بقلم محمد يوجيل تاوريرت
تعيش العديد من العاملات بمختلف الوحدات الصناعية لمعالجة الزيتون بتاوريرت أوضاعا اجتماعية صعبة وظروف عمل اقل ما يقال عنها أنها ظروف كارثية ولاإنسانية ولا علاقة لها بمدونة الشغل بأية صلة. فكما هو معروف للعامة ان مدينة تاوريرت تعد من بين المدن المغربية على الصعيد الوطني التي تتوفر على اكبر عدد من المعامل والوحدات الصناعية والإنتاجية تفوق المائة في معالجة وإنتاج مادة الزيتون وتسويقها على نطاق واسع في السوق الداخلية او تهريبها وبالأطنان عبر الحدود المغربية الجزائرية الى الجارة الجزائر من طرف بعض أصحاب هذه المعامل التي تشتغل في الخفاء وبشكل فوضوي وما يشهده هذا القطاع من رواج تجاري يعود على أصحابه بأرباح مادية طائلة وما يجنيه أرباب بعض هذه المعامل من مليارات الدراهم سنويا جراء هذه التجارة المربحة جدا في تسويق الزيتون ورواجه في السوق السوداء عن طريق التهريب بطرق غير مشروعة الى الجارة الجزائر ودون أداء الرسوم الجمركية. من بين الوحدات الصناعية من يشتغل بطرق قانونية بمنطقة الحي الصناعي وتحت مراقبة الدولة التي تباشرها مختلف اللجان المكلفة بالتفتيش ومراقبة جودة التغذية ومحاربة الغش التابعة للمصالح الولائية بوجدة ومنها من يشتغل بطرق ملتوية وغير قانونية وخارج نطاق القانون وتجدها تنتشر بالعديد من الأحياء الهامشية كحي التقدم وحي 20 غشت وحي النهضة وحي موجنيبة وأحياء شعبية اخرى مهمشة وناقصة الهيكلة وما تشكله هذه المعامل عادة من مخلفات ومياه عادمة وروائح كريهة تزكم أنوف المواطنين ومجاري مائية ملوثة وما ينتج عنها من حشرات ضارة كالذباب والناموس والبعوض خاصة في فصل الصيف وما قد تخلفه هذه المياه العادمة من أضرار جسيمة على البيئة والمحيط وعلى صحة الإنسان والحيوان والفرشات المائية والأودية وباقي الكائنات الحية الأخرى التي تعيش بالمحاذاة من هذه المعامل العشوائية التي تنتشر بشكل كبير ومهول بمختلف نقط المدينة دون ان تتدخل الجهات المعنية للتصدي لها ومحاربتها وردعها، حفاظا على نظافة البيئة ودرئا لما قد يضر بها وحفاظا على سلامة المواطنين وحماية لحقوق العاملات اللائي يشتغلن في ظروف خطيرة وغير ملائمة وما تتعرضن له أحيانا من اعتداءات جسدية ومعنوية ومادية ولما لا جنسية في بعض الأحيان بعد ان يستغل بعض أرباب هذه المعامل أوضاعهن الاجتماعية والأسرية الصعبة والقاسية ناهيك عن ما تعانيه المرأة العاملة من أمية أبجدية وفقر مدقع وجهل تام لحقوقها التي لها على رب العمل. فالمرأة العاملة بمدينة تاوريرت لا زالت تعيش بدون حقوق ، فهي محرومة من ابسط حقوقها التي تكفلها لها مدونة الشغل فلا تأمين إجباري على المرض و لا تغطية صحية او اجتماعية ولا تعويضات عن العطل او عن حوادث الشغل التي تتعرض لها من داخل هذه المعامل وما أكثرها وهي حوادث قد تنجم عنها عاهات مستديمة تعاني منها العاملة طيلة حياتها دون ان تحصل على أية تعويضات مالية ودونما استفادتها من التقاعد النسبي يغنيها عن التسول في كثير من الأحيان او قيامها بممارسات أخرى مشينة تكون أكثر خطورة عليها وعلى صحتها بل وعلى المجتمع اجمع كممارستها لا قدر الله للبغاء والدعارة او القوادة او ممارسة الشعوذة والتدجيل وهي كلها مظاهر اجتماعية قد تتسبب فيها هذه العاهات وهذا الحرمان من كافة الحقوق المشروعة. فمن يتدخل لحماية هذه العاملة ويدافع عن مصالحها ويعمل ما أمكن على تحقيق مطالبها ومكاسبها المشروعة التي يكفلها لها القانون وتكفلها لها باقي التشريعات الدولية والكونية؟؟؟ أين هو دور الهيئات النقابية وهيئات المجتمع المدني وباقي القوى الحية بالمدينة من قبيل الأحزاب السياسية والمدنية والمنظمات الإنسانية والحقوقية التي تعنى بالدفاع عن حق المرأة وتسعى الى تمكينها من كافة حقوقها من دون تمييز او انتهاك او تفاوت بينها وبين الرجل. اغلب هؤلاء العاملات لا يتعدى أجرها اليومي 35 درهم على أكثر تقدير وفي أحسن الظروف لا يتجاوز 60 درهما بعد عمل شاق ومضني ومحفوف بالمخاطر قد يتعدى 14 ساعة من العمل بدون انقطاع من السابعة صباحا الى غاية الثامنة ليلا في بعض أيام فصل الصيف . *** عاملة بإحدى شركات تصبير وتصدير الزيتون بتاوريرت مصابة يتم نقلها على متن شاحنة لنقل البضاعة الى قسم المستعجلات بتاوريرت في ظروف لا إنسانية قاسية بتاريخ 05 يوليوز 2014 وحوالي الساعة الخامسة مساء من شهر رمضان الكريم استقبل قسم المستعجلات بتاوريرت عاملة بإحدى الشركات المتخصصة في إنتاج مادة الزيتون وتصبيرها وتصديرها بعد ان سقطت أرضا وهي تعمل من فوق البراميل المخصصة لتخزين الزيتون حينما كانت تقوم بوضع الملح في هذه البراميل لتصاب بآلام حادة على مستوى كتفها الأيمن على ما يبدو ليتم نقلها على متن شاحنة لنقل البضائع تشبه تلك التي تنقل الرمال صوب قسم المستعجلات بالمركز الاستشفائي الإقليمي في وضعية صحية متردية وهي تصرخ من حدة الآلام التي أصيبت بها جراء هذا السقوط من على البراميل ، ففي الوقت الذي كان فيه على رب الشركة ومن باب الإنسانية قبل كل شيء ان يتصل بسيارة الإسعاف من اجل نقل المصابة في ظروف أكثر أمانا وأمنا وأكثر سلامة مما هي عليه وهي على متن شاحنة ، مظهر مخزي ولا يمت لكرامة المرأة العاملة بصلة. فأين نحن من دولة الحق والقانون ؟؟؟ وأين نحن من تمكين المرأة العاملة من حقوقها على غرار الرجل ؟؟؟ وأين نحن من تحقيق المساواة بين الجنسين فيما يخص الحقوق والواجبات ؟؟؟ أين هي المنظمات النسائية والحقوقية ودورها في حماية والدفاع عن مطالب المرأة الشغيلة وتحقيق المكاسب لها؟؟؟ أم ان المرأة العاملة بمدينة تاوريرت ليست كالمرأة في باقي مدن المملكة؟؟؟ *** حتى لا ننسى الفاجعة: كلنا يتذكر الفاجعة التي شهدتها مدينة تاوريرت منذ أربع سنوات بعدما لقي خمس أشخاص مصرعهم من بينهم 3 عاملات إحداهن فتاة قاصر من داخل صهريج لتخزين الزيتون بأحد المعامل بمنطقة الحي الصناعي بعد ان قضوا جميعهم نحبهم مخنوقين الواحد تلو الأخر وما خلفه هذا الحادث من ردود فعل قوية واستياءا عارما من لدن كل القوى الحية بالمدينة تمخضت عنه عدة وقفات احتجاجية وما تركه في نفوس ساكنة هذه المدينة المغلوب على أمرها من غضب وحزن شديدين وهي فاجعة إنسانية فتحت آنذاك الباب على مصراعيه لملف كان منسي و ظل في طي الكتمان لعقود انه ملف الوحدات الصناعية بالمدينة وما كشفه هذا الحادث من نقاب عن الظروف المزرية التي تعشن فيها العاملات بمختلف المعامل والوحدات الصناعية . *** من هي الجهة يا ترى التي تقف عائقا وراء عدم فتح مقر تابع لوزارة التشغيل بمدينة تاوريرت ؟؟؟ منذ ما يقرب السنتين تم الإعلان بشكل مباشر عن فتح مقر لمندوبية التشغيل بمدينة تاوريرت من اجل مراقبة أرباب العمل وإنصاف العمال والعاملات بهذه المدينة لكن ومنذ ذلك الحين وبعد ان استبشرت الطبقة العاملة خيرا بهذا النبأ فان الأمر لا زال كما كان عليه في السابق ماعدا التواجد الباهت لمفتش الشغل بمقر العمالة مرة واحدة في الأسبوع للنظر في السيل العرم من الشكايات التي تتقاطر عليه بشكل يومي دون ان يمكن المشتكين من التواصل بشكل دائم مع هذا المفتش وبالتالي عدم إيجاد الحلول العاجلة لقضاياهم العالقة ومشاكلهم التي لا تنتهي التي يواجهونها مع أرباب المعامل والشركات والمقاولات الصغرى والكبيرة والمقاهي والمطاعم وباقي القطاعات الأخرى التي لها علاقة بالقطاع الخاص. فما هي مبررات هذا التماطل في فتح مقر خاص بمندوبية التشغيل بتاوريرت على غرار باقي مدن الجهة الشرقية؟؟؟ سؤال يبقى فيه الجواب بطبيعة الحال الى عامل عمالة تاوريرت السيد المعطي البقالي ؟؟؟