في إطار تنزيل مقتضيات دستور المملكة لسنة 2011، الذي نص على مجموعة من المقتضيات التي تكرس مبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والشفافية والمساواة والنزاهة، كانت قد صدرت نصوص جديدة تتعلق بالتعيين في المناصب العليا ومناصب المسؤولية، تم بموجبها تخويل الحكومة سلطة واسعة في التعيين في هذه المناصب، بما يمكنها من اختيار الأطر الكفأة القادرة على تحمل المسؤولية التدبيرية للمرافق العمومية.
لكن الواقع أتبت عكس ما هدف إليه الدستور المغربي، وكشف اختلالات فضيعة تعتري مسطرة التعيين في المناصب العليا، وهو الأمر الذي دفع بالحكومة إلى التفكير جديا في تغيير صيغة التعيين المعتمد حاليا.
فالصيغة الحالية تعتمد انتقاء المرشحين لهذه المناصب من طرف لجنة يعينها الوزير المكلف بالقطاع، قبل أن تمده بثلاثة أسماء يتم انتقاؤها من طرفها، ليختار منها اسما يقترحه على المجلس الحكومي ليصادق عليه.
الصيغة المتبعة أبانت على أنها شكلية وغير فعالة، فالتعيين في عدد من المناصب العليا خضع إلى نظام التراضي بين الأحزاب، و”عطيني نعطيك”، حتى أصبح الأمر يعرف إعلاميا بـ”كعكة التعيينات”.
كما أن هذه التعيينات استغلت وتستغل، حسب تصريحات سابقة لمسؤولين سياسيين، في “التسوية السياسية بين أحزاب الأغلبية الحكومية، وأحيانا في الابتزاز والضغط بين هذه الأحزاب لتمرير مواقع”، وعند المحاسبة يتنصل الكل من مسؤوليته، وتبدأ الكرة ترمى من جهة إلى أخرى، فالوزير يحمل المسؤولية للجنة التي هو من يختار أعضائها، فيما الحكومة تحمل المسؤولية إلى الوزير المعني وهكذا.
أمام هذا الوضع، أفاد مصدر حكومي أن الحكومة ستعود إلى نظام التعيينات السابق، والذي يعطي للوزير الحق في اختيار وتعيين المسؤول الذي يراه مناسبا لمنصب ما.
الهدف من هذه الصيغة، حسب المصدر نفسه، هو “تحميل الوزير المعني المسؤولية السياسية في اختياره، وللحد من استغلال هذه المناصب سياسيا بين الأحزاب، بخلاف الاعتماد على الكفاءة.