الملاحظ جورنال:المصدر – جريدة الأخبار
عندما يكلل وزير التجهيز زيارته إلى سيدي إفني، المدينة التي فقدها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الجزئية الأخيرة، بتأجيل مشاريع إطلاق بنيات تحتية، فإن سؤالا مشروعا يطرح نفسه حول كيفية صرف القرض الذي حصلت عليه الحكومة مؤخرا من البنك الدولي (96 مليون دولار) لتأهيل الطرق المغربية.
نقول ذلك لأن السيد الوزير الذي أظهر ميولات دفينة للرقص مؤخرا، ألغى إنجاز مشاريع طرقية كان من المنتظر فتح صفقاتها الخاصة قريبا، ويتعلق الأمر بتثنية الطريق الوطنية رقم واحد على مستوى المقطع الرابط بين ميرغت ولاخصاص باعتباره إحدى النقط السوداء وطنيا، والذي عرف عددا كبيرا من حوادث السير القاتلة، كما ألغى الوزير الراقص مشروع تحويل مسار الطريق الوطنية رقم واحد نحو الطريق الإقليمية 1916 والتي طولها 25 كيلومترا، حيث سيقتصر المشروع على إعادة بناء القناطر بالطريق المذكورة فقط، علما أن الطريق عرضها لا يتجاوز أربعة أمتار، وكان من المنتظر توسيعها إلى ستة أمتار كما هو مبرمج سابقا، وذلك كي تكون امتدادا للطريق الوطنية رقم واحد لتفادي مقطع «أكني إمغارن».
وما لا يعرفه، أو ربما يعرفه ويتجاهله، السيد الوزير الراقص بخصوص فقدان حزبه لقلعة منيعة كسيدي إفني هو أن «عبقرية» منظري سياسة الحزب الانتخابية كانت السبب الرئيسي في فقدان مقعد هذه المدينة المجاهدة.
والواقع أن قبائل أيت باعمران تخلوا عن حزب «تشومعيت» كما يسمى في سوس وتصدوا للعثماني والخلفي في المهرجان الخطابي للحزب هناك بمناسبة الانتخابات الجزئية، لأنهم لم ينسوا واقعة الباخرة الإسبانية التي صدمت قارب «الحراكة» الباعمرانيين وكان العثماني وزيرا للخارجية آنذاك، حيث وقف مكتوف اليدين.
وحتى عندما رشح حزب العدالة والتنمية شخصا طارئا على الحزب فقط لأنه من أقارب البرلماني المطاح به ويحمل نفس اسم ولقب محمد عصام ضدا على رغبة أعضاء المكتب الإقليمي الذين لم يشارك أغلبهم في الحملة الانتخابية، فإن العملية لم تنجح.
بل هناك من مناضلي العدالة والتنمية من ارتمى في أحضان الأحزاب الإدارية وحضر الولائم فقط لإغاظة أفراد الحزب الذي يدعي زورا أنه حاكم.
وإذا كان عزيز رباح قد هدد بنشر لوائح المستفيدين من ريع الملك البحري، عملا بقاعدة «ضرب المكتف يخاف المطلوق»، وذلك للمزايدة على خصوم حزبه السياسيين في حزب الاستقلال وإخضاعهم، فنحن ليس لدينا أي حساب سياسي يمنعنا من نشر هذه اللائحة.
وهذه اللائحة التي ننشر أسماءها اليوم وجدها عزيز رباح في رفوف وزارة التجهيز والنقل التي ورثها من سلفه الاستقلالي كريم غلاب، وقد وعد السيد الوزير باتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع حد لهذا الريع، غير أن نصف الولاية الحكومية انقضى دون أن يتجاوز السيد الوزير عتبة التهديدات بنشر اللوائح.
«هناك أشخاص بنوا فيلات كبيرة قرب الشاطئ مستفيدين من ترخيص احتلال الملك البحري، ويؤدون ثمنا قليلا للدولة، ولهذا سنراجع الثمن»، قال الرباح شهر فبراير الماضي، مضيفا: «اللي بغا يتهلا فراسو يخلص للدولة»، واعدا بنشر لائحة المستفيدين.
سعادة الوزير يعرف أن وعد الحر دين عليه، وبما أن وعود وزير «البيصارة» سابقا ووزير الرقص لاحقا، ذهبت أدراج الرياح فليسمح لنا بالقيام بهذا الدور مكانه ونشر لائحة هؤلاء المسؤولين الذين استفادوا من بقع فيلات فارهة على بعد أمتار من شاطئ «سهب الذهب»، بموقع آسر واستراتيجي بمدينة تمارة، والمدهش في هذه اللائحة أن الأغلبية الساحقة من أسمائها هم مسؤولون كبار في وزارة النقل والتجهيز، ووزراء في الحكومة التي ينتمي إليها السي عزيز رباح.
