الرباط /محمد العزعوزي
بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لعيد العرش المجيد نظمت اول امس الاربعاء27 يوليوز 2016 ” جمعية المستقبل لتربية وتأهيل ذوي الإحتياجات الخاصة ” ملحمة التراث الشعبي المغربي التي شملت فن الملحون والعيطة وعيساوة واكناوة والأغنية الغيوانية والأغنية الأمازيغية، وبمشاركة شرفية لمجموعة ”سانتوكا” الإسبانية والتي أضفت على هاته الملحمة لمسات فنية باهرة نالت إعجاب الجمهور الذي تفاعل معها وصفق لها بحرارة. كما عرف هذا اللقاء الفني تكريم مجموعة من أعلام الفن المغربي الذين أعطوا الكثيرللفن الشعبي من خلال حضورهم وعطاءاتهم المتميزة ويتعلق الأمر بكل من الفنان ورائد الأغنية الأمازيغية عبد الواحد حجاوي ورائد العيطة الفنان الموهوب ذو الصوت المتميز”حجيب فرحان” ، ورائد الفن العيساوي محمد ولد العريف وفي اللون الكناوي تم تكريم الفنان المقتدر عبد القادر أمليل، وتخللت هذا الحفل البهيج لوحات فنية رائعة أداها مجموعة من الأطفال من ذوي الإحتياجات الخاصة حيث برهنوا على قدراتهم الفنية التي نالت إعجاب الحضور وأظهرت مدى قدرتهم على إظهار مواهبهم التي تم صقلها من طرف مجموعة من الفنانين وعلى رأسهم ” الأستاذ نسيم حداد ” و أطر الجمعية المشرفة عليهم، وما ميز هذا اليوم الفني هو ذلك ”كشكول” الأغاني والذي شمل كل من فن الملحون والعيطة وعيساوة واكناوة والأغنية الغيوانية والأغنية الأمازيغية، والذي كان من أداء الفنان الكبير الشاب ”نسيم حداد” ذو الحنجرة الذهبية والأداء المتميزوأبان عن قدرته الفائقة في أداء كل الأنماط الفنية.
وفي تصريح لجريدة الملاحظ جورنال حول ارتساماته بمناسبة تكريمه بصفته أحد أعلام الأغنية الأمازيغية أفاد الفنان عبدالواحد حجاوي أنه جد سعيد بهذه الإلتفاتة الطيبة التي أتت من ” جمعية المستقبل لتربية وتأهيل ذوي الإحتياجات الخاصة ” كما أشارالى أنه حضر عدة دورات تأطيرية فنية في مقر الجمعية استفاد منها رائدات ورواد الجمعية وكانت من تنشيط ”الأستاذ نسيم حداد” الذي هو بدوره له تجارب راكمها من خلال عمله مع مجموعة من رواد الفن، إلى جانب المجموعة الإسبانية التي شاركت في هذا العرض. والجميل في هذا كله هو نجاعة التواصل مع هؤلاء الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة حيث تم تلقينهم مجموعة من أسس الفنون المتنوعة من ملحون وفن العيطة والفن الكناوي وفن عيساوة والفن الغيواني والفن الأمازيغي وتم تدريبهم بشكل جيد مما مكنهم المشاركة في هذه الملحمة الفنية الرائعة. كما عرف هذا الحفل تكريمي إلى جانب مجموعة من الفنانين المغاربة الكبار وتم تقديم عرض شيق أبهر الجميع، حيث لاحظنا كيف تم التلاقح والإنسجام مع الفرقة الإسبانية والفرقة المغربية من خلال أداء أغاني مشتركة.
وفي السياق ذاته تم عرض ”كشكول” متنوع من الفنون المغربية كمزيج من الملحون واكناوة وعيساوة والأغنية الغيوانية والأغنية الأمازيغية، حيث لاقى تجاوبا كبيرا مع الجمهور ومع أطفال الجمعية الذين انتشوا بهذه الوصلات الغنائية ذات المستوى الرفيع كما أنهم برهنوا على كفاءات هامة ومخزون كبير من المواهب. العرض راق الجميع وأدخل الفرحة في قلوب هؤلاء الأطفال لكونه ليس من السهل إدخال الفرحة في قلوب الأطفال وليس كذلك من السهل أن تجعل هؤلاء الأطفال يشاركون في هذه العروض وأن تبرز مواهبهم في المجال الفني وتجعل الجمهور يشجعهم ويصفق لهم بحرارة، كما تقدم الفنان ”عبد الواحد حجاوي” بالشكر لأطر الجمعية وللأستاذ ”نسيم حداد” على المجهودات الجبارة التي قدموها، وما يحز في نفسه هو الحضور الباهت لوسائل الإعلام التي لا تواكب هذه التظاهرات الفنية، والتي همت في هذا اليوم هذه الفئة من مجتمعنا من الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة وخاصة هذا العمل بحجمه الكبير لم يتم ايصاله لباقي أفراد المجتمع عير وسائل الإعلام.
