العنف المدرسي داخل أسوار المؤسات أو خارجها…هل تخلت الأسر عن دورها التربوي؟

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عرفت المؤسسات التعليمية بالمغرب في الأشهر الأخيرة، تصاعدًا مثيرًا للقلق في حالات العنف، سواء داخل أسوار المدارس أو خارجها. ولم تعد هذه الوقائع مجرد حالات معزولة، بل أصبحت تُسائل بعمق منظومتنا التربوية، وتطرح علامات استفهام كثيرة حول دور الأسرة في تربية الأبناء وتهذيب سلوكهم.

وعاد النقاش ليطفو على السطح حول حجم الانفلات داخل المدارس المغربية، على إثر جريمة مروعة هزّت مدينة أرفود، حيث أقدم تلميذ على قتل أستاذته داخل فضاء تعليمي. هذه الحادثة الأليمة لم تكن سوى واحدة من بين سلسلة من الاعتداءات التي تكررت خلال السنوات الأخيرة، والتي تُجسد أزمة تربوية ومجتمعية خانقة.

وإذا كان البعض يعزو تنامي العنف في المدارس إلى تراجع هيبة المدرسة، فإن المؤشرات تشير أيضًا إلى خلل واضح في الدور التربوي للأسرة.

فغياب الرقابة الأسرية، والاستهتار بقيم الحوار والتوجيه، والانشغال المفرط بمواقع التواصل على حساب التواصل الأسري، كلها عوامل ساهمت في إنتاج جيل مضطرب سلوكيًا، تتسم ردود أفعاله بالعنف والاندفاع.

وتشير تقارير غير رسمية إلى تسجيل عشرات الحالات سنويًا من الاعتداءات الجسدية واللفظية داخل المؤسسات التعليمية، سواء بين التلاميذ أنفسهم أو تجاه الأساتذة. وتتراوح مظاهر العنف بين السب، والتحرش، والتخريب، والتهديد، وأحيانًا القتل كما حدث في أرفود. هذه الوقائع لم تعد نادرة، بل أصبحت تؤثر بشكل مباشر على أداء المدرّسين وتهدد استقرار البيئة المدرسية.

ظاهرة العنف المدرسي ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي نتاج تراكمات أسرية ومجتمعية وتربوية. فالأسرة مطالبة باستعادة دورها المركزي في التربية، لا فقط في الإعالة. والمدرسة ينبغي أن تعزز قيم الحوار والاحترام في برامجها. كما أن الإعلام والمجتمع المدني والسلطات المحلية معنيون بدورهم في نشر ثقافة اللاعنف وتشجيع أنماط السلوك السوي. وأمام ما يحدث من تجاوزات خطيرة داخل المدارس المغربية، لم يعد كافيًا الحديث عن برامج إصلاحية معزولة.

فالأمر يتطلب إعادة نظر شاملة في علاقة التلميذ بالمدرسة، والتلميذ بأسرته، والأسرة بالمجتمع. فكلما ضعُف الرابط بين هذه الدوائر، كلما ازداد العنف تفشيًا، وابتعدنا عن الهدف الأسمى للمدرسة: تربية أجيال قادرة على بناء مجتمع سليم وآمن.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.