توثق الدورة الثامنة من مؤتمر المدن والحكومات المحلية المتحدة بأفريقيا “أفريستي”، التي شرعت الثلاثاء 20 نونبر من السنة الجارية 2018 بمراكش، في بلورة الإهتمامات المشتركة بين حواضر وأرياف دول القارة، عمق الحاجة إلى إكمال التغريز للإندماج الإستراتيجي وتوطين شراكة التخطيط وتحديد الوسائل التي يجب الأخذ بها في مواجهة رهان الإستثمار الموجه نحو تلميم فجوة النهوض والقومة في إدارة التراب الأفريقي، وتنسيق الكفايات التي من شأنها تحقيق الأهداف البعيدة بالمحفظة الإستثمارية من حيث عمليات التدبير وإعادة الهيكلة الكاملة في مشروع إرادات المجالس المنتخبة، ذات المسئولية في تحقيق التوازن الترابي الداخلي المنطوي على الإجابة على رزمة الأسئلة التي تثيرها وتطرحها مسألة “التنمية المستدامة” بالقارة، سيما، في محتواها الإجتماعي الذي ينكشف على مستواه ضعف الأداء الإداري والخدماتي للمجالس، على تفسير أزمة العلاقة البنيوية بين الفهم الإستراتيجي للتدبير والتسيير، وبين المؤهلات والمقدرات والقدرات التي تمنحها القارة، وبين مجموعة المعارف والصفات العامة التي تفيض وتطفح وتغزر بها القارة، وتحتاج إلى تحويلها مكونا قارا في عملية الإستدامة للتنمية، استجلابها في سياق منصهر مع تحديات الراهن التي تعترض وتستصعب الولوج في المنظومة التقديمية لتغطية الإحتياجات الإجتماعية، طبق رؤية استراتيجية وخطة عمل تفعيلية منفكة عن التدخل المركزي في مخطط عمل المجالس المنتخبة، وفي إطار “اللا تمركز” الذي قدمه من خلال التجربة المغربية وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت في خلال الجلسة الإفتتاحية لأعمال نفس الدورة، باعتبارها نموذجا يقع من المملكة رهن إشارة الدول والمنظمات الأفريقية، بالقول، ” أن المملكة المغربية تضع تجربتها في مجال اللامركزية رهن إشارة جميع الدول والمنظمات، وأن هدفها المساهمة بشكل ملموس في بلورة منظومة للتعاون اللامركزي بين الجماعات الترابية المغربية ونظيراتها الإفريقية، في إطار مقاربة مندمجة لقضايا التنمية وفق الرؤية السديدة للملك محمد السادس، الذي يولي عناية خاصة للتضامن والتعاون الإفريقي”.
ضمن هذا السياق الذي يقوم بتقديم “اللا مركزية”، من مقدمة كونها تنظيم إداري ضمن أهم مبادئ التحول إلى الديمقراطية، وإن يحصل تباين أو مغايرة جزئية تعود إلى اختلاف الطرق التي تفعلها، فضلا، عن تمايز “اللامركزية” عن “التمركز”، كونها تطبق على دينامية المجموعات وعلم الإدارة في الأعمال التجارية والعلوم السياسية والقانون والإدارة العامة والإقتصاد والتكنولوجيا، يجعل إلحاحية التركيز للتوجه “اللا مركزي”، والترابط والتآزر والتناصر والمشاركة في نطاقه، حيث واستنادا إلى الوارد من تدخل وزير الداخلية، عبد الواحد لفتيت، في إطار نفس الجلسة الإفتتاحية لأعمال نفس الدورة الثامنة من مؤتمر المدن والحكومات المحلية المتحدة بأفريقيا “أفريستي”، بأن التعاون اللا مركزي (أصبح وسيلة ناجعة للحوار والتواصل بين المنتخبين والفاعلين المحليين، إذ يمكن من نسج علاقات متميزة وتبادل الخبرات والتجارب والإشتغال على قضايا تنموية تهم الساكنة في معيشها اليومي، خاصة وأن الجماعات الترابية هي المسؤولة عن تقديم خدمات القرب للساكنة)، مذكرا في نفس الشأن، بأن (المملكة عملت جاهدة على دعم هذا التوجه سواء في إطار الاتفاقيات الثنائية التي تجمع جماعاتها الترابية بنظيراتها الأجنبية، أو في سياق منظمات المدن والحكومات المحلية الإفريقية، وهو ما يتوافق مع الجهود المبذولة على المستوى المركزي من خلال المشاريع المهيكلة للتعاون والشراكة مع العديد من الدول الإفريقية لدعم النمو المدر لخلق الثروة وفرص الشغل وتعزيز التنمية البشرية).
