مكتب الصرف يفتح تحقيقات معمقة في عمليات تهريب الأموال إلى الخارج
في خطوة تعكس التزام المملكة المغربية بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية المالية، كشفت مصادر موثوقة عن شروع مصالح المراقبة والتفتيش التابعة لمكتب الصرف في تحقيقات معمقة إثر تلقيها معلومات دقيقة من وكلاء عقاريين وموثقين. تتعلق هذه التحقيقات بتورط منتخبين ومنعشين عقاريين في عمليات منظمة لتهريب الأموال إلى الخارج.
تركزت التحقيقات على عمليات شراء مشبوهة لعقارات وأراض مهجورة ذات قيمة عالية في ضواحي الدار البيضاء، خاصة في إقليمي برشيد والنواصر. تمت تسوية مبالغ هذه المعاملات بالكامل في الخارج، باستخدام عملات أجنبية، مما يثير تساؤلات حول مصدر الأموال وشرعية هذه العمليات.
من بين الحالات التي تم التحقيق فيها، شراء تجزئة عقارية صغيرة من وريثة مواطن فرنسي، حيث تم تسوية المبلغ بالأورو في الخارج من قبل مستشار جماعي ومنعش عقاري. كما تم رصد عملية شراء مساحة أرضية في موقع حيوي بجماعة تابعة لإقليم النواصر، تورط فيها منعش عقاري معروف، وتمت تسوية المبلغ الذي فاق 30 مليون درهم في إسبانيا بالعملة الأوروبية.
استندت التحقيقات إلى إخباريات سابقة من شركات عقارية منافسة، مما كشف عن تورط بعض المنعشين العقاريين في عمليات شراء تمت تسوية قيمتها في فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا. تم توجيه جزء من الأبحاث نحو التحقق من ارتباطات هؤلاء الأفراد بتحقيقات موازية حول تبييض الأموال، خاصة أن بعضهم ينشطون في قطاعات أخرى مثل صرف العملات والأداء وتحويل الأموال والنسيج والألبسة.
لم تظهر هويات المنتخبين والمنعشين العقاريين موضوع التحقيقات الجارية على رادار مراقبي مكتب الصرف خلال معالجة التصريحات الخاصة بـ”عملية التسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج”، التي انتهى أجلها في 31 دجنبر الماضي. بلغ مجموع المبالغ المصرح بها ضمن هذه العملية أكثر من مليارَي درهم، عن 658 تصريحًا، توزعت بين أصول مالية وعقارات وسيولة نقدية.
كما استعانت مصالح المراقبة والتفتيش لدى مكتب الصرف بقنوات التبادل الإلكتروني مع إدارات شريكة، على رأسها المديرية العامة للضرائب، لإخضاع التصريحات المحاسبية لشركات مملوكة من قبل منتخبين ومنعشين للافتحاص. أظهرت عمليات التدقيق مؤشرات اشتباه قوية حول وجود مبالغ غير مصرح بها ضمن عمليات الشراء وتكوين مخزونات عقارية، تحت بند ما يصطلح عليه بـ”النوار” في السوق العقارية، جرى تحصيلها بالعملة الأجنبية في الخارج. تم التصريح بمبالغ توازي أو تتجاوز الأسعار المرجعية للعقارات، في محاولة لتضليل مصالح المراقبة التابعة لإدارة الضرائب وسلطة الصرف.
تجدر الإشارة إلى أن مكتب الصرف قد أطلق في السنوات الأخيرة عدة تحقيقات موسعة حول تهريب الأموال، شملت سماسرة متخصصين في تهريب الأموال إلى كندا، ومهاجرين مغاربة في دول الخليج وأوروبا، حيث تم رصد تحويلات مالية ضخمة تمت خارج القنوات القانونية، مما استدعى تدخل مصالح المراقبة والتفتيش لمكافحة هذه الظواهر.
تأتي هذه التحقيقات في إطار جهود الدولة لتعزيز الشفافية المالية ومكافحة الفساد، وضمان احترام القوانين المنظمة لعمليات الصرف وحركة الأموال داخل وخارج المملكة.