أحجم النقاش الذي سحّ دائرا في الجمع الأخير للمجلس الجماعي للمدينة مراكش، وانعقد في إطار الدورة العادية للمجلس لشهر أكتوبر الجاري من السنة الجماعية الرابعة 2018، وكان أبرز ما استأثر به جدل المداخلات التي سجلت خلال الدورة، أياما قليلة عن اللقاء البيداغوجي الوطني الذي احتضنته مراكش، الدخول المدرسي الذي جرى برسم السنة التعلمية 2018-2019، وشوشت على اكتمال نموذجية افتتاح نفس الموسم الدراسي، عوامل استقبالية بارتباطات بنيوية، غير متعلقة بالرصد التدبيري، أو هي ناجمة عن (غرارة)، أو هي مترتبة عن ضعف حصافة في الإجراءات التنظيمية لعملية نفس الدخول المدرسي برسم نفس السنة الدراسية التي مرت رغم كل النقائص في البنية الإستقبالية، ضمن إطار من المسئولية المواطنة التي أبداها كافة المتدخلين في العملية التربوية، وأكيدا، الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش- آسفي، والتي يدير وظيفتها التعلمية والإجتماعية، مولاي أحمد لكريمي، (أحجم النقاش) عن بلوغ ذات الأكاديمية في تحقيق التوجيهات الوزارية في إنجاح عملية الدخول المدرسي لهذا الموسم، وتجاوز الإكراهات الموضوعاتية، وتثبيت النجاعة التنظيمية والإجرائية التي اتبعتها ذات الأكاديمية في استقبال متتلمذة نفس السنة الدراسية، وأجحفت في تحصيل الحصيلة الإستباقية للإجتماع التحضيري في أفق افتتاح الموسم الدراسي، والذي سعى جزء من ذات النقاش على إفقاده محتوى السلاسة وعمق التجاوب مع مجموع التدابير الوطنية الماضية نحو التأسيس لمدرسة المستقبل في عملية نفس الدخول المدرسي.
الخلاصة الأولى التي أظهرها نقاش دورة المجلس الجماعي برسم أكتوبر 2018، حول عملية الدخول التعلمي للموسم الدراسي 2018-2019، التشتت في توجيه الخطاب المنتقد في عملية افتتاح الموسم الدراسي، وإحداث هذا التشتت لفراغ في الفهم أو المعرفة المتصلة بالتعزيز للمنشئات الوطنية التي تندرج في سياق “السياسة العامة”، باعتبار المنشئة بهوية تربوية أو غيرها، مشروعا أو ورشا مهيكلا كبيرا، إقامته وإخراج تنفيذه مرتبط بتصور الحاجيات الموضوعة من قبل ذات السياسة العامة، ورهين اعتمادها بالتوجه القطاعي الذي ينتمي إليه مشروع المنشئة التي وإن توفرت لإنشاؤها كافة المعطيات التقنية والمادية للبناء والتجهيز، فالحكم في الإنشاء يبقى متوقفا على البرمجة القطاعية في السياسة العمومية، وإلى شروط الإنتاج التعلمي في إطار الإستراتيجية العامة لإلحاق حي سكني بالخريطة البنيوية للمدرسة العمومية، كما هو حال الأمر بحي الإزدهار، الذي يتوفر لديه عقار إقامة مدرسة عمومية، وتتعطل لديه شروط التحقيق والتي قد يكون خلفها العامل التقني في مجال التعمير؛ إلى ذلك، فالسؤال أو التعقيب الذي كان من المفترض إيراده في سياق التدخل الذي يحمل مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش- آسفي، المسئولية في توقف مشروع البناء للمدرسة العمومية بهذا الحي، كان يمكن أن يتم في سياق متابعة الأكاديمية للمشروع على مستوى النقاش المركزي، والتواصل مع الوزارة في شأن طرح المشروع للدراسة على المستوى الحكومي، باعتبار، أن المدير الجهوي يعد في العملية إطارا تنظيميا مشرفا على سير العملية التربوية بالمؤسسات التي تقع في نفوذ ترابه.
