عين الشقف: نافذ يعتدي على السلطة ومطالب بتدخل حازم
في حادثة صادمة أعادت إلى الواجهة ظاهرة التجرؤ المتزايد على رجال السلطة أثناء أدائهم لمهامهم، تعرّض عنصر من القوات المساعدة، زوال اليوم الجمعة 20 يونيو الجاري، لاعتداء وصف بالخطير بالسلاح الأبيض على يد أحد الأشخاص المعروفين بـ”النفوذ المحلي” بجماعة عين الشقف التابعة لإقليم مولاي يعقوب، خلال تنفيذ السلطات المحلية لأشغال توسيع طريق رئيسية نحو تعاونية “عزيزة”، والتي من المرتقب أن يحتضن محيطها السوق الأسبوعي الجديد، بعد إغلاق السوق القديم وسط المركز.
الحادثة التي أثارت استياءً واسعًا، وقعت حينما تدخلت لجنة مختلطة من السلطات المحلية لتنفيذ أشغال توسعة الطريق، ضمن مشروع تنموي يهدف إلى تنظيم الفضاءات العمومية ومحاربة البناء العشوائي. وبينما كانت الأشغال تسير في إطار القانون، أقدم أحد الساكنة –الذي تقول مصادر محلية إنه معروف بـ”جبروته” وتبجّحه بعلاقات مشبوهة مع بعض المصالح– على عرقلة سير الأشغال بدعوى أن حائطًا إسمنتيًا عشوائيًا تابعًا لمنزله شُمل بقرار الهدم.
وتضيف المعطيات المتوفرة أن المعني بالأمر لم يكتفِ بالاحتجاج، بل تطوّر سلوكه إلى اعتداء جسدي مباشر، حيث باغت أحد أفراد القوات المساعدة بطعنة بواسطة سلاح أبيض، الأمر الذي تسبب في حالة هلع كبيرة في صفوف المواطنين وأفراد السلطة المحلية. وفور وقوع الحادث، تدخلت عناصر السلطة لتوقيف المعتدي، وتمت إحالته إلى المركز القضائي ببنسودة، المختص ترابيًا، بعد تحرير محضر إداري في الواقعة من طرف قائد الملحقة الإدارية الأندلس.
المثير في هذه الحادثة أن الاعتداء تزامن مع تعليمات صارمة كان قد أصدرها رئيس النيابة العامة، هشام بلاوي، قبل أقل من 24 ساعة، حيث دعا في كلمة رسمية إلى حماية صارمة للموظفين العموميين أثناء مزاولتهم لمهامهم، مشددًا على أن النيابة العامة لن تتسامح مع أي اعتداء على ممثلي الدولة، سواء كانوا رجال سلطة أو أعوانًا أو موظفين، مهما كانت طبيعة المهمة أو الجهة التي تقوم بها.
وفي كلمتن، قال بلاوي إن “النيابة العامة مطالبة اليوم بالتحرك الفعلي لمواجهة ظاهرة الاعتداءات المتكررة على موظفي الدولة أثناء قيامهم بمهامهم النظامية”، مشددًا أن “سيادة القانون لن تتحقق ما لم يشعر كل موظف في الميدان بالحماية الكافية من الدولة”.
وتأتي هذه الحادثة لتُسلّط الضوء مجددًا على الوضع المقلق الذي يواجهه رجال السلطة والعاملون في الميدان، خاصة في إطار الأوراش التنموية الكبرى، أو أثناء تنفيذ قرارات إدارية تهدف إلى التصدي للبناء غير المرخص أو محاربة الفوضى بالفضاءات العمومية. ففي حالات كثيرة، يتحوّل رفض بعض المواطنين للقرارات القانونية إلى سلوك عدواني يصل حد الاعتداء الجسدي، مستغلين ضعف بعض المساطر أو التراخي في الزجر.
من جهة أخرى، عبّر عدد من المواطنين والفاعلين المحليين عن تضامنهم المطلق مع عنصر القوات المساعدة المصاب، مطالبين النيابة العامة بتفعيل فوري وحازم لتعليمات رئيسها، وإحالة القضية على القضاء الزجري، لضمان عدم إفلات المعتدي من العقاب، خاصة إذا ثبت تورطه المتكرر في عرقلة مهام السلطات.
ويُنتظر أن تشكل هذه الواقعة أول اختبار عملي لرؤية هشام بلاوي في حماية هيبة الدولة ورجالها، وترجمة الشعارات إلى إجراءات صارمة تمنع تكرار هذه السلوكات التي تهدد الاستقرار الإداري والأمني على حد سواء.
وفي انتظار ما ستُسفر عنه التحقيقات القضائية، يظل الشارع المحلي بجماعة عين الشقف يتابع تفاصيل هذا الملف باهتمام بالغ، باعتباره نموذجًا مصغرًا لصراع أكبر بين منطق الدولة ومنطق “النفوذ غير المشروع”، في مشهد يؤكد مرة أخرى أن القانون وحده هو الكفيل بحماية الجميع، حين يُطبق بعدالة وحزم.