تحتل النيابة العامة من موقع كونها منشأ الإصلاح القضائي عبر تعاقبه في ما بين سنوات مرحلة 1956 إلى 1965 التي رسخت للمغايرة للنظام القضائي لسلطة الحماية، من خلال إحداث المجلس الأعلى، المغربة والتعريب، والإصلاح التشريعي للعام 1974، الذي أبرز ما تمخض عنه إلزام حضور النيابة العامة ضمن تركيبة انعقاد المجلس الأعلى، وإصلاح 1993 و2003، وتعد مجموع هذه الإصلاحات ممهدة للإصلاح الجذري والعميق الذي استأثر خلال تسعينيات القرن الماضي بخطب جلالة الملك الراحل الحسن الثاني، ووجد عمقه في خطب جلالة الملك محمد السادس، التي ركزت على مفاهيم التأهيل، التحديث، الإصلاحات الجوهرية، وإذ يعد خطاب العرش للعام 2013، المتوالية الدالة على الإهتمام الملكي بالإصلاح العميق للقضاء عبر التركيز على مبدإ الإستقلالية، سيما، بعد توصل النقاش الذي دار حول إصلاح القضاء بالمملكة وشاركت فيه مختلف المكونات الوطنية، إلى ميثاق وطني، مؤسس لنجاعة قضائية بمكونات أجهزتها من خلال ستة توجهات كبرى، تضطلع في إطار التفعيل لأهدافها النيابة العامة بدور مركزي، باعتبار الأدوار المسنودة للجهاز، والمتراوحة بين النيابة عن المجتمع أو الدولة في القضايا الجنائية باسم جلالة الملك، والدور الزجري، والمتابعة والطعن، والتدخل المدني والدفاع عن النظام الإقتصادي العام والإجتماعي والتجاري، وتحريك الدعاوى و متابعتها على مستويي مراقبة الحسابات وقضايا التأديب المالي.
وحيث أن ترجمة هذه المهام مشروط بتأهيل بنى العمل التحتية، قد انطلق العمل عليها على مستوى النيابة العامة لدى الدائرة القضائية الإبتدائية بمراكش، وتساوق مع تعيين الأستاذ عبد الحق نعام وكيلا للملك بابتدائية مراكش في العام 2014، الذي كان مرحلة مفصلية في تجسيد النيابة العامة لتصورات الإصلاح، من مقدمة التوجه السادس من الميثاق الوطني لإصلاح منظومة القضاء، ويدرج إجراء “التشخيص” مدخلا للنهوض بالإصلاح في أفق تحقيق الأهداف التي رام الأستاذ عبد الحق نعام بلورتها على مستوى العلاقة بين هذه النيابة العامة والمهام الموكولة لها، والعلاقة بالمواطن وتقريب الإدارة، وتجويد التعامل القضائي مع القضايا المطروحة، كما تستدل على ذلك المنجزات والأنشطة التي تدخلت فيها هذه النيابة العامة في ما بين سنوات 2014 و 2016، بنسبة استيعاب مائوية قوية لتوجهات وأهداف الميثاق الوطني حول إصلاح منظومة القضاء.
من خلاصات التشخيص الذي كاشف به وكيل الملك بابتدائية مراكش، الأستاذ عبد الحق نعام، الوضعية، أن النتائج المتولدة عن ضعف الموارد البشرية بين موظفين وتقنيين، ونواب وكيل الملك بالإبتدائية، وعدم توفر النيابة العامة على فضاء خاص بالخلية المكلفة بالنساء والأطفال ضحايا العنف، وعدم ملائمة الوسائل اللوجيستية، وضعف التدبير الإداري والمغالاة في التقديم وتزامنه مع توقيت تقديم الشكايات داخل فضاء واحد، أن ترتب عن ذلك، تضخم عدد القضايا وتراكمها، والإكتظاظ الشديد داخل المكاتب، والصعوبة في الإستجابة لطلبات المتقاضين والمرتفقين وفي تقديم الخدمة، ثم غياب المعالجة المعلوماتية للكثير من الإجراءات.
