حروب التنقيب العثمانية

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

بعد غزو الولايات المتحدة للعراق بعام 2003م و الدور البارز الذى لاعبته تركيا فى تدمير العراق سواء أثناء الحرب أو بعدها، و بعد فتح المجال لسبعة و ستون شركة أسرائيلية لاقامة سدود بريجيك و سد قره قايا و سد غازي عنتاب وسد كيبانو سد ودجله، و السماح للحكومة الاسرائيلية بشراء اراضى على ضفاف نهر مناوغات، لكى تشعل حرب المياة ضد العراق بجانب الحرب العسكرية و الاقتصادية و السياسية، عقد قادة حلف ناتو أجتماع بأسطنبول عام 2004م و تم الاتفاق على مبادرة اسمها ” تركيا و الشرق الاوسط الجديد ” و تم تحديد دور تركيا فى الخريطة الجديدة للمنطقة، بعد أن طالبت كونداليزا رايس بالتعجيل فى ترسيم الشرق الاوسط الجديد، و الدخول فى مرحلة الفوضى الخلاقة .
و بعدها خاض على بابا جان وزير الخارجية الاسبق لتركيا و أحمد داوود أوغلو وزير خارجيتها الحالى زيارات عديدة لدمشق ليصبح بعدها كلا منهما مفاوض بأسم الولايات المتحدة بدلا من كولن باول الذى ذهب بعد غزو العراق لدمشق لكى يحصل على توقيع الرئيس السورى بشار الاسد على مذكرة شروط الابقاء، و لكن رفض بشار الاسد وقتها الامضاء على كافة بنود الاتفاقية الخمسة، و هو الامر الذى رسم كل ملامح الفشل على وجه كولن باول التعيس، لكى تخرج بعدها الولايات المتحدة النظام السورى برمته خارج خريطتها السياسية و الجغرافية المستقبلية للمنطقة .

و مع بدء أطلاق شرارات الفوضى بالمنطقة كانت رأس أردوغان تطل علينا فى جميع المشاهد و الاحداث الساخنة و هنا تبدل دور تركيا الدبلوماسى بنيابة عن واشنطن الى دور الارهابى المصدر للسلاح و المتطرفون لدول المنطقة و على رأسها سوريا بعد أن ظهر دور شرق تركيا الذى تم الاتفاق عليه سرا أثناء أجتماع قادة حلف الناتو بأسطنبول عام 2004م، و هو الامر الذى أعترف به رئيس الاركان الفرنسى الاسبق إدوارد جيو عندما تحدث لمجلة لوبوان الفرنسية بفبراير من عامنا الحالى، و شرح حقيقة دور كارمان و عثمانية و سالنيورفا و ما بها من معسكرات تجمع و أعداد الارهابيين من جميع أنحاء العالم لارسالهم الى سوريا و ليبيا و مصر، و خطورة تلك المعسكرات المستقبلية على أمن القارة العجوز، و هى المعسكرات التى يتصارع عليها الجميع فى شراء أكبر حصص و اسهم فيها عبر دعمها بمليارات الدولارت بداية من مؤسسة يارديم فاكفي و حاقان فيدانى مدير أم أي تي ( الاستخبارت العامة التركية )، مرورا بغانم الكبيسي مدير المخابرات القطرية و رجل الاعمال السعودى ياسين القاضي المنتمى لجماعة الاخوان المسلمون، و صولا للمخابرات الامريكية و اللوبي الصهيوني للفوز باكبر قطعة من الكعكة .

و تمد تركيا داعش بالسلاح و المال تحت غطاء جهاز المساعدات الانسانية التركى أي أتش أتش، الذى يشرف عليه جهاز الاستخبارات العامة التركية، و عند أعلان الولايات المتحدة لانشاء التحالف الدولى لمواجهة داعش تخلفت تركيا عن المشاركة، و طالبت أن يكون أسقاط النظام السورى مرتبط بمحاربة داعش، و هنا باتت جميع الخيوط التى تحرك العرائس خلف الستار واضحة للجميع .

