أليس بالغريب أن يخرج وزير الصحة السابق، الذي تقلد ايضا منصب وزير للتضامن والجالية الجزائرية بالخارج، و عضو اللجنة المركزية بحزب جبهة التحرير الوطني، ليشهد أن : “الرئيس على دراية بما يدور من أحداث بالجزائر وخارجها وأنه “يتابع بانتظام جميع الملفات والقضايا السياسية المطروحة، ويتخذ الإجراءات والقرارات اللازمة في ذلك”؟ بالرغم من أنه معروف بدعمه لكل ما يأتي به “معلمه” عمار سعداني، بما فيها المبادرة الرامية لتأسيس جبهة وطنية للدفاع عن برنامج رئيس الجمهورية ،التي وصفها بأنها “تأتي في سياق الدعوات التي أطلقها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أكثر من مناسبة لتعزيز الجبهة الداخلية في ظل ما تواجهه البلاد من تحديات وتهديدات”، والتي تدخل دائما في منطق المؤامرة التي يحاول نظام الحكم إقناع الشعب بأن الجزائر تتعرض لها، ووجود دائم ل: “تهديد خارجي ” وأن سبب تخلف الجزائر عن ركب التقدم الذي تعرفه بلدان لا تتوفر على ماتتوفر عليه من الذهب الأسد والغاز الطبيعي.
إذن كيف هو حال “الرئيس” الذي يحتاج أن يخرج عضو المكتب السياسي بالأفلان، أو أي شخص آخر لطمأنة، شعب من حقه أن يطالب برؤية رئيس الجمهورية، على قدرته على تتبع الشأن العام؟ وهل يقبل أي رئيس في العالم أن يعطي الحق لأي كان أن يصدر في حقه شهادة مثل هاته؟ سواء كان واحدا من الشعب أو كان وزيرا سابقا للصحة ؟ لأن ما صرح به هذا الشخص وهو أن “الرئيس على دراية تامة بما يجري” تصريح غير طبيعي،حيث يمكن أن تصدر بسببه تأويلات عدة، خصوصا في ظل ما عرفته حالة الرئيس الصحية من تدهور في السنوات الأخيرة وطيلة ولايته الرابعة،و ما شهدته الساحة السياسية بالجزائر من غياب له عن الأنشطة الرسمية وغير الرسمية التي اعتاد الظهور فيها سابقا، وفي ظل ما حددته الجريدة الرسمية في عددها رقم 55 من تدابير جديدة حددها المرسوم الرئاسي رقم 15/270 المؤرخ في 19 أكتوبر 2015، الذي “يهدف لتنظيم محيطات الحماية لمقر رئاسة الجمهورية والإقامات الرئاسية، وأعطى الولاة صلاحية مراقبة النشاط المدني التجاري والسكني في محيط المقرات الرئاسية بالتعاون مع جهاز الأمن الرئاسي، بل تحت إشرافه” وتطويق أمني شديد للمحيط الرئاسي.
ألم يكن من المفروض أن يخرج الرئيس، بنفسه، إلى شعب الجزائر الذي من حقه رؤيته، وأن يرد بنفسه على تصريحات الأمينة العامة لحزب العمال، “المحسوبة عليه” التي اعتبرت:” أنّ الرئيس غير مطلع على ما يحدث في الجزائر” ليفند هذه الإشاعات التي تضرب في الصميم قدرته على تتبع الشأن العام والتشكيك فيها، فبالأحرى تسييره، بدلا من أن يخرج أشخاص آخرون للدفاع عن قدرته على تتبع الشأن العام بالجزائر بشكل منتظم، ويؤكد على أنه هو من يأخذ القرارات ويمضي عليها، كل هذا تفاديا من أن يجعل “غيابه” عنصرا تأكيديا لما يتداول من إشاعات تعطي “الأياديالخفية” سلطة تسيير قصر المرادية.