الناطق باسم الأمن الوطني: الدين مؤطر للحياة وأول ثابت من ثوابت الشعب المغربي والدراسات أظهرت أهميته في المجتمع
قال بوبكر سبيك، المراقب العام، والناطق باسم المديرية العامة للأمن الوطني، خلال لقاء تواصلي مع المجلس العلمي الأعلى إن « الدين، بصريح الوثيقة الدستورية للمملكة، هو المؤطر للأمة في حياتها العامة، وهو أول ثابت بين الثوابت الجامعة للشعب المغربي ».
وأوضح أن تبوؤ الدين لهذه المكانة الرفيعة في توجيه حياة الناس، ليست مسألة محصورة على المغرب، كما أنها ليست مرتبطة فقط بالدول التي تدين بالدين الإسلامي.
وقدم مثالا بفرنسا التي يقر نظامها الأساسي الأسمى بعلمانية الدولة، حيث أظهرت دراسة قام بها منتدى الإسلام بفرنسا في سنة 2022، « أن نشاط ممثلي الشرطة (les référés de Police) في التواصل مع فئات الشباب والأطفال بالأحياء ذات الأغلبية المسلمة، قد مكن-في الحالات التي عرفت انخراطا جديا للأئمة والوعاظ -من تسجيل نتائج إيجابية على مستوى خفض معدلات الجنوح والجريمة ».
وأضاف أن منظمة الأنتربول كانت سباقة للتأكيد على دور « القوى الروحية » للمجتمع في الوقاية من جنوح الأطفال، في مؤتمرها المنعقد باليابان عام 1967، إذ أكدت بأن « المهمة التي تقع على عاتق الشرطة هي مهمة رادعة، إلا أنه ينبغي عليها في مادة الجنوح أن تمارس مهمة مانعة، بالتنسيق مع الهيئات الاجتماعية ومؤسسات التربية ومع القوى الروحية ».
وأوضح سبيك في مداخلته التي تأتي في سياق لقاء تواصلي يعتبر الأول من نوعه الذي نظمه المجلس العلمي الأعلى، مع عدد من الشخصيات منهم وزراء وخبراء أن العلاقة بين الدين والأمن، شكلت على امتداد قرن من الزمن موضوع الكثير من الدراسات السوسيولوجية والقانونية. واستعرض نتائج عدة دراسات بشأن دور الدين:
ففي سنة 1897، خلص عالم الاجتماع « إيميل دوركهايم » إلى أن « الدين ينهض بدور مهم في مجال المحافظة على مطابقة المعايير والالتزام بالضوابط المجتمعية ».
لكن الدراسة البحثية التي قام بها في سنة 1969 كل من « ترافيس هيرشي » من جامعة واشنطن، و »رودني ستارك » من جامعة بروكلي في كاليفورنيا، والتي تناولت « تأثيرات العوامل الدينية على الانحراف »، أظهرت بأن « مستوى تأثير التدين الشخصي على الانحراف يبقى ضعيفا، بل وتكاد تنعدم العلاقة بين ارتياد الكنائس وبين احترام القانون وجهاز الشرطة ».
وفي المقابل، لاحظ « بوركيت » و « وايث » في سنة 1974، بأن الدين يمكن أن يكون له تأثير رادع على بعض أنواع السلوكيات المنحرفة، خصوصًا الجرائم التي تكون « بدون ضحايا »، مثل استهلاك الكحول والتبغ. نفس النتيجة أكدتها الدراسة التي أنجزها « لـــي إيليس » في سنة 1985، والتي أوضحت بأن معدلات الجريمة في صفوف الاشخاص الذين يواظبون على الممارسات الدينية بأمريكا تكون أقل مقارنة مع غير المتدينين.
وقال « لم تزغ أوروبا عن هذا التوجه، حيث خلصت الدراسة التي أجراها « دينتون » و »هامر » في سنة 2008 في موضوع « العلاقة بين التدين والجريمة »، إلى تأكيد أن البلدان التي تتميز بمشاركة دينية عالية، مثل أيرلندا وبولندا، كانت لديها معدلات جريمة أقل مقارنة ببلدان مثل السويد وفرنسا والنرويج، حيث مستوى التدين منخفض.
وأوضح أن كل هذه الدراسات مجتمعة أظهرت بأن التدين غالبا ما يكون له تأثير، ولو بنسب متفاوتة، على الجريمة والسلوك، خصوصا عندما يكون الالتزام الديني نشطًا ومنتظمًا.