و دخلت تركيا الحرب فى سوريا عبر دعم داعش و هى تمنى نفسها من الاحتياطات الضخمة من الغاز بشمال سوريا الغير مستغل، و الحصول على مباركة أوربا فى تلك الخطوة بعد تقديم العثمانى لهم حلم تخلص السوق الاوربى من سيطرة الغاز الروسى و ان يكون ميناء جيهان التركي هو المخرج، و لكن بعد فشل محاولات أسقاط النظام السورى الحالى ظهرت داعش كحل بديل لخطة السيطرة على شمال سوريا، بعد أن أستولت داعش على العديد من منابع النفط بالعراق و سوريا لترسله الى ميناء جيهان التركى الذى ترسله تركيا فيما بعد الى ميناء عسقلان ألاسرائيلي عبر ناقلات نفط عائدة لبالمالي شينغ و وكالة جي اس سي المملوكة للملياردير التركى الاذربيجانى مبرز غوربان أوغلو، لكى تختم أسرئيل تلك البراميل بشهادات منشأ مزورة بأسم بئر أيلات . و فاحت رائحة العثمانى التأمرية بعد مقابلته مع صالح مسلم محمد رئيس حزب الاتحاد الديمقراطى الكوردى السورى، الذى عرض عليه أردوغان سيل من الاغراءات مقابل تسليم كوبانى الى داعش و لكن رفض مسلم ذلك فعاد العثمانى و اتهم رئيس حزب الاتحاد بانه ارهابى، و احترق معها أخر كرت كردي كانت تمسك به أسطنبول .

و مع تطلع العثمانى الدائم نحو مصادر الطاقة خاصة بالبحر المتوسط جائت الاتفاقية الثلاثية بين مصر و اليونان و قبرص بحق التنقيب فى مياة المتوسط كصفعة له، و هو الامر الذى صعد الصراع التركى مع العرب الى درجة أعلى، فلا أحد يغفل تدخلات تركيا فى ليبيا و دعمها لجماعة أنصار الشريعة، و نفس الدور و لكن بشكل أخر مع حركة النهضة التونسية، أو الحزب الحاكم بالمغرب حزب العدالة و التنمية الذى ينطوى تحت نفس المظلة الواسعة للتنظيم الدولى لجماعة الاخوان، وهنا بدئت كل ملامح صراع الماضى تعود للحاضر من جديد، و لكن فى تلك المرة يحمل الصراع أبعاد أكثر بكثير من مجرد السيطرة و أخضاع الاخر لارادته، و هى حرب تدور فى فلك النزاع على مصادر الطاقة .

حقيقة الامر أردوغان يسير على نفس نهج عدنان مندريس الذى قدم للغرب ما كان يستطيع ان يفعله احد حتى و لو كان من تولى رئاسة وزراء تركيا وقتها رئيس استخبارات بريطانيا بنفسه، فقام مندريس بضم تركيا لحلف شمال الاطلسى عام 1952م و اصبحت راس حربة ضد الاتحاد السوفيتى، و لم يتاخر لحظة فى ارسال قوات تركية الى كوريا، و اصبحت تركيا خنجر اسرائيل لضرب القومية العربية، كما انه اول من قام بتأييد العدون الثلاثى على مصر 1956م، و فى العام التالى رفض مندريس التصويت بالامم المتحدة لاستقلال الشقيقة الجزائر، و تطورت علاقاته مع اسرائيل بسرعة شديدة فى الوقت الذى ذاق فية العرب المر من العصابات الاسرائيلية، حتى زار مندريس بنفسة اسرائيل عام 1958م و قام بعقد اتفاقيات عسكرية لكى تكون حائط صد ضد نفوذ الزعيم جمال عبد الناصر المتصاعد فى سوريا على حدود تركيا، حتى صارت انقر تشبه تل ابيب و صار مندريس كبن جوريون عثمانى . و صدق على تلك المسيرة فى عصرنا الحالى أردوغان بدخوله موسوعة جينيس للارقام القياسية فى التطاول على اسيادة و العمالة للغرب بل دخلها من اوسع الابواب بأكبر عدد من قواعد الناتو و يشهد على ذلك قاعدة الاسكندرون و سيلفلي و انقرة الجوية و بلياري و انجرليك و سيونوب و بيرنكيك و كارنمابردن و أزمير الجوية .

و يبدو ان اردوغان الذى يخوض حروب التنقيب العثمانية لم يتعلم شى من ماضى مندريس غير تاقليم اظافر الجيش قبل ان يلحق اردوغان بنفس مصيرة و احقاقا للحق لقد صبر اردوغان كثيرا على ثمن عمالتة للغرب متوهما بتنصيبه على كرسى الخلافة من جديد، و لكن يبدو ان صديقنا المغفل و الذى يلقبه قوميين وطنة بحذاء امريكا لم يقراء التاريخ جيدا فالتائه بين القوميات لن ينال يوما من خير اجناد الارض .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *