انطلقت اليوم الجمعة 29 نونبر الجاري بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش ، أشغال ندوة دولية حول موضوع “مداخل التجديد الفاعل للفكر العقابي: الأبعاد، الاشكالات و الحدود” التي ينظمها مختبر البحث في السياسة الجنائية و القانون المقارن و جمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة ، بشراكة مع المنظمة الأور ومتوسطية للحقوق و مختبر الدراسات والأبحاث الجنائية والإدارية ومديرية الشؤون الجنائية والعفو، و رصد الجريمة بوزارة العدل والودادية الحسنية للقضاة وهيئة المحامين بمراكش ، ونادي قضاة المغرب فرع مراكش واللجنة الجهوية لحقوق الانسان بجهة مراكش اسفي، و مركز مدى للدراسات والأبحاث الإنسانية والمركز الوطني لمحاكم الولايات بالمغرب وبتعاون مع المجلس الجماعي.
و تروم هذه الندوة التي تتميز بمشاركة نخبة من الأكاديميين، القضاة، والخبراء من داخل المغرب وخارجه، تسليط الضوء على التحولات التي يشهدها الفكر العقابي، مع التركيز على التحديات التي تواجه العقوبات التقليدية في تحقيق التوازن بين مقاصد الردع والإصلاح، وبين متطلبات العدالة الجنائية واحترام مبادئ حقوق الإنسان. كما سعت إلى تقديم تصورات وحلول مبتكرة تتماشى مع التحولات المجتمعية والقانونية على المستوى الوطني والدولي.
في هذا السياق أكد السيد بلعيد بوكادير رئيس جامعة القاضي عياض أن موضوع مداخل التجديد الفاعل للفكر العقابي يعكس أهمية الفكر النقدي
في تحليل القضايا المرتبطة بالعدالة والعقاب وهو مجال تتقاطع فيه الأبعاد القانونية والاجتماعية والاقتصادية وحتى النفسية والثقافية مع الظاهرة الإجرامية
وأوضح رئيس الجامعة أن عالمنا اليوم يشهد تغيرات كبيرة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مما يضع تحديات جديدة أمام أنظمة العدالة والعقوبات. ولم يعد مقبولاً التعامل والعقابية بمنطق تقليدي أو من منظور قانوني فقط بل أصبح من الضروري اعتماد مقاربات متعددة التخصصات تستوعب أبعاد الجريمة والعقوبة من خلال دمج المعارف القانونية الاجتماعية النفسية الاقتصادية، وحتى التكنولوجية، بهدف إيجاد حلول فعالة ومتوازنة
وفي هذا الإطار،- يضيف بوكادير – أن الجامعات بما فيها جامعة القاضي عياض، تلعب دورًا أساسيا في بناء الطاقات البشرية القادرة على التعامل مع هذه القضايا المعقدة. فالجامعة ليست فقط كفضاء للتعليم والبحث العلمي هي أيضا منصة لتشكيل وعي جديد لدى الطلبة والمجتمع بأهمية العدالة ، وفلسفة العقوبة، والغايات الكبرى للسياسات العقابية من خلال برامجها العلمية وأنشطتهاالتوعوية، تعمل الجامعة على إعداد أجيال من المهنيين والباحثين الملمين بمناهج التفكير الشمولي، والقادرين على المساهمة في صياغة سياسات عمومية مبتكرة تأخذ بعين الاعتبار مختلف أبعاد الظاهرة الإجرامية.
من جهتها أكدت السعدية ماجدي مختبر البحث في السياسة الجنائية و القانون المقارن أن أمير المؤمنين صاحب جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ما فتئ يشدد على أهمية إصلاح المنظومة الجنائية، وجعلها أكثر إنسانية وفعالية، حيث دعا جلالته فيما مرة إلى خلق منظومة عقابية تسهم في حماية المجتمع دون المساس بكرامة الأفراد وحرياتهم.
و أشارت السعدية ماجدي الى أن الفكر العقابي ليس حكرا على من يحمل القلم أو المطرقة، بل هو مساءلة حية لمكنونات المجتمع الإنساني بكل مقوماته وخصوصياته الهوياتية، وفي كل أبعاده النسقية. فما يؤرق مضاجعنا كمهتمين بالمجال ، هو ذلك السقف الطموح الذي ما فتئ يدعونا إلى تجديد مداخل الفكر العقابي، لتستوعب الظاهر والمضمر، الخفي والمبطن في المشترك الإنساني، بل في جدلية التجريم والعقاب كضرورة حتمية، تفعلها روافد الدين والتاريخ والقانون والتعاقدات المجتمعية الكبرى، التي تميز مجتمعا عن آخر.