البراق شادي عبد السلام
حقق المنتخب المغربي إنتصارا تاريخيا على منتخب بلجيكا أحد أقوى المنتخبات العالمية في السنوات الأخيرة ، هذا الإنتصار ليس فلتة تاريخية أو ضربة حظ كروية أو مجرد إنتصار عابر و إنما هو نتيجة لتخطيط محكم و تدبير جيد للمهارات الكروية و فهم دقيق لقدرات الخصم و إمكانياته الفنية و قراءة ذكية لنقاط قوته قبل البحث عن نقاط الضعف ..
إنتصار اليوم هو خلاصة الإيمان الصادق بروح تمغربيت وسط إحتضان جماهيري مغربي و عربي منقطع النظير و التي يستطيع بها كل مغربي في حالة تشبثه بقيمها خلق المعجزات .
اللاعب الأول في المباراة كان هو ثقة الجماهير المغربية داخل الميدان و خارج الميدان في كل مكان حيث أظهر المغاربة عن تمترسهم وراء المنتخب المغربي في هذه المنافسات خاصة و أن الجهة الوصية على القطاع الرياضي حققت كل مطالب الجماهير ( زياش – حمد الله – مدرب وطني …)
كتيبة الركراكي متسلحة بروح قتالية عالية و اللعب النظيف بإندفاع هجومي وسط مراقبة تكتيكية لنقاط إرتكاز الخصم الأساسية كالمهاجم كيفين دي بروين نجم مانشتر سيتي و إيدين هازارد أحد نجوم ريال مدريد حيث إعتمد الركراكي إستراتيجية تكتيكية نجح من خلالها في الحد من خطورة نجمي المنتخب البلجيكي عن طريق تضييق مساحات المناورة أمامهما بتموقع ممتاز لثلاثي الوسط سفيان أمرابط وعز الدين أوناحي وسليم أملاح للقيام بعملية ممنهجة للضغط عليهما في الهجوم و الهجمات المرتدة مما جعل حرية التحرك في المساحات الفارغة صعبة و تؤثر على نجاعتهما الهجومية و بالتالي إختفى تأثيرهما بشكل كبير على هجمات المنتخب البلجيكي.
وبجانب التشكيل الجيد، فقد نجح الركراكي في تحجيم خطورة المنتخب البلجيكي، بغلق مفاتيح اللعب الخاصة به و هو مالاحظناه في أغلب أطوار المباراة حيث لعب المنتخب المغربي بالخطة 4-3-3، مع التشديد على دور ثلاثي الوسط بمساندة الدفاع أمام هجوم بلجيكا دي بروين وهازارد وباتشواي .
الجدار البلجيكي تيبو كورتوا هو الآخر لم يسلم من التخطيط الإستراتيجي و القراءة الإستباقية للركراكي حيث عمد على إغلاق مجال الرؤية أمام الحارس البلجيكي و نجم ريال مدريد عن طريق تنشيط الخط الهجومي و الإعتماد على الكرات الثابتة كسلاح فتاك لتمرير تسديدات صاروخية إلى مرمى كورتوا مما يشكل ضعف حقيقي للدفاع و أي محاولة لإعادة التموقع بشكل جيد حيث ظهرت نتائج التدريبات الخاصة في محاولات حكيم زياش و أشرف حكيمي والصابيري صاحب الهدف الأول في شباك كورتوا.
الناخب الوطني قام بضبط طريقة التعامل مع المرتدات الهجومية الخاطفة بإستخدام أمثل لإمكانيات عبد الرزاق حمد الله وحكيم زياش ويحيى عطية الله ما أهدى الهدف الثاني للأسود بعد هجمة مرتدة بقيادة حكيم زياش و تنفيذ أبو خلال المنتخب البلجيكي فقد السيطرة على وسط الملعب ومنح المنتخب المغربي أفضلية الاستحواذ في غياب التأمين الدفاعي لعناصر الهجوم .
حيث ظهر المنتخب المغربي بشكل منظم في لحظات التحول دفاعا وهجوما، وهو ما منع الخصم من الاختراق سواء بالعمق أو الأطراف و نجح طوال وقت المباراة في تضييق المساحات على لاعبي بلجيك بمهاراتهم العالية.
وليد الركراكي حسب تصريحات اللاعبين إستطاع بناء ثقة متبادلة و إنسجام إحترافي و إعادة روح العزيمة و الإنتصار في ظل أجواء تنافسية بين أغلب عناصر الفريق مما قدم لنا قوة هجومية ضاربة و قتالية واضحة داخل الميدان ، فقيادة منتخب مثقل بالنجوم و بمهارات فردية عالمية هي عملية تتطلب الكثير من التحضير الذهني و البدني و التركيز في الإختيارات و إستخدام أمثل للقدرات و هو ما أظهره الناخب المغربي في التغييرات الإستراتيجية الحاسمة التي عرفتها المباراة.
الروح القتالية المدعومة بزخم جماهيري و إيمان عميق بالقدرة على تحقيق الإنتصار و الحفاظ على التوازن بين خطوط الهجوم و خطوط الدفاع في ظل خط وسط قوي تبقى أحد أهم نقاط قوة المنتخب المغربي الذي تبقى أمامه مواجهة المنتخب الكندي ، فرغم إقصاءه المبكر بهزيمتين ستبقى المباراة مهمة و تمثل خطورة عالية بالنسبة لنتائجها على طريق المغرب لجحز مقعده في ثمن النهائي .
المنتخب المغربي، يكفيه التعادل في آخر مباراة أمام كندا ليتأهل برصيد 5 نقاط، دون إنتظار نتيجة مباراة القمة الأوروبيةالحاسمة بين بلجيكا و كرواتيا .
كما أن المغرب سيتأهل حتى لو خسر من كندا بهدف واحد بشرط أن يتحقق التعادل بين بلجيكا و كرواتيا ؛ لأنه سيظل وصيفًا بـ4 نقاط، ومتقدما بفارق الأهداف على بلجيكا التي خسرت مع المغرب بهدفين.
سيناريو أخير هو فوز كرواتيا على بلجيكا ما سيمنح المغرب بطاقة التأهل حتى لو خسر الأسود أمام كندا بأي نتيجة، حيث سيرتفع رصيد كرواتيا إلى 7 نقاط وخلفها المغرب بـ4 نقاط ثم بلجيكا وكندا بـ3 نقاط.
شخصيا أنتظر إنتصار المنتخب المغربي متصدرًا للدور التالي بـ7 نقاط، شريطة أن تتعادل كرواتيا مع بلجيكا، أو تفوز بلجيكا، وفي حال انتصار المغرب وكرواتيا، فسيتم حسم الصدارة بفارق الأهداف بعدما تعادلا سلبيا في مواجهتهما.
إنتصار اليوم هو رسالة لكل المشككين و مروجي الخطاب الإنهزامي التيئيسي و النقد المجاني الهدام بأن المغاربة قادرون على صنع الأمجاد و صناعة الفرص التاريخية في أي زمكان، فقط بتشبثهم ز إلتزامهم بروح : تمغربيت .