صادف يوم 27 أبريل الذكرى الثالثة والستون لتأسيس التعاون الوطني، على يد المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، هذه المؤسسة التي ما فتئت تشتغل على قدم وساق كلما دعت الضرورة إلى التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر، فإلى جانب المهام المنوطة بها من خلال تسطير مجموعة من البرامج والأهداف الموجهة إلى فئات معينة، هذه البرامج والأهداف تتجلى في العمل على النهوض بوضعية النساء والفتيات في وضعية صعبة، مساعدة وتوجيه الأشخاص في وضعية إعاقة، النهوض بالأطفال في وضعية صعبة، ثم تحسين وضعية الأشخاص المسنين.
وتعتمد مؤسسة التعاون الوطني في إنفاذ البرامج الإجتماعية التي تنهض بها، وتستهدف عبرها فئات اجتماعية كبيرة، على خبرات الأطر الكفؤة بالمؤسسة التي يتسنم بها المورد البشري تدبير هذه البرامج الإجتماعية، والتي تضع في مقدمتها بالإضافة إلى دعم الفئة الهشة والأكثر احتياجا والإعتناء بقضايا التمدرس والمساهمة في تحسين تمدرس بالأوساط الفقيرة في إطار الدور المنوط بها باعتبارها مؤسسة للرعاية الإجتماعية، وكذا تكوينها في إطار تأهيل الفئات المعوزة داخل مراكز التربية والتكوين التابعة لها، (بالإضافة إلى ذلك)، أن مؤسسة التعاون الوطني، دائمة التأهب منذ تأسيسها للمساعدة إبان حدوث الكوارث، كارثة من الكوارث عبر تدخلاتها التي تكشف الحس الوطني بالمسئولية، والبدل وسخاء العطاء في إطار تحقيق العدالة الاجتماعية، وفي إطار المساندة لتجاوز الأزمات التي تترتب عن الكوارث، وفي إطار استدامة تأهب التعاون الوطني لتعضيد المتدخلين العموميين أو الهيئات غير الحكومية، حيث يعمل جنود المؤسسة بالواجهة إبان الزلازل التي تعاقبت مدن مغربية، الفيضانات ومختلف الكوارث الطبيعة، والتي تتقدم المؤسسة مجموع المتدخلين الترابيين بها.
في سياق هذه المؤازرة للتعاون الوطني، تبقى جائحة الفيروس التاجي كورونا أو كوفيد 19، أخرى من المحن التي يقاوم المغرب اجتياحها لمجتمعه، كما بقية دول العالم، حيث نجد بصمة مؤسسة التعاون الوطني بادية للعيان، ذلك، أنه ومنذ الإعلان عن دخول المغرب في منظومة الحجر الصحي، تشكلت لجنة اليقظة للتصدي لجائحة كورونا داخل مختلف التمثيليات اللامركزية للمؤسسة في ربوع المملكة، هذه اللجنة التي بادرت إلى إيواء أكثر من ثلاثة آلاف مشرد في مختلف المدن المغربية، بالإضافة إلى توزيع المساعدات العينية إلى جانب مختلف الفاعلين، دون مراعاة الحس الذاتي أو الخوف من الإصابة بالعدوى، بل الدافع الأساس هو الحس الإنساني والوطني الذي يحث مختلف العاملين الاجتماعيين بهذه المؤسسة لأداء الواجب الإنساني والمهني على أكمل وجه.
وأمام هذه الإنجازات الدؤوبة التي يضطلع بها التعاون الوطني كآلية من آليات التنمية الاجتماعية، يتنكر برنامج أحد القنوات التلفزية (ميدي 1 تيفي) بضرب عرض الحائط مسيرة ثلاث وستين سنة من العمل الاجتماعي الجاد والمتواصل، وتجعل من مؤسسة عريقة أسسها جلالة المغفور له محمد الخامس، وأول من ترأسها الأميرة لالة عائشة تغمدها الله بواسع رحمته، رهن التهميش، حيث لم تكلف إدارة القناة، ومعدي البرنامج أنفسهم عناء البحث عن أسس المساعدات التي تم الإدلاء بها في إطار برنامج تلفزي يتحدث عن العمل الجمعوي…. الطموحات والاكراهات، والذي يقارب من خلاله إكراهات جمعيات المجتمع المدني في التعامل مع أزمة الجائحة، هذا الجهل أو التجاهل بالمادة الإعلامية المقدمة إن عن قصد أو عن غير قصد، هو ترجمة للنظرة التهميشية لهذه المؤسسة بالرغم من إسهاماتها التي لا يمكن حصرها في إطار الجهود المبذولة للنهوض بمختلف شرائح المجتمع المغربي، والتدخلات الواضحة في فترات عصيبة معينة، وكذا تقزيم دور هذه المؤسسة في المساعدة خلف الكواليس إلى جانب مؤسسات ذات واجهة معينة سواء عمومية كانت أو ذات طابع غير حكومي.
إننا نقف اليوم ونحن نحتفل بالذكرى, وفي هذه اللحظات الحرجة التي توقف معها شريان الحياة بالمغرب والعالم، على مدى التقليل من أهمية مؤسسة عظيمة تزخر بموارد بشرية متمرسة في الهندسة الاجتماعية، متفانية في أداء واجبها الإنساني والمهني على أكمل وجه برغم الصعوبات وعلى مدى سنوات وسنوات، واختزال دوره في المساعدة في تقديم الإعانات إلى جانب الفاعلين الترابيين، دون مراعاة الدور الأساسي الذي يلعبه التعاون الوطني داخل المجتمع المغربي من أقصاه إلى أقصاه، فهل حان وقت إعادة الاعتبار إلى هذه المؤسسة بعد مهزلة القناة، وإعادة تموقعه داخل منظومة الفاعلين العموميين بتراب المملكة؟ وهل آن أوان إعطاء التعاون الوطني حجمه الذي يستحق داخل المنظومة الحكومية والمؤسساتية؟ نأمل كأطر داخل هذه المؤسسة أن نحظى بما نستحق من التقدير والانتباه، خاصة وأن التعاون الوطني مؤسسة لا يمكن الاستغناء عن تدخلاتها بأي شكل من الأشكال.
لالة حسناء المراني: إطار بمؤسسة التعاون الوطني بإقليم الحوز، 14/05/2020