التشخيص المنجز، الذي قام على استبصار محدودية الأداء، وتحديد الإختلالات، التي تعيق سير تقديم وتقدم الخدمات بهذه النيابة العامة، أمكن في سياق الميثاق الوطني لإصلاح منظومة القضاء، من طرح معالجة استعجالية لتلك الإعتلالات كما مثلتها المبادرة التي اتخذها وكيل الملك بابتدائية مراكش، الأستاذ عبد الحق نعام، للرفع من النجاعة القضائية، على امتداد الفترة ما بين بداية شهر شتنبر إلى متم شهر دجنبر 2014، وتمركزت حول 11 إجراءا مباينا لحالة الوضعية التي كانت تجري في إطارها عمليات التواصل القضائي بهذه النيابة العامة، واكترث معتنية بإنفاذ “تطعيم كتابة النيابة بثلاث موظفات- عقد اجتماعات مع الموظفين لمناقشة تدابير الرفع من مستوى معالجة القضايا الرائجة إداريا وتقنيا- إعادة توزيع العمل بين نواب الملك- الإتفاق مع رئيس المحكمة ورئيسة الخلية المركزية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف والمدير الفرعي للمركز بتخصيص فضاء داخل فضاء المحكمة (لهذه الفئة)- استغلال فضاء النيابة العامة عموديا للتغلب على التراكم في عدد الملفات- نقل السجلات من مكتب الحفظ إلى الحفظ المركزي (..)- إصلاح وصيانة الحواسيب القديمة(..)، تقنين مسطرة التقديم والحراسة النظرية- تخصيص مكتب للإستقبال لتلقي الشكايات والتخفيف من الإكتظاظ- تقنين وترشيد الولوج إلى المحكمة باتفاق وتنسيق مع رئيس المحكمة لتحقيق المزيد من الشفوفية، ومكافحة بعض الحالات الشاذة والمريبة كظاهرة السماسرة وشهود الزور- عقد اجتماع مع ضباط الشرطة القضائية (الأمن الوطني والدرك الملكي) ومناقشة جميع القضايا التي تتصل بمجال عمل النيابة العامة لتحقيق نسبة أعلى في مضمار النجاعة القضائية- عقد اجتماعات مع الموظفين ومساعدي القضاء للتواصل ولإيجاد الحلول الملائمة لجميع المثبطات- الحرص أثناء المعالجة الإدارية لمختلف الملفات والقضايا على محاربة بعض عمليات النصب والإحتيال التي يتعرض لها بعض المتقاضين والمرتفقين داخل فضاء المحكمة(..).
وفي المواكبة الإحصائية للمخرجات الإجرائية التي عمل وكيل الملك بابتدائية مراكش، عبد الحق نعام، على مقتضياتها تنزيلا للميثاق الوطني حول إصلاح منظومة القضاء، وتظهر مبيانيا بالإضافة إلى المخلف عن السنة القضائية 2013، تطورا في نسب المسجل وتدبرمن القضايا لدى هذه النيابة العامة في ما بين سنوات 2014- 2016، وذلك، باعتبار تدبر المسجل انعكاسا إيجابيا على الإدارة القضائية وعلى أسلوب توجيه الخدمات المنتظمة الذي أحصن تحقيق التدبر العدلي المتوخى من منظور الميثاق لدى هذه النيابة العامة.