ومن بين هؤلاء المحظوظين نعثر على 30 مسؤولا رفيعا حصلوا على بقع فيلات فوق الملك البحري بشاطئ «سهب الذهب»، من أجل إقامة محلات للاصطياف، مشروع الفيلات يعرف بـ»فال فلوري». المسؤولون المحظوظون حصلوا على بقع فيلات تتراوح مساحتها ما بين 200 و400 متر مربع في سنة 2007، في الفترة التي كان فيها كريم غلاب وزيرا للنقل والتجهيز. ولذلك فلا غرابة في أن نجد اسم كريم غلاب يتصدر اللائحة، وكما يقول المغاربة «الساقي يسقي راسو».
المثير أن جل هؤلاء المستفيدين من بقع لتشييد فيلات فوق الملك البحري بشاطئ «سهب الذهب»، سبق لهم أن ظفروا ببقع في تجزئات فيلات أخرى في الفترة ذاتها. بعضها توجد بـ»طريق زعير» بالعاصمة الرباط، وأخرى بأكادير. هذه المشاريع الأخرى متوقفة أيضا بعد دفنها في قمطر عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، وعزيز الرباح، وزير النقل والتجهيز. مشاريع أخرى استفاد منها مسؤولون في وزارة التجهيز والنقل تمت بالفعل وحصل المستفيدون على ما وعدوا به، على غرار مشروع تجزئة خلف حديقة «سندباد» بني بموجب رخصة استثنائية أيام وزير استقلالي سابق للتجهيز والنقل، علما أن لائحة المستفيدين كان يفترض أن تضم موظفين بمديرية الأرصاد الجوية قبل أن يجري تعديل غامض سمح بدخول مستفيدين آخرين.
قرارات الترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العام بشاطئ «سهب الذهب» وقعت في تواريخ متقاربة، جلها في يوم واحد هو 18 أبريل 2007. مسؤولو وزارة التجهيز والنقل حصلوا على رخص البقع ضمن الدفعة الأولى بموجب طلبات تقدموا بها في سنة 2006. بقية المستفيدين، وضمنهم ولاة، حصلوا على رخص البقع في أشهر مارس وأبريل ويونيو من سنة 2007.
ما يسترعي الانتباه أيضا أنه جرى الترخيص لمسؤولين بالحصول على بقع بعد شهر فقط من تقدمهم بطلبات الظفر بها، مثل محمد الأوزاعي، المدير السابق بوزارة التجهيز والنقل والمدير السابق أيضا للوكالة الحضرية بالرباط ومدير الوكالة الحضرية للبيضاء حاليا، كما هو الحال بالنسبة إلى مديرين مركزيين بوزارة التجهيز والنقل.
الأدهى من ذلك هو أن هناك مسؤولين حصلوا على رخص أياما قليلة فقط عقب تقدمهم بالطلبات، وهي حالة خالد سبيع، المسؤول المركزي بوزارة المالية، والذي ظفر ببقعة يوم 2 يوليوز 2007 رغم أنه تقدم بطلب الحصول عليها بتاريخ 18 يونيو من السنة ذاتها، أي بعد 14 يوما فقط.
معطى آخر يكشف أن هناك بقع ظلام تزيد تفويتات الرخص غموضا هو أن جل الرخص المسلمة للمستفيدين موقعة من طرف إبراهيم باعمال، مدير الشؤون الإدارية والقانونية بوزارة التجهيز والنقل، باستثناء رخصة واحدة موقعة من طرف الكاتب العام لقطاع التجهيز، عبد الجبار اليوسفي، وهو نفسه ضمن لائحة المستفيدين. هذه الرخصة منحت بناء على طلب شخص لم يكن سوى إبراهيم باعمال نفسه، على اعتبار أنه لم يكن واردا أن يوقع لنفسه قرار استفادته من بقعة.
تتضمن لائحة المستفيدين رؤوس وزارة التجهيز والنقل أيام كريم غلاب. بينهم مسؤولون ما زالوا يوجدون على رأس مؤسسات عمومية، مثل ربيع الخليج، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية.
بعض المستفيدين من «صقور» وزارة التجهيز تميزوا بصلتهم الخاصة بغلاب، فكان بديهيا استفادة خديجة بورارة، مستشارة غلاب المسؤولة عن التواصل أيام كان وزيرا للتجهيز، التي كان يحلو لكثيرين تلقيبها بالمرأة الحديدية.
اللائحة تضم أسماء مرتبطة إما بحزب الاستقلال، حزب كريم غلاب، أو بعائلة الفاسي الفهري، العائلة النافذة بحزب الاستقلال. كحالة يوسف العمراني، الوزير السابق المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، الذي استوزر باسم الاستقلال وخرج من الوزارة امتثالا لقرار الحزب بالخروج من الحكومة، كما هي حالة عثمان الفاسي الفهري، مدير شركة الطرق السيارة بالمغرب سابقا، وقريب عباس الفاسي وشقيق علي الفاسي الفهري، مدير المكتب الوطني للماء والكهرباء.
