عبد النبوي: العدالة منتوج مجتمع يحكمه الوازع الأخلاقي وليست مسؤولية القاضي وحده
أكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النبوي، أن العدالة لا يمكن أن تتحقق إذا كانت محصورة في مسؤولية القاضي وحده، بل هي في جوهرها منتوج مجتمع بأسره، مشددا على أن “العدالة تكون منتوجًا مجتمعيًا من خلال شيوع الأخلاق الفاضلة”، حيث يصبح الوازع الأخلاقي هو الدافع الرئيسي لسلوك الناس نحو الخير.
وخلال لقاء تواصلي للمجلس العلمي الأعلى مع خبراء التنمية، بمقر المجلس بالرباط، أوضح عبد النباوي أنه إذا كان المجتمع يتمتع بالأخلاق الطيبة، فإن ذلك يحول دون اعتداء الأفراد على حقوق الآخرين، كما يمنعهم من ارتكاب الآثام مثل شهادة الزور وادعاء الكذب.
وأبرز المتحدث أنه في المجتمعات التي لا تنتمي إلى دين معين، يُمكن لهذا الوازع الأخلاقي أن يسهم في إقامة العدالة، إلا أن الوضع في المجتمعات الإسلامية سيكون أفضل بالنظر إلى انسجام الأخلاق المجتمعية مع تعاليم العقيدة الإسلامية.
ومع ذلك، يوضح عبد النبوي أنه مهما كانت قوة العقيدة الدينية والمبادئ الأخلاقية في المجتمع، فإن الغرائز البشرية وظروف الحياة قد تدفع بعض الأفراد إلى مخالفة القيم الدينية والأخلاقية. فقد يلجأ البعض إلى الغش أو النصب أو حتى شهادة الزور، وهي حالات تحتاج إلى تدخل قانوني صارم.
واستشهد عبد النباوي بالقاعدة الشهيرة للخليفة عثمان بن عفان: “إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالإيمان”، مما يعني أن القانون يجب أن يتدخل لضبط هذه الظواهر الشاذة عن طريق تطبيق العقوبات التي يتيحها الشرع والقانون.
وأوضح أن القاضي يحتاج إلى مدعي حق يستحضر الله والخلق الطيب في اتهامه للآخرين، كما يحتاج إلى خبير يستمع إلى ضميره وينظر إلى ما ينتظره في الآخرة بسبب رأيه المخالف للحقيقة، وشاهد ذو خلق يستحضر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وشهادة الزور.”
وشدد المتحدث على أن القاضي، مهما كان حكمه سليماً، فإن المجتمع هو الذي يصنع العدالة ويساهم في تحقيقها، موضحاً أنه عندما يضعف الوازع الأخلاقي والديني لدى الناس، تصبح إقامة العدل أكثر صعوبة، حيث يؤثر ذلك سلبا في سلوك الأفراد والمجتمع بشكل عام.
لهذا السبب، يشير الرئيس المنتدب للسلطة القضائية إلى أهمية استنهاض القيم الدينية والأخلاقية لدى عامة الناس وخاصة القضاة، باعتبارهم الركيزة الأساسية في بناء العدالة. وفي هذا السياق، شدد على أن القضاة، حينما تكون عقيدتهم راسخة وأخلاقهم متينة، فإنهم سيكونون أكثر تمسكا بالحق والعدل، ويجتهدون في تمحيص الأحكام والتمسك بالإنصاف.
كما أشار إلى دور فئات أخرى من “خاصة الناس”، مثل الخبراء والعدول والمحامون، الذين بدورهم يجب أن يتمسكوا بالقيم الدينية والأخلاق الفاضلة لضمان تحقيق العدالة، مشدداً على أن العدالة لا تنبع فقط من الأحكام القضائية، بل هي ثمرة للجهود الجماعية التي تشمل الجميع في المجتمع.
على وزارة الأوقاف أن تدع العلماء والخطباء يقوموا بدورهم في توعية المجتمع ، وذلك بعدم التدخل فيما يجب أن يقولوا وبعدم تهديدهم بالفصل بجرة قلم.