فضمن السنة القضائية 2014، قارب تدبير المنجز من قبل ذات النيابة للمحاضر (التلبسية- العادية- حوادث السير- جنح ومخالفات السير) 58924 محضرا، من مجموع 68578 محضرا، بإضافة المخلف عن السنة القضائية 2013 البالغ مجموعه 737 محضرا، على المسجل منها خلال ذات السنة البالغ 67841، مخلف عنها 9654، وتدبير 13385 شكاية (شكايات العنف ضد النساء والأطفال- شكايات المهاجرين- شيكات دون مؤونة- إهمال الأسرة- الشكايات السرية- شكايات المعتقلين- الشكايات العادية- شكايات الأسرة)، من أصل 19704 شكاية، بإضافة المخلف عن السنة القضائية 2013 البالغ 3566 شكاية، على المسجل منها برسم نفس السنة القضائية البالغ 16118.
النمو في تطور الأداء طبقا لمقتضى الأجرأة للإجراءات المترتبة عن تشخيص الوضعية التي أنجزت في إطار الميثاق الوطني حول إصلاح القضاء، مع تعيين عبد الحق نعام وكيلا للملك بابتدائية مراكش في شتنبر من السنة 2014، سيتبلور من خلال أنشطة هذه النيابة العامة خلال السنة القضائية 2015، التي سجلت نسبا مائوية عالية في الإنجاز والتصفية للملفات والمحاضر بتعدد وتنوع قضاياها، إذ ترصد إحصائيات السنة بلوغ هذه النيابة العامة إلى نسبة إنجاز وصلت إلى 98،111%، في ما يتعلق بالمحاضر التلبسية التي يصل حجم العدد بها بإضافة المخلف عن السنة 2014 إلى 16485 محضرا، مسجل منها خلال هذه السنة بذات النيابة 16071 محضرا، المنجز منها 15997 محضرا، بنسبة تصفية للمخلف وصلت إلى 59،68%، ونسبة 03،97% من الإنجاز للرائج، بينما بلغت نسبة الإنجاز من المسجل من المحاضر العادية البالغة المجموع 33536 محضرا، بإضافة المخلف البالغ 9048 محضرا، على المسجل خلال نفس السنة 24488 محضرا، نسبة 55،123%، ونسبة تصفية للمخلف ب 26،94%، ونسبة إنجاز من الرائج ب 22،90%، في ما بلغ الإنجاز من المسجل من قضايا الجنحي الضبطي المسجل منها 10115 محضرا خلال السنة 2015، نسبة 100%، نفس الأداء ينسحب على مستوى نفس القضايا خلال السنة القضائية 2016، التي عرفت تسجيل مجموع 18088 محضرا تلبسيا، بإضافة المخلف عن السنة 2015 البالغ 488 محضرا، حيث يبقى المسجل خلال هذه السنة من المحاضر التلبسية 17610 محضرا، في ما أن المنجز وصل إلى 21197، بنسبة إنجاز للمسجل بلغت 99%، ونسبة 36،120% من إنجاز الرائج، بينما بلغ المنجز من المحاضر العادية 37243 محضرا، من مجموع 39444 محضرا، بإضافة المخلف عن السنة 2015 البالغ 3279 محضرا، المسجل منها 36165 محضرا، بنسبة إنجاز 94% من المسجل و 98،107% من الرائج لدى هذه النيابة العامة، ونسبة إنجاز 100% للرائج من محاضر قضايا الجنحي الضبطي.
الإجراءات المتخذة من لدن هذه النيابة العامة، كما تبين عن ذلك، إحصائيات الناتج المترتب عن مبادرة الإصلاح التي وضعها وكيل الملك لدى ابتدائية مراكش، لتجاوز معيقات الإستجابة لمعيار النزاهة والشفوفية وتسريع الخدمات، تجانسا مع الميثاق الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، وقام منبنيا من حيث شكل الإصلاح على التفريق بين الإداري واللوجيستي والإجتماعي، ارتهن التفعيل للإصلاح بهذه النيابة العامة، على مستوى الأجرأة بمضامين وحدة الترابط في الولوج والتطبيق وإنفاذ التوجهات الكبرى للميثاق الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، واللذين استبطنهما بعد التخليق والترشيد للأهداف ضمن السياق النفعي للأدوار التي تضطلع بالقيام