عبد الله العلوي
حسب الأخبار الواردة من بغداد و نيويورك، فإن السيد «بان كيمون» اتصل برئيس الوزراء العراقي مهنئا “بتحرير” الفلوجة. فما الذي يدفع موظف بالأمم المتحدة للتدخل في حرب أهلية في بلد ما و هو مسرور لآلاف المدنيين الذين سقطوا و يسقطون في العراق الشقيق مهنئا؟. فهل الأمر يقتضي التهنئة؟
ففي كل الأحوال فإن الدم العراقي هو الذي يسيل مهما كان “المنتصر”، فهو الانتصار بطعم الهزيمة. لكن أن يكلف السيد الأمين العام الكوري الجنوبي للأمم المتحدة نفسه رافعا سماعة الهاتف- إذا كان الاتصال بالهاتف الثابت- فرحا بانتصار الإخوة الأعداء على بعضهم؟
ثم ألم يلاحظ القتل على الهوية الطائفية الذي واكب هذه الحرب و المشاهد البشعة التي رافقت هذه الحرب الأهلية، ومناظر قطع الرؤوس و الإعدام في الميدان، و تسويط النساء و الأطفال؟ و مع ذلك فإن السيد الأمين العام حمل نفسه مشقة التهنئة. فما الهدف من ذلك؟ و ماهي الإشارات الغامضة لهذه المكالمة؟ فالرجل لا يتخذ مواقف تلقائية ، فالكواليس هي التي تحركه. فلم يسبق لأي أمين عام ان فرح لانتصار فريق على آخر في حرب أهلية، و أضاف إلى الفرح الاتصال و الإبلاغ بذلك.
لقد تأسست الأمم المتحدة في 1945 على إثر إلغاء عصبة الأمم. و قد تشكلت بطريقة غريبة فأعضاءها غير متساوين، فهناك ما يسمى بحق النقض – الڤيتو- الذي امتلكته الدول النووية آنئذ، وهو حق التعرض على أي قرار. و بالتالي سيطرت هذه الدول خاصة الغربية على الأمم المتحدة، و بتأسيس صندوقا النقد و البنك الدوليين اكتملت السيطرة السياسية و الاقتصادية على دول العالم، و بانهيار الاتحاد السوڤياتي في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، صارت المنظمة التي ولدت أصلا ولادة قيصرية مجرد جهاز تابع للأقوى… و في الحرب العدوانية على العراق في 2003 و قيام واشنطن بتدمير المؤسسات و حل الجيش العراقي، و هي حرب ما كانت لتكون ميسرة لولا اتفاق غربي / أمريكي / إيراني. فإن الأمم المتحدة وهي العنصر الرابع في العدوان أصدرت قرارا باعتبار الولايات المتحدة دولة محتلة للعراق، أي شرعت الاحتلال و قراراته بدلا من أن تدين هذا الاحتلال على الأقل، فالحياة مواقف خصوصا السياسية.
لقد اختصت هذه المنظمة التي تساوم بعضها في الكواليس، منذ نشأتها بالمنطقة العربية الإسلامية و تدميرها منذ 1948 عندما منحت فلسطين لليهود، و 1967 عندما احتلت باقي فلسطين و الجولان و السويس، وحرب بنغلاديش عندما مزقت باكستان في 1971، وصبرا و شاتيلا في لبنان عام 1982، و أفغانستان في 2001، و العراق في 2003، و ليبيا في 2011، و سوريا و اليمن. لذا فإن موظفيها لا يتحركون إلا وفق أجندة خاصة يضعها الكبار في الكواليس.
لقد أشار نعوم تشومسكي أن من الحمق و الجنون أن لا تتوفر أي دولة على القوة المسلحة، خاصة الصاروخ و القنبلة، و إلا كانت معرضة للاحتلال و للإذلال و التهنئة بذلك من موظف ما زيادة على ذلك.