أشار منتدى “فورساتين” المتابع لشؤون المحتجزين في مخيمات تندوف، أن هذه الأخيرة، شهدت خلال الآونة الأخيرة، موجة هروب جماعية غير مسبوقة من قِبَل ساكنتها، موضحا أن العائلات الصحراوية صارت تتوجه بأعداد كبيرة نحو المناطق العازلة وموريتانيا، في محاولة منها للانعتاق من الظروف المعيشية المزرية التي تتكبدها داخل المخيمات التي تديرها جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر.
وارتباطا بما جرى ذكره، شدد المنتدى سالف الذكر على أن عشرات السيارات اصطفت على مدى الأيام الماضية في محاولة يائسة للفرار، فيما اضطرت العديد من الأسر إلى المبيت في العراء وبيع ممتلكاتها البسيطة لتأمين حاجيات الرحلة، مؤكدا أن الأوضاع داخل المخيمات ازدادت سوء مع التدخل المباشر للجيش الجزائري لمنع محاولات متكررة للنزوح الجماعي، حيث فرضت القوات العسكرية حواجز صارمة لعرقلة خروج السكان.
في ذات السياق، أوضح منتدى “فورساتين” أنه: “أمام هذا الوضع المأساوي، وجهت العائلات الصحراوية نداءات إلى بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو)، مطالبة بحمايتهم وضمان حقهم في التنقل”، مشيرا إلى أن العديد من هذه الأسر، باتت على يقين تام أن هذه المخيمات تحولت إلى سجن كبير، تُمنع فيه العربات والسكان من مغادرة المنطقة، في حين تُفرض تصاريح التنقل بأسعار خيالية في السوق السوداء، مما جعل الحصول عليها أمرًا مستحيلًا بالنسبة للعديد من العائلات، وفق بيان للمنتدى.
وأشار المصدر ذاته إلى أن تفاقم هذه القيود، أدى إلى حالة من الاحتقان الاجتماعي داخل المخيمات، مشيرا إلى أن السكان لم يعودوا قادرين على تحمل انعدام الأمن الغذائي وغياب الخدمات الأساسية، قبل أن يؤكد أن السلطات الجزائرية شددت الخناق على سكان المخيمات خلال الأشهر الأخيرة، ما دفع الصحراويين إلى اتخاذ قرار الخروج الجماعي، رغم المخاطر المحفوفة بهذه الخطوة.
في سياق آخر، قال المنتدى: “من المعروف أن مخيمات تندوف تعاني من تدهور شديد في البنية التحتية والموارد الأساسية، حيث يعتمد السكان بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية التي يتم توزيعها بطرق يشوبها الفساد وسوء الإدارة”، وتابع قائلا: “كما تُعتبر القيود المفروضة على حرية التنقل جزءًا من سياسات الضغط التي تمارسها البوليساريو بدعم من الجزائر لإبقاء السكان في المخيمات، وسط غياب أي أفق لتحسين أوضاعهم”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن: “الهروب الجماعي من مخيمات تندوف يُعد بمثابة استفتاء اختياري من قِبَل ساكنة المخيمات، التي قررت بمحض إرادتها تقرير مصيرها عبر مغادرة جحيم البوليساريو والبحث عن حياة كريمة ومستقرة”، لافتا الانتباه إلى أن عشرات العائلات من الفارين إلى موريتانيا، تسعى اليوم لإيجاد طريقة للعودة إلى المغرب، طلبًا للأمن والاستقرار الذي تفتقده المخيمات.
كما شدد منتدى “فورساتين” على أن هذا النزوح الجماعي يُبرز فشل مشروع البوليساريو في توفير حياة كريمة للصحراويين، ويعكس مدى قبول سكان المخيمات بمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب، باعتبارها حلاً عمليًا يضمن الاستقرار والتنمية والعيش الكريم داخل وطنهم الأم، مشيرا إلى أن هذا الخيار، الذي يكتسب دعمًا دوليًا متزايدًا، يُعتبر السبيل الأمثل لإنهاء معاناة آلاف الأسر الصحراوية التي تتطلع إلى مستقبل أفضل بعيدًا عن قيود المخيمات وظروفها المأساوية.
وعن آخر المستجدات، أشار المصدر ذاته إلى أن السلطات الجزائرية، وبفعل الضغط الكبير للصحراويين على معبرها الحدودي، وخوفا من تزايد أعداد المغادرين للمخيمات والمحتجين على حدودها، طلبت أمس من عصابة البوليساريو حل المشكل بأي ثمن، موضحا أن هذه الأخيرة، انتدبت الاخيرة المدعو “الطالب عمي” وآخرين معه، حيث توصلوا مع المحتجين على الاتفاق التالي:
1- السماح باستصدار 200 ترخيص كل يوم بدل 120 سابقا.
2- زيادة حمولة السيارة 700 كلغ
3- السماح بحمل 1400 لتر من المحروقات لكل سيارة.
وختم المنتدى بيانه بالتأكيد على أن هذا الاتفاق كان مخيبا للآمال وأثار امتعاض الآلاف من الصحراويين الذين كانوا ينتظرون الحرية المطلقة وفتح المجال للتنقل بحرية دون قيود أو تراخيص تهينهم وتنقص من كرامتهم.