“أرباح مُضخّمة” وواجهات وهمية: شبكة غسل أموال تهز القطاع المالي

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في واحدة من أكثر القضايا تعقيداً منذ سنوات، كشفت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية عن خيوط شبكة متشابكة من الشركات الوهمية، يُشتبه في تورطها في عمليات غسل أموال ذات طابع جبائي، عبر استغلال ثغرات في منظومة المراقبة الضريبية.

التحقيقات الأولية أظهرت نشاطاً مشبوهاً لشركات حديثة النشأة، يُصرح بعضها بأرباح مبالغ فيها مقارنة بحداثة تأسيسها وطبيعة نشاطها، في مؤشرات دفعت بالهيئة إلى فتح تدقيق شامل في المعاملات المالية والجبائية لهذه الكيانات.

وبالرغم من مظهرها القانوني – عبر فواتير وشيكات وتحويلات بنكية منتظمة – فإن هذه الشركات، التي تدّعي الاشتغال في مجالات كالألبسة، الطباعة، المواد الغذائية، والخدمات اللوجستيكية، لا تتوفر في الواقع على مقرات فعلية، بل تعتمد على التوطين المحاسبي، ما يُعزز فرضية “الشركات الورقية”.

المثير في هذا الملف أن أصحاب هذه الشركات يحرصون على التصريح بدقة بأرباحهم ودفع الضرائب، في خطوة تُفسَّر كمحاولة لدمج الأموال غير المشروعة في الدورة الاقتصادية، بعيداً عن أعين الرصد التقليدي الذي يُركّز على التهرب لا على الإفراط في التصريح.

وفي تطور لافت، أحالت الهيئة 71 ملفاً على النيابة العامة بمختلف المحاكم، منها ملفات جرى توجيهها للوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالرباط، مع الإشارة إلى تنامي الظاهرة بنسبة فاقت 31% خلال سنة واحدة، وارتباطها أيضاً بجرائم حديثة كالنصب عبر العملات المشفرة والرهانات الرياضية.

كما امتدت التحقيقات لتشمل علاقات محتملة بين هذه الكيانات وبعض الفاعلين البنكيين والمحاسبين، يُشتبه في لعبهم أدواراً تسهيلية لتمويه مصادر الأموال، ما يطرح أسئلة حقيقية حول يقظة القطاع المالي ومؤسسات الوساطة.

قضيةٌ تتجاوز الأرقام والمعاملات، لتطرح إشكالاً أخلاقياً واقتصادياً بالغ الخطورة: كيف تتحول بعض آليات الامتثال الجبائي إلى ممر آمن لغسل أموال قذرة؟
الأكيد أن ما كشفته الهيئة ليس سوى رأس جبل الجليد، بينما تبقى المعركة الأكبر في تفكيك بنية اقتصادية موازية تهدد شفافية الأسواق وثقة المستثمرين.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.