقاً مسدوداً”، وهو تعبير مجازي للغلوسي يلخص حالة الركود التي تشهدها مراكش.
جولات مصورة واجتماعات بلا جدوى
يسلط الغلوسي الضوء على مظهر “المسؤول الواقف خلف العمدة في البحث عن منافذ لأزمة فريق الكوكب المراكشي”، و”الجولات المصورة التي تبحث عن أماكن لتشييد الأنفاق دون أن يفكروا ولو للحظة واحدة في إخراج المدينة من النفق المسدود”.
هذه الملاحظات تعكس انتقاداً لاذعاً لما يراه الكاتب مجرد مظاهر شكلية لا تعكس إنجازات حقيقية على أرض الواقع، بل تكرس صورة المسؤول الذي يعقد “الاجتماعات تلو الاجتماعات دون نتيجة تذكر”.
مراكش تستحق “الكبدة” والمسؤولية الحقيقية
يؤكد الأستاذ “الغلوسي” في تدوينته أن مدينة بحجم مراكش “تستحق مسؤولين من طينة خاصة لهم ‘الكبدة’ على المدينة”. مسؤولين يتصفون بـ”الشجاعة والكاريزما والإحساس بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم اتجاه الناس”، ليشعر الجميع بالأمل ويعتز بالانتماء إلى وطنه.
هذا النداء ليس مجرد مطلب عاطفي، بل هو دعوة لربط المسؤولية بالإنجازات الملموسة التي تغير أحوال الناس، بعيداً عن “الصور والشعارات المدغدغة للعواطف”.
مطالبة بالمحاسبة والتصدي للفساد
في ختام تدوينته، يؤكد الغلوسي أن الأصوات المطالبة بـ”ربط المسؤولية بالمحاسبة والتصدي للفساد والريع ومحاكمة من تسببوا في اندحار المدينة واستغلال مواقعهم للاغتناء غير المشروع”، ليست بدافع “تصفية الحسابات أو التنكر للإنجازات المهمة” كما يروج البعض. بل هي “رغبة وإرادة وطنية صادقة في النهوض بأوضاع المدينة وأحوال أهلها وقطع الطريق على كل الذين يعتبرون المسؤولية العمومية ‘همزة’ يجب الظفر بها”.
تدوينة “الغلوسي” تختزل خلاصة نقدية حادة لوضع مدينة مراكش، وتضع المسؤولين أمام مسؤوليتهم التاريخية في استعادة بريق المدينة الحمراء وتوفير حياة كريمة لساكنتها، بعيداً عن الشعارات الرنانة والوعود الجوفاء، في انتظار تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.