إن انفلات ذات النقاش، ألغى أن الصلاحيات التي يمنحها القانون لمدراء الأكاديميات، وكما يحددها النظام الخاص بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، للمدراء وتم التنصيص على الإختصاصات التي تزاول في إطار المادة 2 من الظهير الشريف رقم 1.00.203 صادر في 15 من صفر 1421 (19 ماي 2000) بتنفيذ القانون رقم 07.00، القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، في تطبيق السياسة التربوية والتكوينية، مع مراعاة الأولويات والأهداف الوطنية المحددة من لدن السلطة الحكومية الوصية، وفي إطار ذلك تحدد نفس المادة، هده الأدوار في إعداد مخطط تنموي للأكاديمية يشمل مجموعة من التدابير والعمليات ذات الأولوية في مجال التمدرس، وضع الخرائط التربوية التوقعية على مستوى الجهة بتنسيق مع الجهات المعنية وبالتشاور مع الجماعات المحلية والمندوبيات الجهوية للتكوين المهني، السهر على إعداد الخريطة المدرسية الجهوية وتكوين شبكات مؤسسات التربية والتكوين المهني في الجهة، وذلك بتنسيق مع المندوبية الجهوية للتكوين المهني؛ المساهمة في تحديد حاجيات الشباب في مجال التكوين المهني أخذا في الاعتبار الخصوصيات الاقتصادية الجهوية، واقتراحها على المندوبية الجهوية للتكوين المهني؛ وضع وتطوير التكوينات التقنية الأساسية ذات الأهداف المهنية الخاضعة للنظام المدرسي وكذا التكوين المهني بالتمرس أو بالتناوب الذي تقوم به الإعداديات والثانويات؛ وضع برنامج توقعي متعدد السنوات للاستثمارات المتعلقة بمؤسسات التعليم والتكوين، وذلك على أساس الخريطة التربوية التوقعية؛ تحديد العمليات السنوية للبناء والتوسيع والإصلاحات الكبرى والتجهيز المتعلقة بمؤسسات التربية والتكوين؛ إنجاز مشاريع البناء والتوسيع والإصلاحات الكبرى والتجهيز المتعلقة بمؤسسات التربية والتكوين والقيام بتتبعها، مع إمكانية تفويض إنجازها عند الاقتضاء إلى هيئات أخرى في إطار اتفاقيات؛ القيام في عين المكان بمراقبة حالات كل مؤسسات التربية والتكوين وجودة صيانتها ومدى توفرها على وسائل العمل الضرورية.
وإذن، فمسألة أن تقوم الأكاديمية ببناء مدرسة تعليمية عمومية، ليس من محتوى الإختصاص الذي يحدده النظام الأساسي، وأن اعتبار المدير الجهوي مسئولا عن تعطيل الإنشاء للمدرسة، هو تجني اتهام غير قارئ للمنصوص القانوني، غير مراجع للأهداف التي لأجلها توخى نفس النظام المحدث للأكاديميات، والمحددة بمقتضى ما أوجبه في الإعداد والتوقع والإقتراح والتكوين والتنظيم، وتحديد الحاجيات والتنسيق في إطار السياسة الوطنية في مجال التربية والتكوين، وذلك، أن مسألة “التنسيق والإقتراح” المشدد عليهما في إطار عين النظام المحدث لأكاديميات التربية والتكوين، تشير إلى وجود الشريك في تحديد الإحتياجات ووضع التوقعات (الجماعات المحلية- التكوين المهني)، وفي ما يشير ذلك، إلى سعي نفس النظام إلى اشتمال الرؤية القطاعية المتعلقة في هذا المجال بالتربية والتعليم على تصور جماعي لتدبير مسألة إقامة مشروع مهيكل في إطار السياسة العمومية المتعلقة بالتربية والتكوين، الذي تدأب الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش- آسفي، على تماثلها وتشاكلها وتناظرها مع معطيات الإستراتيجية الوطنية الرامية إلى الرفع من جودة العملية التربوية والقرائية والتكوين المتلائم والمتجانس والموازي لبرامج الإصلاح وخطة الإرتقاء بالنموذج التعليمي الوطني، والتكييف مع الإحتياجات المعرفية التي تنخرط في تهيئة وعي مستديم بالعملية التربوية التي انعطفت على مسار التأهيل للخطة الوطنية ودفقها بعناصر الديمومة، والتي لعل أحد مكوناتها الأساسية، الباب التنظيمي الذي لا ينكر للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش- آسفي، حرصها على مشابهته ومعادلته، محققة بذلك، الجلد لكل الإكراهات التي من شأنها اهتزاز نفس العملية على الـأقل في مستواها التنظيمي والإجرائي.