وفي سياق ذات الصلة وفيما يخص مستقبل الأغنية التراثية قال أنه من الواجب مضاعفة المجهودات من طرف الدولة للرقي بها حيث لاحظ أننا نستقبل كل الفنون عبر الأنترنيت وعبر مختلف وسائل الإعلام الأخرى لكننا لم ننفتح بعد على أنفسنا وعلى مختلف فنوننا الشعبية داخل الوطن للتعريف بتراثنا لأن الطفل يجب تلقينه وتعريفه بتراثه منذ الصغر وتحسيسه أن تراثنا المغربي يزخر بثقافات وفنون كثيرة ومتنوعة. كما أشار الفنان ”عبد الواحد حجاوي” الى أن الأغنية الأمازيغية تحتاج للتأطير وأن هناك خلف لهذا المروث الثقافي الأمازيغي خاصة من الفئة الشبابية وأن هناك الكثير من الفنانين المهتمين بالفن الأمازيغي. وكل ما يجب فعله هو مواكبتهم ومتابعتهم ويجب تظافر الجهود سواء من طرف الأكاديميين والمثقفين والإعلاميين لتظافر الجهود. وأن المحاولات الفردية تبقى ذاتية و منحسرة وهدفها يكون بالأساس هو توفير العيش اللائق للفنان ولأفراد عائلته في أفق محدود جدا . و رغم ذلك نلاحظ وجود مواهب كثيرة و حب كبير لدى المغاربة قاطبة لفنونهم حيث يبقون متشبثين بها رغم غياب التأطير من طرف الحهات الرسمية وغياب وسائل الإعلام التي تنقل لنا مواد لا تساهم في بناء هويتنا المغربية والتي لا تساهم في تقوية شخصية الطفل الذي هو رجل الغد. ما أعجبني اليوم هو أن الأطفال شاركوا في فقرات هذا الحفل وغنوا الكناوي والعيطة والأغنية الأمازيغية والفن العيساوي….. ولو تعددت مثل هذه المبادرات على الصعيد الوطني سنصل إلى إشعاع في المستوى لمختلف الفنون المغربية الأصيلة وأن لدينا تراثا كبيرا ومتنوعا حيث يجب علينا المحافظة عليه والتشبث به ونعمل على توظيفه وتسويقه ليصل للعالم. ويجب علينا العمل بجد. ونتمنى أن تساهم في بناء هذا العمل كل الكفاءات التي نتوفر عليها في جميع الميادين والتي غالبا ما تبقىى مهمشة في غياب كل تشجيع لها لتوظيف مجهوداتها للدفع والرقي بالفن.
وتجدر الاشارة الى انه فيما يخص البحث في التراث الأمازيغي الذي يشتغل عليه هذا الفنان الحامل لهم الأغنية الأمازيغية منذ سنة 1977 أي منذ بداياته كفنان أمازيغي أفاد أنه اضطلع وبحث في مناهج فن الملحون ومناهج الأغنية العربية ومناهج وبحوث لأساتذة كبار كالأستاذ عبد النبي الجيراري ومحمد الفاسي والأستاذ بوحميد في فن العيطة وآخرون ممن اشتغلوا على فن الملحون والفنون الشعبية بصفة عامة وحاول أن يطبق نفس المنهجية التي انتهجها هؤلاء الباحثين في طريقة اشتغاله كباحث في التراث الأمازيغي، وأشار أنه لا يمكننا أن نصل لنهضة كبرى في هذا المجال بدون بذل المجهود، وأشارأنه حاول جمع جل الأشعار والكلمات المتعلقة بالأغنية الأمازيغية وحاول تصنيفها وتحديد أسمائها وأوزانها وقياساتها وحاول جمع أغلب الإيقاعات المستعملة في أحيدوس وفي الغناء بصفة عامة واشتغل على هذا إلى جانب الأستاذ أحمد عيدون الذي هو بصدد ترجمة وكتابة ”النوطة” المتعلقة بها، وحاول كذلك أخذ كل الأنماط الشعرية الأخرى من خلال الأغاني المؤداة من طرف شيوخ الأغنية الأمازيغية القدامى حيث جمع مجموعة من الكلمات والأشعار وصنفها ولكنه لم يجد من يأخذ بيده لإتمام هذا العمل الذي يستوجب القيام ببحث ميداني لأجل استسقاء التجارب التي يتوفر عليها فنانون آخرون على تنوع أنماطهم ووجودهم على صعيد مختلف المناطق المغربية وقد هيأ استمارة تتضمن مجموعة من الأسئلة المحتملة التي يمكن طرحها على هؤلاء الفنانين الممارسين للفن الأمازيغي سواء مغنيين أو شعراء أو في صنف ”أحيدوس” أو الموسيقيين لكنه لم يجد أي تحفيز أو مساعدة سواء من طرف وزارة الثقافة أو المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، حيث