سفر متخيل الى فلسطين

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

لمياء نجاحي 
ضباب كثيف الرؤية غير واضحة , برد قارس يجمد الأطراف, سنقترب بعدسة التصوير أكثر, شيء مرمي على الأرض من يدري ما هو لا تزال الرؤية غير واضحة لتمييز الأشياء . شعرت برعشة تسري في جسدي طلبت من صديقي أن نعود أدراجنا لكن قبل أن نهم بالرحيل سمعنا صوتا شد انتباهنا. انتبهنا لمصدر الصوت لقد كان نابعا من ذلك الشيء المكوم قرب الحائط, سبقني صديقي بخطوات ليتفقد ذلك الشيء بينما وقفت خلفه متسمرة في مكاني لا أقوى على الحراك من هول ما شاهدت كان طفلا صغيرا لا يتجاوز عمره ثماني سنوات يضم أخاه الجريح ذو الأربع سنوات ويفترشان الأرض, كان الصوت الذي سمعناه هو أنين الجريح. أخرج صديقي محفظة الإسعافات الأولية وطلب مني مساعدته في تضميد جرح الطفل كان يتألم بصمت يقاوم حتى لا يصرخ بينما أخاه يردد اصبر وإياك أن تصرخ فالرجال لا يصرخون كانت تلك الكلمات مبهمة بالنسبة لي جعلتني أتساءل لماذا يقول له كلاما كهذا لماذا يصر كل هذا الإصرار على عدم صراخ شقيقه هو مجرد طفل من حقه الصراخ عند الألم. عندما كنت غارقة في التفكير وكانت نظراتي كلها متجهة إلى ذلك الولد الذي ينظر إلى أخيه نظرة شفقة, نظرة كلها حزن وفي نفس الوقت قوة وإصرارا, كان صديقي قد انتهى من تضميد جراح الطفل -شكرا جزيلا لكم لن ننسى لكم هذا المعروف ما حيينا وعندما سننتصر سأرد لكم معروفكم هذا. أعلم مسبقا أن النصر الذي يرمي له الطفل هو نصر فلسطين لكنني تعمدت أن اسأله قائلة في ماذا ستنتصرون؟؟ في تحرير فلسطين من أيادي الأعداء بالتأكيد – – ما هذا يا إلهي ما كل هذه الثقة هل الذي يقف أمامي حقا طفل ؟ من أين له كل هذا ؟ لم استطع النطق بكلمة بعد سماع تلك الجملة الصغيرة من طفل جملة صغيرة تلخص أحلاما وآمالا كبيرة. بعد لحظات انتبهت لصديقي الذي قد بدأ يسأل بفضول أخبرني أين والديكما ؟ وما سبب الجرح لدى أخيك الصغير ؟- أخذ الطفل نفسا عميقا قبل أن يشرع في الحديث. -اسمي مصطفى وهذا أخي مروان , البارحة بينما كنت أنا وأبي وأخي ننتظر أمي كي تضع لنا وجبة العشاء, وفجأة وبدون سابق إنذار سمعنا صوت إطلاق الرصاص وبعدها بقليل بدأ باب منزلنا يهتز من قوة الضرب خرجت أمي مسرعة من المطبخ و توجهت إلى الباب حاولت منع الطارق من تحطيمه وهي تصرخ اهربوا بسرعة من الباب الخلفي لكن لم يكن لأمي قوة كافية لتمنع الباب من السقوط فالعدو كان أقوى منها, فقد حطم الباب وأفرغ رصاصاته في رأس أمي لكنها قبل أن تسقط أرضا غارقة في دمائها ابتسمت وقالت اهربوا. حملني أبي أنا وأخي الصغير وركض بنا بسرعة إلى الباب الخلفي وضعنا أرضا و أقفل الباب بينما هو بقي في الداخل ليمنع العدو من اللحاق بنا وصرخ طالبا منا أن نهرب نهرب لكن قبل أن نفعل سمعنا , صوته من خلف الباب يقول إياكم والاستسلام فلسطين ستتحرر طال الزمن أو قصر وقال أن الرجال لا يصرخون ثم سمعنا صوته وهو يستشهد. هربت برفقة أخي الصغير مروان لم نلتفت خلفنا ركضنا و ركضنا إلى أن وصلنا إلى مكان قريب من هنا كانت المنازل محطمة أردت أن أستريح قليلا في إحدى المباني المهدمة أنا وأخي, لكن بينما كنا قد جلسنا أرضا سقطت صخرة على قدم أخي كنت أريد نقله إلى مكان آمن لأبحث عن احد يساعدنا لكن لم يستطع المشي لمسافة أطول كنت أحمله قليلا لكنه يصر على المشي بمفرده. وقفت مذهولة أنا وصديقي أمام هذه القصة, فبينما في بلدنا نأكل وننام ونستمتع بأشياء كثيرة وبينما أكبر همنا شحن بطارية هواتفنا الخلوية. في فلسطين أطفال يموتون جوعا وعطشا نساء تستشهد كل يوم. بينما نحن في بلد أكبر مشاكله تتجسد في الحب . ومشاكل الشباب نساء و نزوات وشهوات ومشاكل البنات لباس وموضة, في فلسطين شباب يقاتلون من أجل بلدهم من أجل تحريره من بطش الأعداء بل أطفال تخلو عن طفولتهم من أجل بلدهم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *