كتب- عبد الرزاق القاروني
تحت شعار:”تنمية الشخصية وتماسك المجموعة في خدمة مدرسة المواطنة”، نظمت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، خلال الفترة الممتدة ما بين 04 و09 نونبر 2019 بالمركب السياحي زفير بمراكش، مخيما خريفيا لفائدة عدد من المنسقين الجهويين والإقليميين والمحليين والتلميذات والتلاميذ المنخرطين في مشروع دعم تعزيز التسامح والسلوك المدني والمواطنة والوقاية من السلوكات المشينة في الوسط المدرسي (APT2C)،على صعيد الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بمختلف ربوع الوطن.
وفي افتتاح هذا الملتقى، ألقى عزيز نحية، المدير المكلف بمجال الحياة المدرسية والمدير الوطني لهذا المشروع، كلمة افتتاحية أكد من خلالها أن تنظيم هذا المخيم التربوي يندرج ضمن العمليات المبرمجة، في إطار المشروع الذي شمل 200 ثانوية إعدادية وتأهيلية، برسم الموسم الدراسي المنصرم، والذي يهم بالأساس تعزيز روح المواطنة والسلوك المدني داخل المؤسسات التعليمية، وترسيخ مقاربة المواطنة الحقة المبنية على الواجب والحق والالتزام لدى التلميذات والتلاميذ.
وأضاف أن هذا المشروع قد أعطى دينامية قوية للمؤسسات التعليمية، مما أدى إلى تقلص السلوكات المشينة، إن لم نقل اندثارها، وأثر بشكل إيجابي، في التحصيل الدراسي لدى المتعلمات والمتعلمين، مشيرا، أن هذا المكون الحيوي ضمن منظومة التربية والتكوين ببلادنا سيمكن المنخرطين فيه من التوفر على مشروع شخصي يجعلهم يحققون المراتب العليا ويساهمون في رقي المجتمع.
وبدوره، تناول الكلمة مولاي أحمد الكريمي، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش-آسفي، ليوضح أن البناء الحقيقي للتربية في عمقها هو هدف هذا النوع من الأنشطة، وأن بناء القيم وإرساء المبادئ هما عماد المجتمع والدعامة الحقيقية للتماسك الإجتماعي، وهما البناء الرصين للروابط التي تضمن الحياة في مجموعات وحياة اجتماعية سعيدة ومريحة للجميع، مؤكدا، أن هذا الورش الذي نحن بصدده، هو من الأوراش المهيكلة في العمق، حيث يشتغل العاملون فيه على مبادئ قبول الآخر والعمل ضمن مجموعات والإلتزام بالإتفاق والبناء المشترك، إضافة، إلى التشبث بما تم بناؤه لكونه إنتاج جماعي.
ومن جهته، قال ياسر بنعبد اللاوي، ممثل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بالمغرب، أن هذا البرنامج الأممي يشتغل بقوة مع وزارة التربية الوطنية، لأن التربية هي أساس كل تنمية، وفي هذا السياق يندرج هذا البرنامج الذي يتغيا الإستمرار في العمل في هذا المجال، بهدف دعم الحياة المدرسية بالمؤسسات التعليمية المحتضنة له، من خلال الإنفتاح على حياة المواطنة والتطوع والمشاركة والبناء والخلق، علاوة، على العمل من أجل الآخرين.
ومن جانبه، أشار عبد العالي بلعاجي، ممثل الرابطة المحمدية للعلماء، أن مهمة المدرسة لا تنحصر في نقل العلوم والمعرفة فقط، بل تتعدى ذلك إلى تأهيل جيل متشبع بالحس الوطني وروح المسؤولية والعمل، وفق ما تمليه حقوق الإنسان، موضحا، أن القيم والمبادئ المرتبطة بالمواطنة يمكن إجمالها في قضايا الحس الوطني والتحضر، إضافة إلى التضامن، ومبرزا، أن الهدف من هذا البرنامج هو الرقي بالمدرسة المغربية إلى درجات تجعل منها فضاء يتسم بالإحترام والتسامح والتعايش والقضاء نهائيا على السلوكيات الخطرة مثل العنف والغش وتعاطي المخدرات والهجرة السرية، وذلك، من خلال استخدام وسائل وتقنيات جديدة، من أبرزها: التلعيب والقصة المصورة والمسرح التفاعلي ووسائل التواصل الاجتماعي.
إلى ذلك، تناول الكلمة محمد الحجي، المدير التجاري للمركب السياحي زفير، مبرزا أن المشاركين في هذا المخيم التربوي يوجدون في فضاء ملائم خاص بنساء ورجال التعليم، وتابع لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الإجتماعية لأسرة التربية والتكوين، ومشيرا، أن إدارة هذا المؤسسة الفندقية تعتبر شريكا في تنظيم هذا المخيم، ومعربا، عن استعداد هذه الإدارة لتقديم كل الدعم وتوفير جميع سبل النجاح لهذه التظاهرة.
وأطر فعاليات هذا المخيم التربوي عبد العزيز عنكوري، مدير المخيم والمنسق الوطني للمشروع، وعبد الرحيم العيادي، رئيس مصلحة تنظيم الفضاءات المكانية والزمانية بالوزارةوهشام برقية، إطار بذات المصلحة، والدكتور محمد بلكبير ومحمد الخو والمجودي أقسو، عن الرابطة المحمدية للعلماء، وزهير عداوي وعبد المنعم بوعمامة عن “وايبير المغرب”، التابع للشبكة الدولية للمثقفين الأقران.
وتناولت محاور هذه التظاهرة قضايا ومواضيع راهنة تهم المواطنة والسلوك المدني وثقافة حقوق الإنسان، وثقافة السلام والتربية على السلام، إضافة، إلى الوقاية ومناهضة التطرف العنيف؛ وفي هذا الإطار، تم إلقاء عروض وتنظيم ورشات، والقيام بألعاب وأنشطة مسرحية، وإنتاج فيديوهات وقصص مصورة ومشاهدة أفلام قصيرة، وزيارة بعض المعالم السياحية والثقافية لمدينة مراكش، وتنظيم احتفالية مميزة بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة.
وفي ختام هذا المخيم الخريفي، ألقى نحية كلمة أكد من خلالها أن المدرسة المغربية في تميز مستمر، مشيرا، أن الوزارة تعمل على تطوير هذا البرنامج، من خلال التكوين والتأطير وتوفير جميع الإمكانيات لتحقيق كافة الأهداف المسطرة، في هذا المجال، وموضحا، أن المشاريع تنتهي، لكن الحلم يستمر، ويتواصل العمل والجهد، بهدف جعل مواطنات ومواطني المستقبل يكونون متشبعين بقيم الواجب والحق والالتزام.
ثم استعرض محمد حوراني، مدير شركة “آش بي إس” المغربية المختصة في تكنولوجيا الأداء الإلكتروني، العوامل التي جعلت هذه المؤسسة تصبح من بين الشركات الخمس الأوائل عالميا، في هذا الميدان، مؤكدا أن التلميذات والتلاميذ المستفيدين من هذا المخيم التربوي يشكلون الصفوة، التي ينبغي أن تحمل مشعل المستقبل، ومشيرا، أن مواصفات الصفوة تتمثل في المواطنة والكفاءة والشجاعة.
وفي أعقاب ذلك، تم تنظيم حفل فني باذخ، تخلله عرض شريط وثائقي عن ذاكرة المخيم وإبداعات تلاميذية حول ورشة الفيديو وأداء أغان ورقصات فلكلورية وتجسيد مسرحيات، وتوزيع ميداليات وشواهد المشاركة والعرفان على مختلف المستفيدين والمنظمين لهذه التظاهرة، إضافة، إلى تلاوة نداء مراكش الصادر عن فعاليات هذا المخيم.
يذكر أن هذا الحدث التربوي قد لاقى نجاحا كبيرا، مما يستدعي جعله تقليدا ضمن الأنشطة المؤثثة لهذا المشروع المتميز والرائد بمنظومة التربية والتكوين الوطنية، لكونه فرصة ثمينة للترفيه وتلاقح الأفكار وتقاسم التجارب، وتطوير قدرات التلميذات والتلاميذ المنخرطين في هذا المشروع.