“أرنوب اللهلوب” يزرع البهجة والقيم في قلوب أطفال دار الطفل باب أغمات
بدعم من المجلس الجماعي لمراكش، شهدت قاعة عروض المرحوم مصطفى البرودي بدار الطفل باب أغمات مراكش، سطوع نجم عمل فني جديد أبدعته فرقة “أيوب سمسمة”، مسرحية “أرنوب اللهلوب”، ليقدم لحظات من الفرح والمعرفة لأطفال الدار، تاركًا بصمة إيجابية في نفوسهم.
هذا العمل الفني المتكامل، الذي نسجه الفنان القدير الوليد مزوار بحس فني رفيع تأليفاً وإخراجاً، استلهم فكرته من رؤية ثاقبة لرئيسة الفرقة المبدعة حياة غافري. وقد اكتملت روعة العرض بلمسات فنية أخرى، حيث أضفت الموسيقى والألحان والصوتيات الساحرة التي أبدعتها نزهة الجعيدي أجواءً مميزة، فيما رسم رشيد سراج بفرشاته الإبداعية سينوغرافيا جذابة.
ولم يغب عن هذا الإنتاج المتقن أدق التفاصيل، حيث تولت زوبيدة بنقزو الإشراف العام، وحرص رضى فلكي على سلاسة التنظيم، بينما أدار عادل المنصوري التقنيات بكفاءة عالية، ونفذ إبراهيم أبو السيف الديكور بإتقان.
وقد أبدع الفنانون في تجسيد شخصيات المسرحية، حيث قدم زوهير خاشع الرحمان أداءً مؤثراً في دور الأب، وتألق عبد العاطي كرداح في دور الابن، بينما خطف الفنان جمال كنو قلوب الأطفال في دور “أرنوب اللهلوب” بحضوره الآسر وتفاعله الحيوي.
وقد كان لافتاً التجاوب الكبير الذي أبداه أطفال المستوى الرابع والخامس والسادس ابتدائي مع أحداث المسرحية وشخصياتها. هؤلاء الأطفال، الذين اعتادوا حضور عروض ترفيهية متنوعة، أظهروا إعجاباً خاصاً بـ “أرنوب اللهلوب”، مما يؤكد تميز هذا العمل وقدرته على جذب انتباه هذه الشريحة من الجمهور التي يصعب إرضاؤها بسهولة.
لم تقتصر متعة العرض على الأطفال فحسب، بل امتدت لتشمل الأطر والمشرفين بدار الطفل بمراكش، الذين استمتعوا بالرسائل التربوية والقيم النبيلة التي حملتها المسرحية بأسلوب شيق وممتع.
و لامست المسرحية قضايا هامة في حياة الأطفال، مثل أهمية الأكل الصحي، وضرورة احترام ملكية الآخرين وعدم أخذ الأشياء بدون إذن، بالإضافة إلى التوعية بدور الأرض في توفير الغذاء الصحي، وإبراز قيمة عمل الفلاح وتعاون الابن مع والده في الحقل، وصولاً إلى صورة الأم الحنون التي تحرص على إعداد الفطور لزوجها العامل.
إن النجاح الباهر الذي حققته مسرحية “أرنوب اللهلوب” في دار الطفل باب أغمات، هذا الصرح الذي يحتضن قلوباً صغيرة تحتاج إلى كل أشكال الدعم والفرح، يؤكد على أهمية الفن في التخفيف عنهم وغرس القيم الإيجابية في نفوسهم.
ولقي العرض تجاوبا مميزا من الأطفال، الذين ربما تحمل قلوبهم الصغيرة قصصاً وظروفاً خاصة، يبرز قدرة المسرح على تجاوز الحواجز وتقديم لحظات من السعادة والتعلم لهم.
هذا العمل المسرحي المتميز ليس مجرد عرض ترفيهي، بل هو نافذة تطل على عالم جميل ومليء بالعبر، يقدم لأطفال دار الطفل جرعة من البهجة والأمل، ويؤكد على أن الفن يظل لغة عالمية قادرة على الوصول إلى أعمق المشاعر وترك أثر إيجابي دائم.