وقبالة تأكيد وزير الداخلية، عبد الواحد لفتيت، في ما حمله نفس التدخل في انطلاق أعمال نفس الدورة الثامنة من مؤتمر المدن والحكومات المحلية المتحدة بأفريقيا “أفريستي”، دعم المملكة لجميع (سبل التعاون للهيئات المحلية وفق الإستراتيجية القائمة على الحرص على الدفاع عن المصالح الحيوية للقارة، من أجل أفريقيا ثابتة على درب التنمية المستدامة، وصامدة في وجه التحديات المتعددة)، على اعتبارها جزءا لا يتجزأ من القارة، وبتثبيت أن نفس التحديات المطروحة على المؤتمر شكلت دائما (دافعا قويا للمملكة المغربية لبلورة مبادرات عملية من شأنها أن تكون نواة لعملنا الجماعي مع الدول الأفريقية الشقيقة)، بأن دعوة المغرب إلى قمة العمل الأفريقية التي انعقدت موازاة مع انعقاد مؤتمر الأطراف في الإتفاقية الإطار لهيئة الأمم في شأن تغير المناخ (كوب 22) الذي احتضنته مراكش في نونبر من العام 2016، وذلك، لأجل دعم القارة في مواجهة التحولات المناخية وجهودها في تحقيق التنمية المستدامة، حيث اعتبر في هذا الإتجاه بأن (منظومة اللامركزية، ودور الحكومات والجماعات الترابية المحلية، تشكل رهانا أساسيا يتعين على مسؤولي القارة الافريقية تدبيره بشكل جيد ضمانا لرفاهية وتقدم شعوبها، وفق مقاربة تقوم على روح المبادرة والابتكار واستغلال الإمكانات المحلية بشكل عقلاني، بما يتلائم مع تنوع الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للقارة).
وأبرز وزير الداخلية، عبد الواحد لفتيت، بالقول في نفس سياق المؤتمر، أن قوة التجربة المغربية في مجال تدبير الشأن العام المحلي (تتجلى أساسا في مواكبتها لتطور الإحتياجات المجتمعية، وكذا، التطور المستمر لأساليب التدبير المعتمد، والإستفادة ومن تجارب ناجحة في هذا الشأن)، مشددا التأكيد، بأن المغرب الذي عمل في إطار “اللا مركزية”، تحت الرؤية الإستراتيجية للملك محمد السادس، على إعطاء نفس جديد للجماعات، في كل مرحلة زمنية تكون فيها حاجة لذلك، وتجلى (عبر أوراش الإصلاح التي طبعت كل مرحلة على حدة لتبرز الآن جيلا جديدا من المؤسسات التي أدخلت بلادنا مرحلة متميزة عمادها الجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي يحمل أجوبة تنموية واضحة لكل الإشكالات المطروحة).
تجب الإشارة إلى ذلك، أن الترتيبات التنظيمية التي استبقت إعلان افتتاح الدورة الثامنة من مؤتمر المدن والحكومات المحلية المتحدة بأفريقيا “أفريستي”، سجلت ارتباكا بلغ درجة النعث بوصف “السيئ”، كان أوضح المظاهر الذي عبرت عنه عدم توصل المدعوين المشاركين في أعمال الدورة بجواز المرور الذي يمكنهم من العبور إلى قاعة انعقاد الدورة، دون الإنضمام إلى طابور الإعلاميين المسجلين لتغطية نفس أعمال الدورة، والذين واجه كثير منهم الإقصاء الناجم عن سوء تدبير التعامل مع طلبات الحصول على الجواز، حيث فوجئ ذات الإعلاميين بعدم الإدراج على القاعدة المعلوماتية للمكلفين بقطاع الصحافة والإعلام، رغم التسجيل المسبق، في ما لوحظ تمكين خارجين عن القطاع من جوازات العبور إلى قاعة الدورة، وضمنه يطرح سؤال المعايير في إسناد مهمة التواصل في إطار هذه الدورة، التي أثبتت أن الجهة التنظيمية التي تم منحها القيام بالمهمة ظلت خارج سياق الحدث المطبوع بالقارية، وخارج انتظار تأكيد الخبرة التي راكمها المغرب في تنظيم اللقاءات الدولية، وتجعل مناقشة التنظيم لمحفل دولي بالمغرب غير قابلة لكثير مد وجزر، باعتبار إمكاناته البشرية واللوجيستية التي لم توظف بالشكل الذي يحفظ للمغرب حسن التنظيم خلال هذه الدورة الثامنة من أعمال مؤتمر المدن والحكومات المحلية المتحدة بأفريقيا “أفريستي”.