تشمل قائمة المستفيدين أيضا أشخاصا من مؤسسات بعيدة عن التجهيز والنقل، كما لا تربطها، في الظاهر المعروف، صلة بحزب الاستقلال أو عائلة الفاسي الفهري، كمحمد دردوري، والي جهة فاس بولمان، والذي يظهر ارتباطه بغلاب، على الأقل، ثم محمد صبري، عامل إقليم قلعة السراغنة.
لكن ما كان مثيرا للانتباه حقا هو أن بين الرخص الموقعة يوم 18 أبريل 2007 رخصة باسم رئيس جمعية تجزئة «سهب الذهب» للاصطياف، تسمح باحتلال الجمعية مساحة 14 ألفا و32 مترا مربعا من الملك البحري لإقامة محلات اصطياف.
بترتيب المستفيدين وفق الرخص الممنوحة لهم يظهر توزيع مثالي يرتجيه أي جار يبحث عن سكن أو محل اصطياف. وفق الرخص تحتل ليلى السقاط الفيلا رقم 3 البالغة مساحتها 256 مترا مربعا. الفيلا رقم 5 مساحتها 315 مترا مربعا حصل عليها عبد الجبار اليوسفي، الكاتب العام السابق لوزارة التجهيز والنقل، تجاوره الفيلا رقم 6 باسم محمد جمالي بنجلون، الكاتب العام السابق أيضا بالوزارة، ومساحة فيلته 266 مترا مربعا.
في الفيلا رقم 7 ومساحتها 258 مترا مربعا يوجد رشيد المرابط، رئيس مؤسسة الأعمال الاجتماعية لموظفي وزارة التجهيز والنقل سابقا، وبجواره، في الفيلا رقم 8، جيلالي شفيق، أحد المدراء السابقين بالوزارة، ومساحة فيلته تقدر بـ282 مترا مربعا.
في الفيلا رقم 10 يوجد أحد أكثر المحظوظين وهو محمد الأوزاعي، المدير السابق بالوزارة والعامل المدير الحالي للوكالة الحضرية للبيضاء، ومساحة فيلته 245 مترا مربعا، يجاوره محمد دردوري، والي جهة فاس بولمان، ومساحة فيلته رقم 11 هو 239 مترا مربعا، وتفصله فيلا واحدة عن محمد صبري، عامل قلعة السراغنة الذي حصل على فيلا رقم 13 ومساحتها 306 أمتار مربعة، وتوجد بالقرب منه فيلا نادية العراقي، ثم فيلا هشام نهموشة، أحد مدراء الوزارة، ومساحة فيلته 240 مترا مربعا، تليها فيلا عبد الفتاح شحلي، المدير أيضا بالوزارة، ومساحة فيلته 260 مترا مربعا، وبجواره فيلا مدير آخر هو محمد عبد الجليل، ومساحة فيلته 307 أمتار مربعة.
في الفيلا رقم 18 يوجد عز الدين الشرايبي، الرئيس السابق للجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، والذي حصل على رخصة فيلا مساحتها 283 مترا مربعا، وإلى جواره محمد ربيع الخليج، مدير المكتب الوطني للسكك الحديدية، ومساحة فيلته 271 مترا مربعا.
عثمان الفاسي الفهري يوجد بالفيلا 21 البالغة مساحتها 254 مترا مربعا، يجاوره خالد سبيع، المسؤول المركزي بوزارة المالية، ومساحة فيلته 269 مترا مربعا، ثم خديجة بورارة بالفيلا 23 البالغة مساحتها 219 مترا مربعا.
محمد الغازي الريسوني، رئيس قسم بوزارة التجهيز والنقل حصل على رخصة فيلا مساحتها 307 أمتار مربعة تحمل رقم 25، يجاوره إبراهيم باعمال، مدير الشؤون الإدارية والمالية الذي وقع على جل الرخص، في فيلا مساحتها 306 أمتار، ثم خالد الزرهوي، مدير ديوان غلاب أيام كان وزيرا للتجهيز والنقل، بفيلا مساحتها 247 مترا مربعا، وإلى جواره يوسف العمراني في فيلا مساحتها 258 مترا مربعا، ثم مارية بادسي، فعبد الحق الحوضي، أحد مدراء الوزارة السابقين، ومساحة فيلته 217 مترا مربعا.
مدير آخر هو محمد حضوري حصل على الفيلا رقم 32 ومساحتها 214 مترا مربعا، يليه محمد مركاوي، الكاتب العام السابق لوزارة التجهيز والنقل، في فيلا مساحتها 320 مترا مربعا.
وإذا كان السيد بوليف، الذي تخصص مؤخرا في «تغراق الشقف» للمتهمين على جداره بالفيسبوك، يريد فعلا أن يحارب الفساد فما عليه سوى أن يطالب زميله في الوزارة عزيز رباح باسترجاع هذه الأراضي من هؤلاء المسؤولين تفعيلا لشعار محاربة الريع.
«ياك غي اللوائح، ها حنا نشرناها أسيدي، باركة عليك ولا نزيدك شي لائحة جديدة»؟