غذت الضرورة لحماية الساحات والفضاءات المجاورة لأماكن العبادة بحي المسيرة الأولى مجيبة، وأصبح معها تشديد زجر المخالفات التي يرتكبها نشيطو الرواج التجاري غير المهيكلين الذين يحتلون المساحات الأمامية لهذه الأماكن، واجب تخليص مما يبث في المدرك بصريا من مظاهر الإعتداء الذي تتعرض له، والإتلاف الذي تقع تحت وطأته وتتشكل إرهاصاته بعد عصر كل يوم، أن لا من متدخل -مؤسسة منتخبة أو عمومية-، يحرص على محق ومحو الممارسات الموجهة نحو القفز عن كل ما يمكن أن يظهر الوجود البشري بهذه الأماكن المغزوة تحت نافذة “مصلحة ذوي النفوذ بالحي”، ضمن تجليات السلوك الحضاري الذي يفعل في مباشرة التحصل على لقمة العيش والدفع بالتي هي أحسن في “التكسب” الذي بفعل منه تتحول هذه الأماكن إلى دار لصناعة الفوضى بالشارع العام، وإلى أوكار قد يمرر من خلالها ما يعاقب عليه القانون، أو تؤخذ أمكنة تستر على أفعال مجرمة –واقعة ديور الشهداء لا تزال ماثلة في الذاكرة-.
الصورة التعبيرية لهذا الوضع الذي هو مرفوض حتما، مستجلاة من الساحة الأمامية من المؤسسة الدينية، “الجامع الشتوي”، بنفس الحي الذي يرزأ تحت وابل “ألا نظامية” وواقع الإهدار للجمالية التي أسس لوجودها من خلال مراعاة التصميم العمراني للجامع على توفير فضاء ترفيهي عام، يستغل في إعطاء الجامع بعض عناصر التحكم في المنظومة البيئية، مادامت هذه الواجهة الأمامية للجامع، جزءا منه، ورافده البيئي، وفضاءه الأخضر الذي يقع تحت حرمته، ويطلب الحماية من العبث بمؤثته الأخضر الذي أمحت الحوافر غطاءه النباتي، ويظل ما سلم منه بين شدق الدواب التي تتحرك بهذا الفضاء دون عقال يعد فكها عن العربات المحملة التي تتحول إلى منصات عرض للمنتوجات الفلاحية، والتي لابتياعها تجمع الإفادات الشفاهية التي استقتها جريدة الملاحظ جورنال، تصاحب في إطار المنافسة بين العارضين بأصوات صاخبة، تستقطب دون استثناء لمواعيد الصلاة، المبتاعين الذين يجفز توافدهم الباعة على مزيد من رفع إيقاع الصخب الذي بالإضافة إلى انسرابه بين المصلين بالجامع مغرب وعشاء كل يوم، والتشويش على “الطمأنينة” التي هي ركن صحة من أركان أداء الصلاة، والتي يؤدي عمليا غيابها بفعل تلك الحركة التجارية، إلى انقطاع الخشوع الذي هو أحد هذه الأركان وأقواها في هذه الصحة، (بالإضافة إلى ذلك)، انتقال هذا الصخب الذي يصبح غير متحكم فيه إلى الدور المجاورة التي تنال مما يرافق الصخب من بداءة الملفوظ نصيبا، لتلافيه تجد أهاليها نفسها مجبورة على إغلاق منافذ تسرب ما لا ترتضى سمعه في اللمات الأسرية والعائلية، ويكلفها إجراء كهذا في الأيام الحارة، الإنفاق على وسائل التكييف بأنواعها، تجمع الإفادات الشفاهية التي استقتها جريدة الملاحظ جورنال من شهود عيان الذين أجمعوا على أن يتحول الفضاء العام لجامع الشتوي إلى “حظيرة”، أمر غير مقبول، وأن يتلاعب الباعة بروحانية العبادة فهو أمر مرفوض.