تعيين هشام بلاوي رئيسًا للنيابة العامة: قراءة في دلالات التغيير وتحديات المرحلة
في خطوة وُصفت بالمفصلية في مسار العدالة بالمغرب، عيّن جلالة الملك محمد السادس الأستاذ هشام بلاوي رئيسًا جديدًا للنيابة العامة، خلفًا للأستاذ مولاي الحسن الداكي. هذا التعيين يأتي في سياق حساس يتميّز بتحولات عميقة في المشهد القضائي، ومطالب شعبية متصاعدة بإصلاح العدالة، وتعزيز ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.
من هو هشام بلاوي؟
ينتمي الأستاذ هشام بلاوي إلى جيل جديد من الكفاءات القانونية والإدارية التي راكمت تجربة عريضة داخل مؤسسات العدالة، حيث شغل سابقًا منصب الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، واشتغل في مسارات متعددة تجمع بين البحث الأكاديمي والتدبير القضائي. هذه الخلفية تمنحه فهماً عميقاً لبنية النيابة العامة، وطبيعة الإشكالات المرتبطة بها، سواء على المستوى التنظيمي أو الميداني.
دلالات التعيين
تعيين بلاوي يحمل أكثر من رسالة. أولها أن المؤسسة الملكية ما تزال تتابع بدقة مسار إصلاح منظومة العدالة، ولا تتردد في إعادة توجيه البوصلة حين تقتضي الحاجة. ثانيًا، أن التغيير لا يعني بالضرورة القطيعة، بل الاستمرارية المُصحّحة، لا سيما وأن بلاوي كان قريبًا من دوائر القرار داخل النيابة العامة، ما يمنحه قدرة على فهم مكامن القوة والخلل في آن.
تحديات جسيمة في انتظار الرئيس الجديد
تنتظر هشام بلاوي ملفات ثقيلة تتطلب جرأة سياسية وحكمة قانونية، أبرزها:
- تعزيز استقلال النيابة العامة عن كل التأثيرات، مع الحفاظ على التنسيق المؤسساتي مع باقي السلطات.
- محاربة الفساد القضائي، وضمان المحاسبة والشفافية داخل الجسم القضائي.
- تقريب العدالة من المواطن، عبر تطوير آليات الشكايات، وتفعيل المراقبة على أداء وكلاء الملك والوكلاء العامين.
- الرقمنة وتحديث الإدارة القضائية، بما يضمن الفعالية والنجاعة في خدمة المتقاضين.
- الملاءمة مع مقتضيات النموذج التنموي الجديد، الذي يضع “ثقة المواطن” في قلب أولوياته.
رهانات المرحلة ومسؤولية الثقة
تعيين هشام بلاوي ليس مجرد تغيير في منصب، بل لحظة مفصلية تُعلّق عليها آمال كبيرة في إعادة الاعتبار للنيابة العامة كمؤسسة دستورية ذات دور محوري في صيانة الحقوق والحريات. والمسؤولية جسيمة، والثقة الممنوحة من جلالة الملك هي رسالة واضحة بأن الإصلاح القضائي لا يحتمل التأجيل، وأن زمن المجاملة داخل مؤسسات العدالة قد ولّى.