محكمة الاستئناف بفاس تُصدر حكمها في قضية القاضية السابقة المتهمة بالرشوة واستعمال وثائق مفبركة
أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بفاس، زوال يوم الاثنين 26 ماي 2025، حكمها في واحدة من أكثر القضايا القضائية إثارة للجدل خلال السنة الجارية، والمتعلقة بقاضية سابقة ضبطت في حالة تلبس بتلقي رشوة. وقد قضت المحكمة بإدانة المعنية بالأمر بسنتين حبسا، منها سنة نافذة وأخرى موقوفة التنفيذ، بالإضافة إلى حكم بستة أشهر حبسا نافذا في حق زوجها، مع غرامة مالية مشتركة قدرها 2000 درهم.
وفي الدعوى المدنية التابعة، ألزمت المحكمة المتهمين بأداء تعويض مالي قدره 10 آلاف درهم لفائدة أحد المطالبين بالحق المدني، مع إمكانية استئناف الحكم داخل الأجل القانوني المحدد في عشرة أيام، عملاً بالمادة 440 من قانون المسطرة الجنائية.
تفاصيل الملف تعود إلى توقيف القاضية المعزولة من قبل عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس، بعد ضبطها متلبسة بتلقي مبلغ 100.000 درهم من طرف رجل أعمال. وقد أوهمت هذا الأخير بأنه مبحوث عنه في قضية مفترضة تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات، مقابل التدخل لإنهاء المتابعة القضائية المزعومة.
الأبحاث، التي أُنجزت تحت إشراف النيابة العامة المختصة، كشفت عن تورط المتهمة في خلق سيناريو مفبرك باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي لإنتاج وثائق مزورة منسوبة للنيابة العامة، تُظهر وجود ملف قضائي وهمي ضد الضحية. وأوضحت المعطيات أن عملية التسليم جرت داخل فندق وسط مدينة فاس، حيث وضِع المبلغ داخل حقيبة يدها، مع اتفاق مسبق على استكمال باقي المبلغ لاحقًا.
ولم تتوقف القضية عند هذا الحد، إذ بينت التحقيقات وجود ضحية ثانية سلّم مبلغا ماليا لزوج المتهمة، بناءً على وعود كاذبة بالتدخل في قضية رائجة أمام محكمة النقض.
المعطيات القضائية أظهرت أيضاً أن القاضية المعزولة استغلت منصبها السابق وصفاتها الاعتبارية في التواصل مع الضحايا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، منتحلة صفات رسمية، مما مكّنها من استدراج عدد من الأشخاص نحو عمليات نصب ممنهجة ذات طابع احتيالي.
تُعد هذه القضية نموذجاً مقلقاً لانعكاسات سوء استعمال الصفة القضائية، وتُعيد إلى الواجهة النقاش حول التحديات الأخلاقية المرتبطة بمهنة القضاء، وكذا ضرورة مواكبة التحولات الرقمية لمنع استغلال الذكاء الاصطناعي في التزوير والاحتيال، وذلك في إطار ضمان الأمن القانوني وصون ثقة المواطنين في العدالة.