محكمة جرائم الأموال بمراكش تؤجل ملف “تبديد وتفويت أملاك الدولة”.. والغلوسي يحذر من “هدر الزمن القضائي”
قررت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، تأجيل النظر في الملف المعروف إعلاميًا بـ “تبديد وتفويت أملاك الدولة” إلى غاية الثامن والعشرين من نونبر الجاري، وذلك لتمكين الوكيل العام للملك من استدعاء أحد المتهمين المتخلفين عن الحضور، وهو المدير الجهوي السابق لأملاك الدولة.
ويتابع في هذا الملف عشرة متهمين، من بينهم مسؤولون ومنتخبون، بتهم ثقيلة تتعلق بـ تبديد أموال عمومية، وتلقي فائدة في عقد، والتزوير واستعماله، والمشاركة في ذلك. وتعود وقائع الملف إلى اتهامات باستغلال مواقع المسؤولية العمومية في إعداد محاضر ووثائق وعقد اجتماعات رسمية في ظروف مشبوهة، مستغلين البرنامج الملكي “مراكش الحاضرة المتجددة”، الذي رُصدت له ميزانية تناهز 600 مليار سنتيم، لتحقيق مصالح خاصة ومراكمة الثروات وتبييض الأموال.
وكشف محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن بعض المتهمين عمدوا إلى تأسيس شركات صورية تحمل أسماء أبنائهم أو مقربين منهم، وأسندوا إدارتها لأشخاص يشتغلون لديهم كـ “زبناء أو أجراء”، لتبدو على الورق وكأنها شركات استثمارية حقيقية. وما إن حصلت هذه الشركات على صفقات عمومية، حتى تم تفويتها بسرعة لفائدة أطراف أخرى، في عملية تحايل ممنهجة حولت العقار العمومي والمال العام إلى أداة للمضاربة والاغتناء غير المشروع.
وأضاف الغلوسي أن هذه الممارسات مكنت المتورطين من مراكمة ثروات بملايير الدراهم، وتأسيس شركات وشراكات تمتد إلى خارج المغرب، مشيرًا إلى أن الجمعية ما تزال تتابع خيوط هذا الملف وتعمل على تقديم معطيات إضافية للقضاء خلال الأيام المقبلة. كما نوه بالتحقيقات التي أنجزتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية منذ سنة 2018، واصفًا إياها بـ“المهنية والجدية”، بعدما كشفت “جانبا مظلما من الفساد الذي نخر جسد المدينة الحمراء”.
ورغم إحالة الملف على غرفة الجنايات منذ سنة 2022، فإنه لا يزال يعرف تأجيلات متكررة، مما يعيد إلى الأذهان قضية “كازينو السعدي” التي استغرقت أزيد من خمسة عشر عامًا قبل أن يصدر الحكم فيها.
وفي هذا السياق، دعا الغلوسي إلى ضرورة تسريع وتيرة البت في القضية وقطع الطريق أمام أي محاولات لتأجيل العدالة، معتبرًا أن “التمطيط في المسطرة القضائية يضر بصورة العدالة ويكرس الإفلات من العقاب”.
وختم رئيس الجمعية تصريحه بالتأكيد على أن الرأي العام ينتظر موقفًا صارمًا من القضاء في مواجهة الفساد ونهب المال العام، مشددًا على ضرورة “تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفرض سيادة القانون على الجميع دون استثناء”، خاصة وأن إجراءات المتابعة لحد الساعة اقتصرت على سحب جوازات السفر ومنع المتهمين من مغادرة التراب الوطني، رغم جسامة الأفعال المنسوبة إليهم.