أثار الأداء الاقتصادي خلال الأشهر القليلة الماضية الاهتمام بمتابعة حالة الأسعار في الأسواق، ليذكرنا بحقيقة أن بعض مخططات الأسعار التي اعتدنا رؤيتها في مناطق معينة من السوق، من أسفل اليسار إلى أعلى اليمين”، ليست بالضرورة مؤشرات على الأسعار المستقبلية.
فسوق صناعة الأخشاب في الولايات المتحدة (الخشب المنشور- Lumber ) مثلا، والتي عانت اختناقات العرض مع انفتاح الاقتصاد، والقلق من النقص والمضاربة الحتمية التي تعقب ذلك، إلى مكاسب في الأسعار حتى أبريل، لكن هذه المكاسب لم تكن انعكاسا حقيقيا لحالة سوق الإسكان في الولايات المتحدة. فقد اعتبرت المضاربة على الخشب خيارًا أقل جاذبية (على الأقل بالنسبة للمستثمرين الذين يكسبون المال من ارتفاع الأسعار)، والآن أسعاره أقل بحوالي 40٪ عن ذروتها في مايو.
الدورة الفائقة للسلع
صرنا نشهد تداول مصطلح “الدورة الفائقة للسلع” على نحو متزايد مؤخرا، سيما في مجال السلع الأساسية، حيث يواصل قطاع السلع الأساسية الأوسع ارتفاعه بشكل مستمر مدفوعا بالسياسات الأمريكية التحفيزية، والطلب الصيني الكبير، وطفرة التحول في الطاقة، وهي عوامل أدت مجتمعة لارتفاع الأسعار، وسيحتاج منتجو هذه السلع الأساسية وقتاً لمواكبة ارتفاع الطلب مما يدفع أسعار هذه السلع لأعلى.
وثمة عدد من الذكريات السلبية الخاصة بالدورة الفائقة للسلع، وخلال الأزمة الحالية؛ مر بعض الوقت قبل أن يؤدي الواقع الاقتصادي العام لأثر سلبي على أسعار السلع، وقبل أن يؤثر على سلوكيات الشركات الكبرى، ولكن حدث ذلك في نهاية المطاف.
وهذه المرة، نرى، في وسط الأزمة، انخفاضًا بنسبة تصل إلى 25٪ في أسعار خام الحديد، وتراجعًا بنسبة 10٪ في النحاس وفي بعض السلع الخفيفة. وتتشابه الحجج المستخدمة لشرح عمليات التراجع هذه، مع تلك المستخدمة في سياق صناعة الخشب في الولايات المتحدة، المشار لها آنفا، كإعادة الانفتاح السريع للاقتصاد العالمي في سياق اختناقات تتلاشى ببطء، مما أدى لتنظيم الأسواق بصورة أكبر.
ولكن من المثير للاهتمام أيضًا أن العرض الجديد على المعادن قد بدأ بشكل غير متوقع، فهو لم يأت عن طريق استخراج المزيد منها، ولكن من احتياطيات الصين من المعادن الأساسية، وهذا ما لم يتوقعه الكثيرون حتى قبل بضعة أسابيع.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الإجراءات الحادثة الأسبوع الماضي التي قام بها الاحتياطي الفيدرالي والتي دعمت من الدولار وقوته، ذكّرت المستثمرين أيضًا بواحد من العوامل الأخرى المنسية مؤقتًا لأسعار السلع.
ومن جانب اخر؛ مر قطاع الطاقة النظيفة بشهور عصيبة، وهو القطاع الذي يضم بعضًا من أفضل وأهم الشركات التي ستساعد في تسهيل انتقالنا إلى مستقبل أكثر استدامة. وكان هذا القطاع، حتى ديسمبر الماضي، يتصف بأسعار مكافئة Parabolic. كما يظهر في الرسم البياني للسعر. ورغم أن هذه الشركات “الخضراء” على نفس القدر من الأهمية إلا أن المستثمرين أصبحوا أكثر حذراً بشأن ما هم على استعداد لدفعه فيها (قدر الحذر بحوال 30٪).
لذا ربما نكون في مرحلة من دورة السوق نُعنى فيها أساسا بتحمل مخاطر الأسهم، وسيكون هناك مزيد من التدقيق في تقييمات بعض موضوعات الاستثمار الأكثر شيوعًا.
وختاما؛ على الرغم من الجائحة وتأثيرها؛ نجح اقتصاد السوق، مدار الأشهر القليلة الماضية، وأرسلت الأسعار المرتفعة إشارة جذبت معروضًا جديدًا أو جعلت المشترين أكثر حذراً، مما أدى إلى كبح بعض تحركات الأسعار هذه.