أشار في كلمته أن النظام الجديد المعتمد من طرف وزارة الثقافة في هذا الجانب يحيله أولا على الناشر وهو من يتكلف بوضع الطلب لدى وزارة الثقافة، ولكن مشكلته الأساسية هي أن البحث لم يكتمل بعد لأجل نشره ويحتاج للدعم المسبق لإتمامه، كما أشار أن السيد عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية قد استقبله بحضور اثنان من الأساتذة الأجلاء لدعمه وللدفاع عن فكرته في إخراج هذا البحث الذي سيكون مرجعا غنيا في الحاضر والمستقبل وشرح للسيد العميد تفاصيل مشروعه لمدة ثلاث ساعات بعد ذلك طلب منه هذا الأخير إنجازوتحضير ملخص عن المشروع وموافاته به، وبعد ذلك تمت إحالته على أحد الأقسام المكلفة داخل المعهد المذكور لكنه أشار أنهم لم يتعاملوا مع مشروعه هذا بشكل إيجابي ولم يتوصل إلى أي نتيجة، واقترحوا عليه مسطرتين لم يقتنع بأية منهما، فالأولى ان اتبعها ستجرده من مشروعه وتبقى صفته محدودة كمشارك في المشروع فقط، والمسطرة الثانية تتطلب إكمال العمل بصفة نهائية ووضعه لدى الجهات المختصة في هذا المجال حيث تتم إحالته على اللجنة المختصة في لدراسته والموافقة عليه، وفيما يخص جديده من الأغاني التي ينتظرها جمهوره أشار أنه يشتغل باستمرار حيث يكتب الأغاني ويلحنها وأن له كم هائل من الأعمال ويتمنى أن تصل إلى جمهوره حسب الظروف المواتية، كما أشار هذا الفنان المقتدر أنه لم ينل شرف المشاركة في سهرات القناة الأولى منذ سنة 1985 ولم يعرف السبب وراء هذا الإقصاء الذي يطاله رغم أن له أغاني وطنية شارك بواسطتها في احتفالات عيد العرش، وقال فناننا أنه حتى مشاركاته في بعض المهرجانات التي تم تصويرها ”كموازين، وتميتار، وتورتيت، ومهرجان الدار البيضاء”، لم يتم بثها عبر وسائل الإعلام الرسمية إلى جانب المشاركين الآخرين الذين يتم بث أعمالهم، وآخر ما وقع له مع هاته المعاناة من الإقصاء والتهميش الممنهج أنه تمت استشارته من طرف إحدى المؤسسات المكلفة بتنظيم حفلات في مجال الفن الأمازيغي، واستبشر خيرا حين تمت برمجة مشاركته وبالضبط في 5 غشت 2016 إلا أنه يفاجأ بإلغاء مشاركته دون أي سبب يذكر وحرم من تلميع صورته لدى جمهوره الواسع ومن التحفيزات المادية التي تشجع كذلك على العطاء والبحث عن الجديد الذي يتلائم مع كل الأذواق.
وفي مقابلة أخرى لجريدة الملاحظ جورنال مع الفنان حجيب فرحان أدلى هذا الفنان بالتصريح التالي حول ارتساماته فيما يتعلق بالتكريم الذي خصص له إلى جانب مجموعة من الفنانين الآخرين حيث قال: أن التكريم كيفما كان نوعه أوشكله فهو يبقى تشريفا سواء كان صادرا من طرف جمعيات أو من الجمهور أوتكريما خاصا أو عاما فهو يبقى اعترافا للفنان ويعرف به أكثر، ويتم من خلاله تجديد طاقاته الفنية، و تكريم اليوم كان لقاءا بين أربع ثقافات مختلفة، فهذا في حد ذاته يعني أن هناك تلاحما بين مختلف الألوان الفنية المغربية وما بين التراث المغربي بشكل عام وما بين الفنانين كل حسب تخصصه. وشكر كل من يفكر في الفنان سواء من خلال تكريمه أو حتى إن سأل عن أحواله أو بتشجيعه وقال أنه لا يمكن للفنان الإستمرار في العطاء إلا بتحفيز من هذه الأيادي البيضاء التي تدفع بالفن إلى الأمام. وحول مستقبل الأغنية الشعبية والأغنية المغربية أشار أن لها مكانتها لدى الجمهور المغربي ، والدليل على ذلك مشاركتها ومدى الإقبال الذي عرفته من خلال مهرجان موازين، وأشار في الأخير أن كل رواد الأغنية الشعبية أوالعصرية متعاونون للدفع بسفينة الأغنية المغربية إلى التألق.
أقل ما يمكن فعله بالنسبة لهؤلاء الفنانين الشعبيين الذين يحملون مشعل التراث في يدهم هو تكريمهم
فهم يستحقون أكثر من ذلك