الحسين باروش
إن جل التجارب التي تقوم بها المنظومة التعليمية التربوية في إصلاح هذا القطاع ينصب بالأساس حول هو بيداغوجي، حيث تعتمد على البرامج التعليمية والمناهج الدراسية للرفع من جودة التعليم، والتركيز على المستهدف /المتعلم باعتباره مركز ومحور المنظومة التعليمية، لكن هذا غير كاف للنهوض بقطاع التعليم، وغير كاف لبناء شخصية المتعلم الطموح والقادر على احترام نفسه أولا واحترام مدرسه وبالتالي تحقيق مردودية جيدة لبلورة مقاصد التربية والتكوين.
يروم هذا المقال تسليط الضوء على نقطة مهمةاستجدت على الساحة التعليميةأصبحت تشكل ظاهرة جديدة ، وأخذت مساحة واسعة على صفحات الجرائد الوطنية والالكترونية طرحا، ومناقشة،وجدالا، يتعلق الأمر ب(الشغب الإلكتروني) الذي أضحى له نصيب واسع في هدم المنظومة التعليمية وقيمها، ما يشكل خطورة على عقول المتعلمين.فخلال إنتهاء الحصة في السلكين الاعدادي والثانوي سابقا يشتغل التلاميذ باللعب والمرح الجماعيين ،بإعتبارهماالوسيلة المتاحة التي من خلالها يجدد التلاميذ أنشطتهم ويعاودون الإخراط في التمدرس بنشاط ايجابي ينعكس على قدرتهم التحصيلية . أما الآن فقد عوض إستفزاز الأستاذ بالطباشير بتوظيف الشغب الاليكتروني لتحقيق ذلك ، وبالتالي فقد تطور الشغب من الوسائل التقليدية إلى المؤسسة الرابعة\الانترنيت التي اجتاحت باقي المؤسسات: الأسرة والمجتمع والمدرسة وتداولها بين المتعلمين، الآن أصبح من السهل جعل الأستاذ والمنظومة الإدارية قضية رأي عام من خلال الشغب الالكتروني؛ لما تتميز به الوسائل الجديدة من سرعة فائقة وقادرة على خلق رؤى مجتمعية قادرة على معالجة الأمور في حينها ،بدل إنتظار مسافات زمنية شأن ماكان من قبل .
إذن من بين الأمور التي يجب على كل مربي أن يدركها ويعرف قدرها هو هذا النوع من الشغب؛ فالآن أصبح أغلبية المتعلمين يحشرون أنفهم في هذا البحر الأزرق مباشرة بعد خروجه من المدرسة، بل حتى داخل الفصول الدراسية، إنها ظاهرة خطيرة ومتفشية يجب على المربين أن يكونوا على وعي بها.
فما السبيل الذي سيخرجنا في هذه التطورات السريعة في ظل أستاذ ربما لا يفقه ما يحدث حوله، “مع عدم إدراك المستهدف من هذا الشغب لحجم الأضرار الناجمة عن ممارسة ذات الشغب الذي قد ينعكس أثره على الفئة المستهدفة من الاطفال ، ولا يفطن فعلا إلى العوائق التي توضع في طريق تربيتهم وتكوينهم الضروريين، واللازمين لخوض غمار الحياة، مؤهلين وأقوياء وقادرين على رفع مختلف التحديات.
فجل القضايا الجديدة يستوجب على المربين القيام بالبحث فيها، فلا بد للمدرس وللمنظومة أن تكون على وعي من هذا الأمر، ما يستوجب إمتلاك رؤية ثلاثية الأبعاد :تنمية السلوك وتطوير المهارات وزراعة القيم ، فالتركيز على القيم ضروري في بناء شخصية متكاملة منفتحة وإيجابية، فلا يكفي إمتلاك المعرفة، وشحن المتعلم بالمعارف وإنهاء المقرر، ولا يكفي إلقاء الدرس بالطريقة الإلقائية ،والإستحواذ على الكلام كله، فربما يجب أن يعاد النظر في كل هذه الأمور السالفة الذكر، وخاصة طرق التدريس فلا بد من وقفة ثاقبة تنصب حول الهدف وتكون خادمة للدرس وللمتعلم، ثم على المدرس أن ينزل المادة من المستوى العالي، إلى المستوى التعلمي، فالأستاذ المجد والمجتهد هو الذي يعي ويفهم ماذا سيقدم للمتعلمين و يعرف الطريقة الأنجع لبلوغ الهدف من خلال التمعن فمن خلال الدروس يتم اختيار الطريقة المناسبة لها، والطرق على سبيل المثال لا الحصر، كثيرة منها الطريقة الإلقائية، الطريقة الحوارية، طريقة حل المشكلات،مع تفضيل الأخيرتين.